للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٥٠ الى ٥١]]

وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١)

وَمُصَدِّقاً عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَرَسُولًا، لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ، مِنَ اللُّحُومِ وَالشُّحُومِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَرَادَ بِالْبَعْضِ الْكُلَّ، يَعْنِي: كُلَّ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ، وقد ذكر الْبَعْضُ وَيُرَادُ بِهِ الْكُلُّ كَقَوْلِ لَبِيدٍ:

تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أرضها ... أو يرتبط بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا

يَعْنِي: كُلَّ النُّفُوسِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ، يَعْنِي: مَا ذَكَرَ [١] مِنَ الْآيَاتِ، وَإِنَّمَا وَحَّدَهَا لِأَنَّهَا كُلَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى رِسَالَتِهِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٥٢]]

فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢)

فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى، أي: وجد، قال الْفَرَّاءُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: عَرَفَ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: رَأَى، مِنْهُمُ الْكُفْرَ وأرادوا قتله استنصر عليهم، قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ، قَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا بعثه الله تعالى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَمَرَهُ بِالدَّعْوَةِ نَفَتْهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَخْرَجُوهُ، فَخَرَجَ هُوَ وَأُمُّهُ يَسِيحَانِ [٢] فِي الْأَرْضِ، فَنَزَلَ فِي قَرْيَةٍ عَلَى رَجُلٍ فَأَضَافَهُمَا وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمَا وَكَانَ لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ جَبَّارٌ مُتَعَدٍّ فَجَاءَ ذَلِكَ الرجل يوما مغتما [٣] حَزِينًا فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَمَرْيَمُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ، فَقَالَتْ لَهَا مَرْيَمُ: مَا شَأْنُ زَوْجِكِ أَرَاهُ كَئِيبًا، قَالَتْ: لَا تَسْأَلِينِي، قَالَتْ: أَخْبِرِينِي لَعَلَّ اللَّهَ يُفَرِّجُ كُرْبَتَهُ، قَالَتْ: إِنَّ لَنَا مَلِكًا يَجْعَلُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا يَوْمًا أَنْ يُطْعِمَهُ وَجُنُودَهُ وَيَسْقِيَهُمُ الْخَمْرَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ عَاقَبَهُ، وَالْيَوْمَ نَوْبَتُنَا وَلَيْسَ لِذَلِكَ عِنْدَنَا سَعَةٌ، قَالَتْ: فَقُولِي له لا تهتم فَإِنِّي آمُرُ ابْنِي فَيَدْعُو لَهُ فَيُكْفَى ذَلِكَ، فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ عِيسَى: إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ وَقَعَ شرّ، قالت: فلا تبالي فَإِنَّهُ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْنَا وَأَكْرَمَنَا، قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَقُولِي لَهُ إِذَا اقْتَرَبَ ذَلِكَ فَامْلَأْ قُدُورَكَ وَخَوَابِيكَ مَاءً، ثُمَّ أَعْلِمْنِي، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَتَحَوَّلَ مَاءُ الْقُدُورِ [٤] مَرَقًا وَلَحْمًا وَمَاءُ الْخَوَابِي خَمْرًا لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثْلَهُ قَطُّ، فَلَمَّا جَاءَ الْمَلِكُ أَكَلَ فَلَمَّا شَرِبَ الْخَمْرَ قَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا الْخَمْرُ؟ قَالَ: مَنْ أَرْضِ كَذَا، قَالَ الْمَلِكُ: فَإِنَّ خَمْرِي مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ وَلَيْسَتْ مِثْلَ هَذِهِ، قَالَ: هِيَ مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى، فَلَمَّا خَلَطَ عَلَى الْمَلِكِ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، قَالَ: فَأَنَا أُخْبِرُكَ عِنْدِي غُلَامٌ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَإِنَّهُ دَعَا اللَّهُ فَجَعَلَ الْمَاءَ خَمْرًا [٥] ، وَكَانَ لِلْمَلِكِ ابْنٌ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَخْلِفَهُ فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ، وَكَانَ أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا دَعَا اللَّهَ حتى جعل الماء خمرا ليجاء به إليّ حَتَّى يُحْيِيَ ابْنِي، فَدَعَا عِيسَى فَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ عِيسَى: لَا تَفْعَلْ فَإِنَّهُ إِنْ عَاشَ وقع شر، قال الْمَلِكُ: لَا أُبَالِي أَلَيْسَ أَرَاهُ حيا؟ فقال عِيسَى: إِنْ أَحْيَيْتُهُ تَتْرُكُونِي وَأُمِّي نذهب حيث


(١) في المخطوط «ذكرنا» .
(٢) في المطبوع «يسبحان» . [.....]
(٣) في المطبوع وط «مهتما» .
(٤) في المطبوع «القدر» .
(٥) زيد في المطبوع وحده «ومرقا ولحما» .

<<  <  ج: ص:  >  >>