للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّتُهَا لِلْإِرْثِ وَقْتَ الْمَوْتِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ مَعًا ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوْجُ، وَمَاتَ لَا تَرِثُ مِنْهُ لِأَنَّهَا مُرْتَدَّةٌ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ مُرْتَدًّا وَرِثَتْهُ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ قَدْ وَقَعَتْ بِبَقَاءِ الزَّوْجِ عَنْ الرِّدَّةِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ ارْتِدَادِهِ ابْتِدَاءً، وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ فَمَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَلَهُ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَتْ، وَلَوْ ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ فَمَاتَتْ أَوْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ مُعْتَدَّةً لَمْ يَرِثْ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً فَارْتَدَّتْ ثُمَّ مَاتَتْ وَرِثَ الزَّوْجُ مِنْهَا اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ الْفُرْقَةَ حَصَلَتْ بَعْدَمَا تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِمَالِهَا، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا غَدًا ثُمَّ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْغَدِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ مِنْهُ فِي الْحَالِ، وَلَوْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى حَالَةٍ يَثْبُتُ لَهَا الْإِرْثُ فِيهَا فَلَا يَصِيرُ فَارًّا، وَلَوْ قَالَ إنْ أَسْلَمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَرِثَتْ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى مَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ حَالَةُ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِإِسْلَامِهَا تَرِثُ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ امْرَأَةُ الْكَافِرِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ، وَمَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَرِثُ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ حَصَلَ فِي حَالَةٍ لَا تَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ الْإِرْثَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أُعْتِقَ لَا تَرِثُ. اهـ. .

(قَوْلُهُ وَإِنْ طَاوَعَتْ ابْنَ الزَّوْجِ أَوْ لَاعَنَ أَوْ آلَى مَرِيضًا وَرِثَتْ) يَعْنِي لَوْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ طَاوَعَتْ ابْنَ الزَّوْجِ تَرِثُ لِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ لِلْإِرْثِ لَمْ تَبْطُلْ بِالْمُطَاوَعَةِ لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ لَا تُنَافِي الْإِرْثَ قَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُطَاوَعَةِ بَعْدَ الْإِبَانَةِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ لَوْ وَقَعَتْ بِتَقْبِيلِ ابْنِ زَوْجِهَا لَا تَرِثُ مُطَاوِعَةً كَانَتْ أَوْ مُكْرَهَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ مُطَاوِعَةً فَلِرِضَاهَا بِإِبْطَالِ حَقِّهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُكْرَهَةً فَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الزَّوْجِ إبْطَالُ حَقِّهَا الْمُتَعَلِّقِ بِالْإِرْثِ لِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ اقْتِصَارِ الشَّارِحِينَ عَلَى الْمُطَاوَعَةِ لَا يَنْبَغِي، وَخَرَجَ مَا لَوْ طَاوَعَتْهُ بَعْدَ الرَّجْعِيِّ، وَأَنَّهَا لَا تَرِثُ كَمَا لَوْ طَاوَعَتْهُ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ طَاوَعَتْ ابْنَ زَوْجِهَا، وَهِيَ مَرِيضَةٌ ثُمَّ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَهَا الزَّوْجُ اسْتِحْسَانًا. اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْمُطَاوَعَةِ لِأَنَّهَا لَوْ قَبَّلَتْهُ لَا تَرِثُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ إنَّمَا وَرِثَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِفِعْلِهَا، وَهُوَ آخِرُ اللَّعَّانِينَ لِأَنَّهُ يَلْحَقُ بِالتَّعْلِيقِ بِفِعْلٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ إذْ هِيَ مُلْجَأَةٌ إلَى الْخُصُومَةِ لِدَفْعِ عَارِ الزِّنَا عَنْ نَفْسِهَا، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْقَذْفُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِكَوْنِ اللِّعَانِ فِي الْمَرَضِ، وَفِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ، وَأَرَادَ بِالْإِيلَاءِ فِي الْمَرَضِ أَنْ يَكُونَ مَضَى الْمُدَّةُ فِي الْمَرَضِ أَيْضًا لِأَنَّ الْإِيلَاءَ فِي مَعْنَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ حَالِيَّةٍ عَنْ الْوِقَاعِ فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِالتَّعْلِيقِ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيقُ، وَالشَّرْطُ فِي مَرَضِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ آلَى فِي صِحَّتِهِ، وَبَانَتْ مِنْهُ فِي مَرَضِهِ لَا) أَيْ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ فِي مَرَضِهِ لَا تَرِثُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيقُ، وَالشَّرْطُ فِي مَرَضِهِ، وَهُنَا، وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ إبْطَالِهِ بِالْفَيْءِ لَكِنْ بِضَرَرٍ يَلْزَمُهُ، وَهُوَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا مُطْلَقًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ عَزْلِهِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ طَلَّقَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ قَالَ لَهَا إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ طَلَقَتْ ثَلَاثًا فَإِنْ مَاتَ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَهَذَا مَوْتٌ فِي عِدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فَيَبْطُلُ حُكْمُ ذَلِكَ الْفِرَارُ بِالتَّزَوُّجِ، وَإِنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ حَصَلَ بِفِعْلِهِمَا فَلَا يَكُونُ فَارًّا، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِتَمَامِ الْعِدَّةِ الْأُولَى فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْأَوَّلُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْأَوَّلُ فِي الصِّحَّةِ لَمْ تَرِثْ. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابُ الرَّجْعَةِ]

بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ، وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَأَمَّا الرَّجْعَةُ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَبِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَبَعْضُهُمْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَتْحِ، وَهُوَ أَفْصَحُ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ، وَالرَّجْعَةُ مُرَاجَعَةُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ، وَقَدْ تُكْسَرُ، وَهُوَ يَمْلِكُ

ــ

[منحة الخالق]

بَابُ الرَّجْعَةِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>