للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهذا، يَعْنِي: الْقُرْآنَ، كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إليك مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ، فاعملوا بِمَا فِيهِ، وَاتَّقُوا، وَأَطِيعُوا، لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.

أَنْ تَقُولُوا، يَعْنِي: لِئَلَّا تَقُولُوا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا [النِّسَاءِ: ١٧٦] ، أَيْ:

لِئَلَّا تَضِلَّوا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنْزَلْنَاهُ كراهة أن تضلوا أَنْ تَقُولُوا، قَالَ الْكِسَائِيُّ: مَعْنَاهُ: واتقوا أَنْ تَقُولُوا يَا أَهْلَ مَكَّةَ، إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا، يَعْنِي: الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، وَإِنْ كُنَّا، وَقَدْ كُنَّا، عَنْ دِراسَتِهِمْ قِرَاءَتِهِمْ، لَغافِلِينَ، لَا نَعْلَمُ مَا هِيَ، مَعْنَاهُ: أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْقُرْآنَ لِئَلَّا تَقُولُوا إِنَّ الْكِتَابَ أُنْزِلَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا بِلِسَانِهِمْ وَلُغَتِهِمْ فَلَمْ نَعْرِفْ مَا فِيهِ وَغَفَلْنَا عَنْ دِرَاسَتِهِ، فَتَجْعَلُونَهُ عُذْرًا لِأَنْفُسِكُمْ.

أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ، وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْكُفَّارِ قَالُوا ذَلِكَ لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا مَا أُنْزِلَ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَكُنَّا خَيْرًا مِنْهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ، حُجَّةٌ وَاضِحَةٌ بِلُغَةٍ تَعْرِفُونَهَا، وَهُدىً بَيَانٌ وَرَحْمَةٌ وَنِعْمَةٌ لِمَنِ [١] اتَّبَعَهُ، فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ، أَعْرَضَ، عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ، أي: شِدَّةَ الْعَذَابِ، بِما كانُوا يَصْدِفُونَ، يعرضون.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٥٨]]

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٥٨)

قَوْلُهُ تَعَالَى: هَلْ يَنْظُرُونَ، أَيْ: هَلْ يَنْتَظِرُونَ بَعْدَ تَكْذِيبِهِمُ الرُّسُلَ وَإِنْكَارِهِمُ الْقُرْآنَ، إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ، لتقبض أَرْوَاحِهِمْ، وَقِيلَ: بِالْعَذَابِ، قَرَأَ حَمْزَةُ والكسائي (يأتيهم) بالياء هنا وَفِي النَّحْلِ، وَالْبَاقُونَ بِالتَّاءِ، أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ، بِلَا كَيْفٍ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ خَلْقِهِ فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ.

«٩٠٣» أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ، «يَعْنِي: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا» ، عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وَرَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ مَرْفُوعًا. يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَيْ:

لَا يَنْفَعُهُمُ الْإِيمَانُ عِنْدَ ظُهُورِ الْآيَةِ الَّتِي تَضْطَرُّهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً، يُرِيدُ: لَا يُقْبَلُ إِيمَانُ كَافِرٍ وَلَا تَوْبَةُ فَاسِقٍ، قُلِ انْتَظِرُوا، يَا أَهْلَ مَكَّةَ، إِنَّا مُنْتَظِرُونَ، بِكُمُ الْعَذَابَ.

«٩٠٤» أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ ثَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ محمش الزيادي ثنا أبو


٩٠٣- حديث أبي سعيد الخدري أخرجه الترمذي ٣٠٧١ وأحمد (٣/ ٣١) وأبو يعلى ١٣٥٣، وإسناده ضعيف، فيه مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ليلى، وهو سيّئ الحفظ وعطية العوفي ضعيف، وحسنه الترمذي، وذكر أن بعضهم رواه موقوفا اهـ ومع ذلك، فمثله لا يقال بالرأي، ويشهد له ما بعده.
٩٠٤- إسناده صحيح، على شرط مسلم لتفرده عن أحمد بن يوسف، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم، معمر هو ابن راشد.
وهو في «شرح السنة» ٤١٣٩ بهذا الإسناد مطوّلا.
(١) تصحف في المطبوع «لم» وفي ب «لن» .

<<  <  ج: ص:  >  >>