للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُبْطِلَ لِلْعِصْمَةِ عَمَلٌ عَمِلَهُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ حَتَّى احْتَسَبَتْ الْأَقْرَاءَ الْمَاضِيَةَ مِنْ الْعِدَّةِ فَكَانَتْ الْمُسَافَرَةُ بِأَجْنَبِيَّةٍ أَمَّا إذَا رَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ عَمَلَهُ فَزَالَتْ الْحُرْمَةُ.

(قَوْلُهُ وَالطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ) لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْآيَاتِ، وَالْمَعْنَى أَوَّلَ الْبَابِ فَلَا يَلْزَمُ بِهِ عُقْرٌ وَالشَّافِعِيُّ لَمَّا حَرَّمَهُ أَوْجَبَ لَهُ الْعُقْرَ، وَفِي الْمِعْرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى الرَّوْضَةِ لِلشَّافِعِيَّةِ لَوْ وَطِئَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ لَا يَجِبُ التَّعْزِيرُ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ يَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ، وَإِلَّا فَيَجِبُ، وَلَوْ وَطِئَهَا، وَلَمْ يُرَاجِعْهَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ رَاجَعَهَا فَالنَّصُّ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي خَمْسِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي آيَةِ الْمِيرَاثِ، وَالْإِيلَاءِ، وَالظِّهَارِ، وَاللِّعَانِ، وَالطَّلَاقِ، وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَكَذَا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ فِي الرَّجْعَةِ، وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ لَفْظَةِ النِّكَاحِ، وَالتَّزْوِيجِ، وَرِضَاهَا عِنْدَ الْكُلِّ. اهـ.

وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْخَلْوَةَ بِهَا لَا تَحْرُمُ لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةً تَنْزِيهِيَّةً إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَصْدِهِ الْمُرَاجَعَةُ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا الْقَسْمُ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَهَا الْقَسْمُ فَخَلَا بِهَا فَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الْمِسَاسِ بِشَهْوَةٍ فَيَصِيرُ مُرَاجِعًا، وَهُوَ لَا يُرِيدُهَا فَيُطَلِّقُهَا فَتَطُولُ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْ قَصْدِهِ الْمُرَاجَعَةُ كَانَ لَهَا الْقَسْمُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

[فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ]

(قَوْلُهُ وَيَنْكِحُ مُبَانَتَهُ فِي الْعِدَّةِ، وَبَعْدَهَا) أَيْ الْمُبَانَةُ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ لِأَنَّ الْمَحَلِّيَّةَ بَاقِيَةٌ لِأَنَّ زَوَالَهَا مُعَلَّقٌ بِالطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ فَيَنْعَدِمُ قَبْلَهَا، وَمَنَعَ الْغَيْرُ فِي الْعِدَّةِ لِاشْتِبَاهِ النَّسَبِ، وَلَا اشْتِبَاهَ فِي الْإِطْلَاقِ لَهُ (قَوْلُهُ لَا الْمُبَانَةُ بِالثَّلَاثِ لَوْ حُرَّةً، وَبِالثِّنْتَيْنِ لَوْ أَمَةً حَتَّى يَطَأَهَا غَيْرُهُ، وَلَوْ مُرَاهِقًا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَتَمْضِي عِدَّتُهُ لَا بِمِلْكِ يَمِينٍ) أَيْ لَا يَنْكِحُ مُبَانَتَهُ بِالْبَيْنُونَةِ الْغَلِيظَةَ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ، وَأَمَّا مَا عَنْ الْمُشْكِلَاتِ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثَلَاثًا فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِلَا تَحْلِيلٍ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] فَفِي الْمَدْخُولِ بِهَا اهـ.

فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَةً فَلَا يَقَعُ إلَّا بِالْأُولَى لَا الثَّلَاثِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُخَارِيُّ شَارِحُ الدُّرَرِ فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّهَا زَلَّةٌ عَظِيمَةٌ إلَى أَنْ قَالَ لَا يَبْعُدُ إكْفَارُ مُخَالِفِهِ، وَفِي الْقُنْيَةِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِ فِي أَنَّ الدُّخُولَ بِهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صَيْرُورَتِهَا حَلَالًا لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ قَضَى بِهِ قَاضٍ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فَإِنَّ شَرْطَ الدُّخُولِ ثَبَتَ بِالْآثَارِ الْمَشْهُورَةِ م فع يَحْتَالُ فِي التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ، وَيَأْخُذُ الرِّشَى بِذَلِكَ، وَيُزَوِّجُهَا لِلْأَوَّلِ بِدُونِ دُخُولِ الثَّانِي هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ، وَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالُوا أَنْ يُسَوَّدَ وَجْهُهُ، وَيُبْعَدَ فع فَقِيهٌ يُفْتِي بِمَذْهَبِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَيُزَوِّجُ لِلْأَوَّلِ قَالَ بَقِيَتْ مُطَلَّقَةً بِثَلَاثٍ، وَيُعَزَّرُ الْفَقِيهُ. اهـ. وَشَمِلَ مَا إذَا طَلَّقَهَا أَزْوَاجُ كُلِّ زَوْجٍ ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ فَدَخَلَ بِهَا تَحِلُّ لِلْكُلِّ.

وَأَشَارَ بِالْوَطْءِ إلَى أَنَّ الشَّرْطَ الْإِيلَاجُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ عَنْ قُوَّةِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مَلْفُوفًا بِخِرْقَةٍ إذَا كَانَ يَجِدُ لَذَّةَ حَرَارَةِ الْمَحَلِّ فَلَوْ أَوْلَجَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ لَا بِقُوَّتِهِ بَلْ بِمُسَاعَدَةِ الْيَدِ لَا يُحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ إلَّا إنْ انْتَعَشَ، وَعَمِلَ بِخِلَافِ مَنْ فِي آلَتِهِ فُتُورٌ، وَأَوْلَجَهَا فِيهَا حَتَّى الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِهِ، وَخَرَجَ الْمَجْبُوبُ الَّذِي لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ يُولِجُ فِي مَحَلِّ الْخِتَانِ فَلَا تَحِلُّ بِسَحْقِهِ حَتَّى تَحْبَلَ، وَدَخَلَ الْخَصِيُّ الَّذِي مِثْلُهُ يُجَامِعُ فَيُحِلُّهَا، وَأَرَادَ بِالْمُرَاهِقِ الَّذِي مِثْلُهُ يُجَامِعُ، وَتَتَحَرَّكُ آلَتُهُ، وَيَشْتَهِي الْجِمَاعَ، وَقَدَّرَهُ شَمْسُ الْإِسْلَامِ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ فَلَا يُحِلُّهَا، وَأَطْلَقَ الْوَطْءَ فَشَمِلَ مَا إذَا وَطِئَهَا فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ

ــ

[منحة الخالق]

فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ) .

(قَوْلُهُ وَشَمِلَ مَا إذَا طَلَّقَهَا أَزْوَاجٌ) يُوجَدُ قَبْلَ هَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْمِعْرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى الرَّوْضَةِ لِلشَّافِعِيَّةِ لَوْ وَطِئَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ لَا يَجِبُ التَّعْزِيرُ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ يَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ، وَإِلَّا فَيَجِبُ، وَلَوْ وَطِئَهَا، وَلَمْ يُرَاجِعْهَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ رَاجَعَهَا فَالنَّصُّ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي خَمْسِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي آيَةِ الْمِيرَاثِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ وَالطَّلَاقِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَكَذَا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ فِي الرَّجْعَةِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ لَفْظَةِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَرِضَاهَا عِنْدَ الطَّلَاقِ اهـ مَا يُوجَدُ، وَلَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ انْتَعَشَ، وَعَمِلَ) قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُحِلُّهَا كَذَا فِي شَرْحِ الزَّاهِدِيِّ (قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِالْمُرَاهِقِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي شَرْحِ النَّافِعِ لِلْمُصَنِّفِ إذَا جَامَعَهَا الْمُرَاهِقُ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِنْهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ غَيْرُ وَاقِعٍ ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>