للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا تَسْتَقْبِلُ وَكَذَلِكَ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَقَامَ مَعَهَا زَمَانًا فَعَلَى التَّفْصِيلِ اهـ.

وَشَمِلَ قَوْلُهُ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثَانِيًا وَالْمُعْتَدَّةَ عَنْ فَاسِدٍ لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ لِلْأَوَّلِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ خِلَافًا فِي الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ وَمَبْدَأُ الْعِدَّةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ) يَعْنِي ابْتِدَاءُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ مِنْ وَقْتِهِ وَابْتِدَاءُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ وَقْتِهَا سَوَاءٌ عَلِمَتْ بِالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ حَتَّى لَوْ لَمْ تَعْلَمْ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْعِدَّةِ فَقَدْ انْقَضَتْ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا الطَّلَاقُ أَوْ الْوَفَاةُ فَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَشُرِحَ عَلَيْهِ فِي الْعِنَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَالْمِعْرَاجِ مِنْ غَيْرِ تَعْقِيبٍ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ بَيَانِ سَبَبِهَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّ الْفُرْقَةَ شَرْطُهَا وَالنِّكَاحَ سَبَبُهَا وَقَوْلُهُ هُنَا أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ تَسَاهُلًا فَقَدْ قَدَّمُوا أَنَّ سَبَبَهَا النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ شَرْطٌ وَأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِنَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ إلَى الشَّرْطِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ يَتِمُّ السَّبَبُ فَيَسْتَعْقِبُهُمَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ فَيَكُونُ مَبْدَأُ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِالضَّرُورَةِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَقَالَ وَجَعَلَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ السَّبَبَ إنَّمَا هُوَ الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ وَهُوَ تَجَوُّزٌ لِكَوْنِهِ مُعْمِلًا لِلْعِلَّةِ اهـ.

وَفِي الْكَافِي شَرْحِ الْوَافِي وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ سَبَبُ وُجُوبِهَا الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ وَقَدْ نُصَّ فِي الْأَسْرَارِ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا نِكَاحٌ مُتَأَكِّدٌ بِالدُّخُولِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّا يُكْمِلُ الْمَهْرَ عِنْدَ ثُبُوتِ مَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ لَا الْفُرْقَةُ فَإِنَّهَا شَرْطٌ اهـ. .

وَقَدَّمْنَا أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِدَّةِ فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ مِنْ وَقْتِ الْبَيَانِ يَعْنِي لِكَوْنِهِ إنْشَاءً مِنْ وَجْهٍ، وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ إذَا أَتَاهَا خَبَرُ مَوْتِ زَوْجِهَا وَشَكَّتْ فِي وَقْتِ الْمَوْتِ تَعْتَدُّ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي تَسْتَيْقِنُ فِيهِ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ يُؤْخَذُ فِيهَا بِالِاحْتِيَاطِ وَذَلِكَ فِي الْعَمَلِ بِيَقِينٍ اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ فِي الْمَبْسُوطِ كَالْمُخْتَصَرِ أَنَّ الْعِدَّةَ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فِي إقْرَارِهِ بِالطَّلَاقِ مِنْ زَمَانٍ مَضَى إلَّا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَارُوا وُجُوبَ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ حَتَّى لَا يَحِلَّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِأُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا زَجْرًا لَهُ حَيْثُ كَتَمَ طَلَاقَهَا وَلَكِنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ إنْ صَدَّقَتْهُ فِي الْإِسْنَادِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ عَلَى نَفْسِهَا، وَفِي الْهِدَايَةِ وَمَشَايِخُنَا يُفْتُونَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ نَفْيًا لِتُهْمَةِ الْمُوَاضَعَةِ اهـ.

وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَرَادَ بِالْمَشَايِخِ عُلَمَاءَ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ لَا جَمَاعَةَ التَّصَوُّفِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْبِدْعَةِ اهـ.

وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَذَّبَتْهُ فِي الْإِسْنَادِ أَوْ قَالَتْ لَا أَدْرِي فَمِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَفِي حَقِّهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَفِي حَقِّ اللَّهِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا حُكْمُ وَطْئِهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَقَالَ فِي الِاخْتِيَارِ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ مَهْرًا ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ وَقَدْ صَدَّقَتْهُ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ قَالَ كُنْت حَلَفْت إنْ تَزَوَّجْت ثَيِّبًا قَطُّ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّهَا ثَيِّبٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ إنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِهَذَا الْوَطْءِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي الْيَمِينِ فَلَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ وَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ عَلَيْهَا بِإِقْرَارِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ وَيَوْمَ الْقَتْلِ يَدْخُلُ وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ اسْتَخْرَجْنَا حُكْمَهَا مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَأَوْضَحْنَاهَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَفِي الْقُنْيَةِ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ كَانَ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَمْ تَقَعْ الثَّلَاثُ وَصَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ وَذَكَرَ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيِّ أَنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ هِيَ لَا يُصَدَّقُ اهـ.

وَفِيهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَيَقُولُ كُنْت طَلَّقْتهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَإِنْ كَانَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مَعْلُومًا عِنْدَ النَّاسِ لَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِلَّا يَقَعُ، وَلَوْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ بِالْبَيِّنَةِ

ــ

[منحة الخالق]

[مَبْدَأُ الْعِدَّةِ]

(قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِدَّةِ فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ) أَيْ: فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَدَّمَهَا تَحْتَ قَوْلِهِ وَلِزَوْجَةِ الْفَارِّ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا حُكْمُ وَطْئِهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ إلَخْ) لِيُنْظَرَ هَلْ يَتَكَرَّرُ الْمَهْرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمَهْرِ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْوَطْءَ مَتَى حَصَلَ عَقِبَ شُبْهَةِ الْمِلْكِ مِرَارًا لَمْ يَجِبْ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ صَادَفَ مِلْكَهُ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَكَمَا لَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ جَارِيَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ وَطِئَ مَنْكُوحَتَهُ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَمَتَى حَصَلَ الْوَطْءُ عَقِيبَ شُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ مِرَارًا فَإِنَّهُ يَجِبُ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَطْءٍ صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ كَوَطْءِ الِابْنِ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ مِرَارًا وَقَدْ ادَّعَى الشُّبْهَةَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ ثُمَّ، قَالَ: وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ وَطِئَ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ طَلَاقٍ ثَلَاثٍ وَادَّعَى الشُّبْهَةَ يَلْزَمُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ أَمْ بِكُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>