للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ٢٨ الى ٤٤]]

رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢)

مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٣) فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ مَا سَعى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦) فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧)

وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١) يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢)

فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (٤٤)

رَفَعَ سَمْكَها، سَقْفَهَا فَسَوَّاها، بِلَا شُقُوقٍ [١] وَلَا فُطُورٍ.

وَأَغْطَشَ، أَظْلَمَ، لَيْلَها، وَالْغَطْشُ وَالْغَبْشُ الظُّلْمَةُ، وَأَخْرَجَ ضُحاها، أَبْرَزَ وَأَظْهَرَ نَهَارَهَا وَنُورَهَا، وَأَضَافَهُمَا إِلَى السَّمَاءِ لِأَنَّ الظُّلْمَةَ وَالنُّورَ كِلَاهُمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ.

وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ، بَعْدَ خَلْقِ السَّمَاءِ، دَحاها، بَسَطَهَا، وَالدَّحْوُ: الْبَسْطُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ بِأَقْوَاتِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْحُوَهَا قَبْلَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَوَى إلى السماء فسواهن سبع سموات، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ. وقيل: معناه إذ الأرض مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) [الْقَلَمِ: ١٣] أَيْ مَعَ ذَلِكَ.

أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٣) فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤) يَعْنِي النَّفْخَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي فِيهَا الْبَعْثُ وَقَامَتِ الْقِيَامَةُ، وَسُمِّيَتِ الْقِيَامَةُ طَامَّةً لِأَنَّهَا تَطُمُّ عَلَى كُلِّ هَائِلَةٍ مِنَ الْأُمُورِ فَتَعْلُو فَوْقَهَا وَتَغْمُرُ مَا سِوَاهَا والطامة عِنْدَ الْعَرَبِ الدَّاهِيَةُ الَّتِي لَا تُسْتَطَاعُ.

يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ مَا سَعى (٣٥) ، مَا عَمِلَ فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ.

وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦) ، قَالَ مُقَاتِلٌ يُكْشَفُ عَنْهَا الْغِطَاءُ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا الْخَلْقُ.

فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) ، فِي كُفْرِهِ.

وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) ، عَلَى الْآخِرَةِ.

فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) ، عَنِ الْمَحَارِمِ الَّتِي تَشْتَهِيهَا، قَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالْمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ مَقَامَهُ لِلْحِسَابِ فَيَتْرُكُهَا.

فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١) يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢) ، مَتَى ظُهُورُهَا وَثُبُوتُهَا.

فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) ، لَسْتَ فِي شَيْءٍ مِنْ عِلْمِهَا وَذِكْرِهَا، أَيْ لَا تَعْلَمُهَا.

إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (٤٤) ، أَيْ مُنْتَهَى علمها عند الله.

[[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ٤٥ الى ٤٦]]

إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (٤٥) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَاّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (٤٦)

إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (٤٥) ، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ مُنْذِرٌ بِالتَّنْوِينِ أَيْ أَنْتَ مُخَوِّفٌ مَنْ يَخَافُ قِيَامَهَا، أَيْ إِنَّمَا يَنْفَعُ إِنْذَارُكَ مَنْ يَخَافُهَا.

كَأَنَّهُمْ، يَعْنِي كُفَّارَ قُرَيْشٍ، يَوْمَ يَرَوْنَها، يُعَايِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَمْ يَلْبَثُوا، فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ:

فِي قُبُورِهِمْ، إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها، قَالَ الْفَرَّاءُ: لَيْسَ لِلْعَشِيَّةِ ضحى إنما الضحى اسم لصدر النهار،


(١) في المخطوط «سطور» .

<<  <  ج: ص:  >  >>