للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُمُعَةِ كَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَجَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ كَمَا هَلَّ الْهِلَالُ، وَإِنْ لَمْ يَجِئْ كُلُّهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْهُ فَأَمَّا الْمُضِيُّ فَعِبَارَةٌ عَنْ جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْيَوْمِ، وَقَدْ وُجِدَ مِنْ حِينِ حَلَفَ مُضِيُّ بَعْضِ يَوْمٍ لَا مُضِيُّ كُلِّهِ فَوَجَبَ ضَرُورَةُ تَتْمِيمِهِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي لِيَتَحَقَّقَ مُضِيُّ جَمِيعِ يَوْمٍ اهـ.

وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ " فِي " لِلظَّرْفِيَّةِ وَتُجْعَلُ شَرْطًا لِلتَّعَذُّرِ إلَى أَنْ قَالَ: وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَتَنَجَّزُ، وَالْوَكِيلُ بِهِ يَمْلِكُ ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَةً قَالَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَنْت طَالِقٌ فِي مُضِيِّ الْيَوْمِ يَقَعُ عِنْدَ غُرُوبِهَا، وَفِي مُضِيِّ الْيَوْمِ عِنْدَ مَجِيءِ تِلْكَ السَّاعَةِ وَكَذَا فِي مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ قَالَ لَيْلًا يَقَعُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي الثَّالِثِ اهـ.

وَصُورَةُ التَّوْكِيلِ بِهِ أَنْ يَقُولَ لِآخَرَ طَلِّقْ امْرَأَتِي فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِيقَاعَ لَا يَمْتَدُّ فَاقْتَضَى التَّفْرِيقَ بِخِلَافِ وَصْفِهَا بِالطَّلَاقِ فِي الثَّلَاثَةِ.

(فَصْلٌ) يَعْنِي فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ ذَكَرَ فِي بَابِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ فَصَلَيْنَ بِاعْتِبَارِ تَنْوِيعِ الْإِيقَاعِ أَيْ مَا بِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا إلَى مُضَافٍ وَمَوْصُوفٍ وَمُشَبَّهٍ وَغَيْرُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَدْخُولٍ بِهَا وَغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا وَكُلٌّ مِنْهَا صِنْفٌ تَحْتَ ذَلِكَ الصِّنْفِ الْمُسَمَّى بَابًا كَمَا أَنَّ الْبَابَ يَكُونُ تَحْتَ الصِّنْفِ الْمُسَمَّى كِتَابًا، وَالْكُلُّ تَحْتَ الصِّنْفِ الَّذِي هُوَ نَفْسُ الْعِلْمِ الْمُدَوَّنِ فَإِنَّهُ صِنْفٌ عَالٍ، وَالْعِلْمُ مُطْلَقًا بِمَعْنَى الْإِدْرَاكِ جِنْسٌ وَمَا تَحْتَهُ مِنْ الْيَقِينِ، وَالظَّنِّ نَوْعٌ، وَالْعُلُومُ الْمُدَوَّنَةُ تَكُونُ ظَنِّيَّةً كَالْفِقْهِ وَقَطْعِيَّةً كَالْكَلَامِ، وَالْحِسَابِ، وَالْهَنْدَسَةِ فَوَاضِعُ الْعِلْمِ لَمَّا لَاحَظَ الْغَايَةَ الْمَطْلُوبَةَ لَهُ فَوَجَدَهَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْعِلْمِ بِأَحْوَالٍ شَتَّى أَوْ أَشْيَاءَ مِنْ جِهَةٍ خَاصَّةٍ وَضَعَهُ لِيَبْحَثَ عَنْ أَحْوَالِهِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ فَقَدْ قَيَّدَ ذَلِكَ النَّوْعَ مِنْ الْعِلْمِ بِعَارِضٍ كُلِّيٍّ فَصَارَ صِنْفًا وَقِيلَ الْوَاضِعُ صَنَّفَ الْعِلْمَ أَيْ جَعَلَهُ صِنْفًا فَالْوَاضِعُ أَوْلَى بِاسْمِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُؤَلِّفِينَ، وَإِنْ صَحَّ أَيْضًا فِيهِمْ وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهَا تَتَبَايَنُ مُنْدَرِجَةً تَحْتَ صِنْفٍ أَعْلَى لِتَبَايُنِ الْعَوَارِضِ الْمُقَيَّدِ بِكُلٍّ مِنْهَا النَّوْعُ وَإِنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ نَحْوِ كِتَابِ الْحَوَالَةِ اللَّائِقُ بِهِ خِلَافُ تَسْمِيَتِهِ بِكِتَابٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالصِّنْفُ فِي اللُّغَةِ الطَّائِفَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَقِيلَ النَّوْعُ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ قَوْلُهُ: (أَنْت طَالِقٌ غَدًا أَوْ فِي غَدٍ تَطْلُقُ عِنْدَ الصُّبْحِ) لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِالطَّلَاقِ فِي جَمِيعِ الْغَدِ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ جَمِيعَهُ هُوَ مُسَمَّى الْغَدِ فَتَعَيَّنَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ، وَفِي الثَّانِي وَصَفَهَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ وَأَفَادَ أَنَّهُ إذَا أَضَافَهُ إلَى وَقْتٍ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ لِلْحَالِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَقَالَ مَالِكٌ يَقَعُ فِي الْحَالِ إذَا كَانَ الْوَقْتُ يَأْتِي لَا مَحَالَةَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ دَخَلَ رَمَضَانُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ بِالتَّدْبِيرِ فَإِنَّ الْمَوْتَ يَأْتِي زَمَانُهُ لَا مَحَالَةَ وَلَا يَتَنَجَّزُ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الطَّلَاقَ يَتَأَقَّتُ.

فَإِذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَعْدَ الْعَشَرَةِ وَتَكُونُ إلَى بِمَعْنَى بَعْدَ، وَالْعِتْقُ، وَالْكَفَالَةُ إلَى شَهْرٍ كَالطَّلَاقِ إلَيْهِ وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ كَفِيلٌ فِي الْحَالِ، وَالْفَتْوَى أَنَّهُ كَفِيلٌ بَعْدَ شَهْرٍ، وَالْأَمْرُ بِالْيَدِ إلَى عَشَرَةٍ صَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا لِلْحَالِ وَيَزُولُ بِمُضِيِّهَا وَلَوْ نَوَى أَنْ يَكُونَ بِيَدِهَا بَعْدَ الْعَشَرَةِ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، وَالْبَيْعُ إلَى شَهْرٍ تَأْجِيلٌ لِلثَّمَنِ، وَالْوَكَالَةُ تَقْبَلُ التَّأْقِيتَ حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يَصِحُّ، وَفِي الْإِجَارَةِ إلَى شَهْرٍ تَعَيَّنَ مَا يَلِي الْعَقْدَ وَتَمَّتْ بِمُضِيِّهِ وَكَذَا فِي الْمُزَارَعَةِ، وَالشِّرْكَةِ إلَى شَهْرٍ كَالْإِجَارَةِ، وَالصُّلْحِ إلَى شَهْرٍ، وَالْقِسْمَةُ إلَيْهِ لَا تَصِحُّ، وَالْإِبْرَاءُ إلَى شَهْرٍ كَالطَّلَاقِ إلَّا إذَا قَالَ أَرَدْت التَّأْخِيرَ فَيَكُونُ تَأْجِيلًا إلَيْهِ، وَالْإِقْرَارُ إلَى شَهْرٍ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ ثَبَتَ الْأَجَلُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَزِمَ الْمَالُ حَالًّا، وَالْقَوْلُ لَهُ وَإِذْنُ الْعَبْدِ لَا يَتَأَقَّتُ، وَالتَّحْكِيمُ، وَالْقَضَاءُ يَقْبَلَانِ التَّأْقِيتَ نَهْيُ الْوَكِيلِ عَنْ الْبَيْعِ يَوْمًا يَتَأَقَّتُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ لِبَيَانِ مَا يَتَوَقَّتُ وَمَا لَا يَتَوَقَّتُ ذَكَرْتهَا هُنَا لِكَثْرَةِ فَوَائِدِهَا وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ، وَفِيهَا مِنْ الْأَيْمَانِ أَنْتِ كَذَا إذَا جَاءَ غَدٌ يَمِينٌ أَنْتِ كَذَا غَدًا لَيْسَ بِيَمِينٍ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ، وَالطَّلَاقُ الْمُضَافُ إلَى وَقْتَيْنِ يَنْزِلُ عِنْدَ أَوَّلِهِمَا، وَالْمُعَلَّقُ

ــ

[منحة الخالق]

[فَصْلٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ]

فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الطَّلَاقَ يَتَأَقَّتُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ يَقَعُ بَعْدَ السَّنَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْقِيتَ فَتَكُونُ هَذِهِ إضَافَةً لِلْإِيقَاعِ إلَى مَا بَعْدَ السَّنَةِ. اهـ.

فَالْحُكْمُ مُوَافِقٌ، وَالْعِلَّةُ مُخَالِفَةٌ لِمَا هُنَا، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْأَمْرَ يَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ تَكُونُ إلَى بِمَعْنَى بَعْدُ لِأَنَّ تَأْجِيلَ الْوُقُوعِ غَيْرُ مُمْكِنٌ فَأَجَّلَ الْإِيقَاعَ وَلَوْ نَوَى أَنْ يَقَعَ فِي الْحَالِ يَقَعُ اهـ.

فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ لَا سَاقِطَةً سَهْوًا أَوْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَ أَرَدْت التَّأْخِيرَ) فَيَكُونُ تَأْجِيلًا إلَيْهِ لِلْمُؤَلَّفِ فِي هَذَا بَحْثٌ يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي بَابِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ (قَوْلُهُ: وَالطَّلَاقُ الْمُضَافُ إلَى وَقْتَيْنِ) أَيْ مُسْتَقْبَلَيْنِ فَلَوْ أَحَدُهَا حَالًّا فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَفِي الْيَوْمِ غَدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>