للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمَفْعُولِ إذَا حَكَمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِذَلِكَ أَوْ مُنِعَ عَنْهَا بِالسِّحْرِ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْعُنَّةُ وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يُقَالُ عِنِّينٌ بِهِ عُنَّةٌ كَمَا يَقُولُهُ الْفُقَهَاءُ فَإِنَّهُ كَلَامٌ سَاقِطٌ قَالَ وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَمَا قَالَ ثَعْلَبٌ وَغَيْرُهُ رَجُلٌ عِنِّينٌ بَيِّنُ التَّعْنِينِ وَالْعِنِّيَّةِ وَقَالَ فِي الْبَارِعِ بَيِّنُ الْعَنَانَةِ بِالْفَتْحِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَسُمِّيَ عِنِّينًا؛ لِأَنَّ ذَكَرَهُ يَعِنُّ بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ يَعْتَرِضُ إذَا أَرَادَ إيلَاجَهُ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَجَمْعُهُ عُنُنٌ وَأَمَّا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَهُوَ مَنْ لَا يَصِلُ إلَى النِّسَاءِ مَعَ قِيَامِ الْآلَةِ لِمَرَضٍ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَصِلُ إلَى الثَّيِّبِ دُونَ الْبِكْرِ أَوْ إلَى بَعْضِ النِّسَاءِ دُونَ بَعْضٍ سَوَاءٌ كَانَتْ آلَتُهُ تَقُومُ أَوْ لَا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.

وَلِذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ الشَّكَّازُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَافٍ مُشَدَّدَةٍ وَبَعْدَ الْأَلْفِ زَايٌ هُوَ الَّذِي إذَا جَذَبَ الْمَرْأَةَ أَنْزَلَ قَبْلَ أَنْ يُخَالِطَهَا ثُمَّ لَا تَنْتَشِرُ آلَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِجِمَاعِهَا وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْعِنِّينِ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالتَّفْرِيقِ وَإِنْ كَانَ يَصِلُ إلَى الثَّيِّبِ دُونَ الْبِكْرِ أَوْ إلَى بَعْضِ النِّسَاءِ دُونَ بَعْضٍ لِضَعْفِ طَبِيعَتِهِ أَوْ لِكِبَرِ سِنِّهِ أَوْ سِحْرٍ فَهُوَ عِنِّينٌ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَصِلُ إلَيْهَا لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ فِي حَقِّهَا فَإِنَّ السِّحْرَ عِنْدَنَا حَقٌّ وُجُودُهُ وَتَصَوُّرُهُ وَيَكُونُ أَثَرُهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُنَّةِ بِإِدْخَالِهِ فِي دُبُرِهَا خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ الدُّبُرُ أَشَدُّ مِنْ الْقُبُلِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَفِيهِ إذَا أَوْلَجَ الْحَشَفَةَ فَقَطْ فَلَيْسَ بِعِنِّينٍ وَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إيلَاجِ بَقِيَّةِ الذَّكَرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يَكْفِي الْإِيلَاجُ بِقَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنْ مَقْطُوعِهَا وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا قُطِعَتْ ذَكَرُهُ وَإِطْلَاقُ الْمَجْبُوبِ يَشْمَلُهُ وَهُوَ فِي تَحْرِيرِ الشَّافِعِيَّةِ لَكِنْ قَوْلُهُمْ لَوْ رَضِيَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهَا يُنَافِيهِ وَلَهُ نَظِيرَانِ أَحَدُهُمَا لَوْ خَرِبَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ الثَّانِي لَوْ أَتْلَفَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا فَرَّقَ فِي الْحَالِ) وَهُوَ مَنْ اُسْتُؤْصِلَ ذَكَرُهُ وَخُصْيَتَاهُ يُقَالُ جَبَبْته جَبًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ قَطَعْته وَهُوَ مَجْبُوبٌ بَيْنَ الْجِبَابِ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَجَّلْ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَلَمَّا كَانَ التَّفْرِيقُ لِفَوَاتِ حَقِّهَا تَوَقَّفَ عَلَى طَلَبِهَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْعِنِّينِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ جُبَّ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَيْهَا مَرَّةً لَا خِيَارَ لَهَا كَمَا إذَا صَارَ عِنِّينًا بَعْدَهُ وَيُلْحَقُ بِالْمَجْبُوبِ مَنْ كَانَ ذَكَرُهُ صَغِيرًا جِدًّا كَالزِّرِّ لَا مَنْ كَانَتْ آلَتُهُ قَصِيرَةً لَا يُمْكِنُ إدْخَالُهَا دَاخِلَ الْفَرْجِ فَإِنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي الْمُطَالَبَةِ بِالتَّفْرِيقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ إدْخَالُهَا أَصْلًا فَإِنَّهُ كَالْمَجْبُوبِ لِتَقْيِيدِهِ بِالدَّاخِلِ وَأَطْلَقَ الزَّوْجَ الْمَجْبُوبَ فَشَمِلَ الصَّغِيرَ وَالْمَرِيضَ بِخِلَافِ الْعِنِّينِ حَيْثُ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ أَوْ بُرْؤُهُ لِاحْتِمَالِ الزَّوَالِ وَأَرَادَ بِالْمَرْأَةِ مَنْ لَهَا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً انْتَظَرَ بُلُوغَهَا فِي الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ لِاحْتِمَالِ رِضَاهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْنُونًا فَإِنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ إلَى عَقْلِهِ فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ.

وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِلْحَالِ فِي الْجَبِّ وَبَعْدَ التَّأْجِيلِ فِي الْعِنِّينِ؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ لَا يَعْدَمُ الشَّهْوَةَ، بِخُصُومَةِ وَلِيٍّ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَمَنْ يُنَصِّبُهُ الْقَاضِي، وَلَوْ جَاءَ الْوَلِيُّ بِبَيِّنَةٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى رِضَاهَا بِعُنَّتِهِ أَوْ جَبِّهِ أَوْ عَلَى عِلْمِهَا بِحَالِهِ عِنْدَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ لَوْ رَضِيَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهَا يُنَافِيهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ رِضَاهَا اهـ.

وَفِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ عَقْلًا لَكِنَّهُ لَازِمٌ عَادَةً كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِحَالِهِ وَالْوَطْءُ حَقُّهَا وَقَدْ فَوَّتَتْهُ بِصُنْعِهَا (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَوْ خَرَّبَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي لَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِهَذَا الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَهُ وَقَوْلُهُ لَوْ أَتْلَفَ الْبَائِعُ إلَخْ يَعْنِي لَيْسَ لَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَبْطَلَ حَقَّهُ فِيهِ بِإِتْلَافِ الْمَبِيعِ.

[وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا]

(قَوْلُهُ مَنْ كَانَ ذَكَرُهُ صَغِيرًا كَالزِّرِّ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَاحِدُ الْأَزْرَارِ (قَوْلُهُ لَا مَنْ كَانَتْ آلَتُهُ قَصِيرَةً إلَخْ) بَحَثَ فِيهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَهْبَانِيَّةِ فَقَالَ أَقُولُ: إنَّ هَذَا دُونَ حَالِ الْعِنِّينِ لِإِمْكَانِ زَوَالِ عُنَّتِهِ فَيَصِلُ إلَيْهَا وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ هُنَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَجْبُوبِ بِجَامِعِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إدْخَالُ آلَتِهِ الْقَصِيرَةِ دَاخِلَ الْفَرْجِ فَالضَّرَرُ الْحَاصِلُ لِلْمَرْأَةِ بِهِ مُسَاوٍ لِضَرَرِ الْمَجْبُوبِ فَلَهَا طَلَبُ التَّفْرِيقِ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ انْتِفَاءَ التَّفْرِيقِ لَا وَجْهَ لَهُ وَهُوَ مِنْ الْقُنْيَةِ فَلَا يُسَلَّمُ اهـ.

وَقَدْ عَلِمْتَ نَقْلَهُ هُنَا عَنْ الْمُحِيطِ أَيْضًا فَعَدَمُ تَسْلِيمِهِ مَمْنُوعٌ.

(قَوْلُهُ وَبَعْدَ التَّأْجِيلِ فِي الْعِنِّينِ؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا مَجْنُونًا فَوَجَدَتْهُ عِنِّينًا قَالُوا إنَّهُ لَا يُؤَجَّلُ كَذَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ لِلتَّفْرِيقِ عِنْدَ عَدَمِ الدُّخُولِ وَفُرْقَةُ الْعِنِّينِ طَلَاقٌ وَالْمَجْنُونُ لَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ حَوْلًا وَلَا يَنْتَظِرُ إلَى إفَاقَتِهِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الصِّغَرَ مَانِعٌ مِنْ الْوُصُولِ فَيَتَأَتَّى إلَى أَنْ يَزُولَ الصِّغَرُ ثُمَّ يُؤَجَّلُ سَنَةً فَأَمَّا الْجُنُونُ فَلَا يَمْنَعُ الْوُصُولَ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ يُجَامِعُ فَيُولِجُ لِلْحَالِ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ إنَّهُ لَا يُؤَجَّلُ أَصْلًا لِمَا ذَكَرْنَا اهـ.

وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُؤَجَّلُ وَلَا يُفَرَّقُ إذَا كَانَ الْمَجْنُونُ مَجْبُوبًا؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ فِي الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ، وَكَذَا الصَّغِيرُ الْمَجْبُوبُ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ مَا قَدْ يُنَافِي ذَلِكَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ بِإِبَائِهِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>