للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله تعالى: نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ

:

ع «٧٣٥» وَذَلِكَ أَنَّ وَفْدَ نَجْرَانَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ تَعِيبُ صَاحِبَنَا فتقول: إنه عبد الله ورسوله، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيْسَ بِعَارٍ لِعِيسَى [١] عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لله» ، فنزل: نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ

لَنْ يَأْنَفَ وَلَنْ يَتَعَظَّمَ، وَالِاسْتِنْكَافُ: التَّكَبُّرُ مَعَ الْأَنَفَةِ، لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ

، وَهُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، لَا يَأْنَفُونَ أَنْ يَكُونُوا عَبِيدًا لِلَّهِ، وَيَسْتَدِلُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ يَقُولُ بِتَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْبَشَرِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ارْتَقَى مِنْ عِيسَى إِلَى الْمَلَائِكَةِ وَلَا يُرْتَقَى إِلَّا إِلَى الْأَعْلَى، لَا يُقَالُ: لا يستنكف فلان من كذا وَلَا عَبْدُهُ، إِنَّمَا يُقَالُ: فُلَانٌ لَا يَسْتَنْكِفُ مِنْ هَذَا وَلَا مَوْلَاهُ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ رَفْعًا لِمَقَامِهِمْ عَلَى مَقَامِ الْبَشَرِ، بَلْ رَدًّا عَلَى الَّذِينَ يَقُولُونَ الْمَلَائِكَةُ آلِهَةٌ، كَمَا رَدَّ عَلَى النَّصَارَى قَوْلَهُمْ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَقَالَ رَدًّا عَلَى النَّصَارَى بِزَعْمِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِتَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: مَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً

، قِيلَ: الِاسْتِنْكَافُ هُوَ التَّكَبُّرُ مَعَ الْأَنَفَةِ، وَالِاسْتِكْبَارُ: هُوَ الْعُلُوُّ وَالتَّكَبُّرُ مِنْ غَيْرِ أَنَفَةٍ.

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ، مِنَ التَّضْعِيفِ، مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَر، وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا، عَنْ عِبَادَتِهِ، فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ، يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقِيلَ: هُوَ الْقُرْآنُ، وَالْبُرْهَانُ: الْحُجَّةُ، وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً، بيّنا يَعْنِي الْقُرْآنَ.

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ، امْتَنَعُوا بِهِ مِنْ زَيْغِ الشَّيْطَانِ، فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ، يَعْنِي الْجَنَّةَ، وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً.

[[سورة النساء (٤) : آية ١٧٦]]

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ع «٧٣٦» نَزَلَتْ فِي جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: عَادَنِي [٢] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلَتُ [٣] فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله لمن الميراث وإنما [٤] يرثني كلالة؟ فنزلت


٧٣٥- ع باطل. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» (٣٧٧) عن الكلبي بلا سند، والكلبي متهم لا حجة فيه.
٧٣٦- ع صحيح. أخرجه مسلم ١٦١٦ ح ٥ من حديث جابر بتمامه. وأخرجه البخاري ١٩٤ و٥٦٧٦ و٦٧٤٣ وفيه «حتى نزلت آية الفرائض» بدل قَوْلُهُ تَعَالَى يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ وانظر ما تقدم برقم: ٥٣٧.
(١) في المطبوع «بعيسى» .
(٢) تصحف في المخطوط «دعاني» .
(٣) تصحف في المطبوع «فعلقت» .
(٤) تصحف في المطبوع «إنهما» . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>