للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَوْلُهُ وَسَقَطَ الْإِيلَاءُ) بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ حَتَّى لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالْحِنْثِ، وَسَوَاءٌ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ عَلَى الْأَبَدِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَانَتْ) أَيْ إنْ لَمْ يَطَأْ فِي الْمُدَّةِ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَقَعَتْ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ التَّخَلُّصُ مِنْ الظُّلْمِ، وَلَا يَكُونُ بِالرَّجْعِيِّ لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى عِصْمَتِهِ، وَيُعِيدَ الْإِيلَاءَ فَتَعَيَّنَ الْبَائِنُ لِتَمْلِكَ نَفْسَهَا، وَتَزُولَ سَلْطَنَتُهُ عَنْهَا جَزَاءً لِظُلْمِهِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ وَقْتِ الْبَيْنُونَةِ، وَبِهِ فَارَقَ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَوْجَبَ بَيْنُونَةً فِي ثَانِي الْحَالِ كَالْإِيلَاءِ لَكِنَّ الْعِدَّةَ فِيهِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَا الْبَيْنُونَةِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ قَدْ جَامَعَهَا فَإِنْ ادَّعَى فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الْمَعْرُوفِ أَنَّهُ مَتَى أَقَرَّ بِمَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ لَا يَكُونُ مُتَّهَمًا فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَقَالَتِهِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ أَنَّهُ قَدْ جَامَعَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِإِقْرَارِهِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ، وَهِيَ مِنْ أَعْجَبِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَيَتَمَكَّنُ مِنْ إثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ وَسَقَطَ الْيَمِينُ لَوْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) لِأَنَّهَا مُوَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ فَلَا تَبْقَى بَعْدَ مُضِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَتْ لَوْ عَلَى الْأَبَدِ) أَيْ بَقِيَتْ الْيَمِينُ لَوْ كَانَ حَلَفَ عَلَى الْأَبَدِ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ لِعَدَمِ مَا يُبْطِلُهَا مِنْ حِنْثٍ أَوْ مُضِيِّ وَقْتٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ نَكَحَهَا ثَانِيًا، وَثَالِثًا، وَمَضَتْ الْمُدَّتَانِ بِلَا فَيْءٍ بَانَتْ بِأُخْرَيَيْنِ) يَعْنِي لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَمَا بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ ثُمَّ مَضَتْ الْمُدَّةُ بَعْدَ التَّزَوُّجِ الثَّانِي بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ أُخْرَى، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثَالِثًا، وَمَضَتْ الْمُدَّةُ بَانَتْ بِثَالِثَةٍ، وَتُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ لِأَنَّهُ بِهِ يَثْبُتُ حَقُّهَا فِي الْجِمَاعِ، وَبِامْتِنَاعِهِ صَارَ ظَالِمًا فَيُجَازَى بِإِزَالَةِ نِعْمَةِ النِّكَاحِ.

وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ قَبْلَ التَّزَوُّجِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْجِمَاعِ قَبْلَهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبَانَهَا بِتَنْجِيزِ الطَّلَاقِ ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ حَيْثُ تَقَعُ أُخْرَى بِالْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيقِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَالْمُعَلَّقُ لَا يَبْطُلُ بِتَنْجِيزِ مَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَبَدًا فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ ثُمَّ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ تَقَعُ أُخْرَى، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْكَرَّةِ الثَّالِثَةِ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ تُعْتَبَرُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ الثَّانِي مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ تُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لَمْ تَطْلُقْ) لِتَقْيِيدِهِ بِطَلَاقِ هَذَا الْمِلْكِ، وَقَدْ انْتَهَى بِالثَّلَاثِ سَوَاءٌ وَقَعَتْ مُتَفَرِّقَةً بِسَبَبِ الْإِيلَاءِ الْمُؤَبَّدِ أَوْ نَجَزَهَا بَعْدَ الْإِيلَاءِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّتِهِ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لِبُطْلَانِ الْإِيلَاءِ فَلَا يَعُودُ بِالتَّزَوُّجِ (قَوْلُهُ فَلَوْ وَطِئَهَا كَفَّرَ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ) أَيْ لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَمَا عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لَزِمَهُ التَّكْفِيرُ عَنْ يَمِينِهِ لِبَقَائِهَا فِي حَقِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ، وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ الْإِيلَاءُ يَصِحُّ فِي الْمُنْكِرَةِ حَلَفَ لَا يَقْرَبُ إحْدَاهُمَا، وَمَضَتْ الْمُدَّةُ بَانَتْ وَاحِدَةً، وَيُخَيِّرُ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ أُخْرَى قَبْلَهُ بَانَتْ الْأُخْرَى لِلتَّعْيِينِ، وَدَلَّتْ أَنَّ الْإِيلَاءَ يَبْطُلُ بِالْبَيْنُونَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ عَلَى الْمُبَانَةِ فِي الْعِدَّةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ بِخِلَافِ الْإِبَانَةِ بِغَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا تَكْرَارُ مُدَّةِ الْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ كُلَّمَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَنْتِ بَائِنٌ يَنْوِي الطَّلَاقَ. اهـ.

وَمِنْ بَابِ الْيَمِينِ فِي الْإِيلَاءِ الْإِيلَاءُ يُوجِبُ طَلَاقًا، وَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُدَّةِ، وَكَفَّارَةٌ فِي الْحِنْثِ، وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الِاسْمِ قَالَ كُلَّمَا دَخَلْت وَاحِدَةً مِنْ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك، وَدَخَلَهَا أَوْ قَالَ كُلَّمَا دَخَلْت هَذِهِ، وَدَخَلَهَا مَرَّتَيْنِ يَتَعَدَّدُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ قَالَ فَعَلَيَّ يَمِينٌ إنْ قَرِبْتُك تَعَدُّدًا قَالَ فِي مَجْلِسٍ مَرَّتَيْنِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك تَعَدَّدَ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ لِتَعَدُّدِ الِاسْمِ، وَالطَّلَاقُ بِالْبِرِّ لَا لِاتِّحَادِ الْمُدَّةِ، وَعِنْدَ زُفَرَ تَتَعَدَّدُ، وَلَوْ عَلَّقَهُ

ــ

[منحة الخالق]

[وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاء]

(قَوْلُهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَبَدًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَشَارَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَقْلِهِ عَنْهَا إلَى أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ، وَمَا فِيهَا ضَعِيفٌ، وَالْمُخْتَارُ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَالطَّلَاقُ بِالْبِرِّ لَا) أَيْ لَا يَتَعَدَّدُ، وَقَوْلُهُ لِاتِّحَادِ الْبِرِّ عِلَّةٌ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>