للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ كَذَلِكَ فَأَمَّا فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْحُرَّةِ فَالْيَمِينُ عَلَى الْحَقِيقَةِ. اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ فَهُوَ عَلَى الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ الْحِلُّ، وَلَا يَثْبُتُ بِالْفَاسِدِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ الْمِلْكُ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِالْفَاسِدِ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي وَلَا يَصُومُ هُوَ عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ أَوْ صَامَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْمَاضِي بِأَنْ قَالَ إنْ كُنْت تَزَوَّجْت أَوْ صَلَّيْت أَوْ صُمْت فَهُوَ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ الْمَاضِيَ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْحِلُّ وَالتَّقَرُّبُ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ فَإِنْ عَنَى بِهِ الصَّحِيحَ دِينَ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ النِّكَاحُ الْمَعْنَوِيُّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ فَوَهَبَ هِبَةً غَيْرَ مَقْسُومَةٍ حَنِثَ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَعُلِمَ أَنَّ فَاسِدَ الْهِبَةِ كَصَحِيحِهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِجَارَةَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ.

قَوْلُهُ (إنْ لَمْ أَبِعْ فَكَذَا فَأَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ حَنِثَ) يَعْنِي لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ تَحَقَّقَ، وَهُوَ عَدَمُ الْبَيْعِ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّيَّةِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ مَنْعَ وُقُوعِ الْيَأْسِ فِي الْعِتْقِ مُطْلَقًا بَلْ فِي الْعَبْدِ أَمَّا فِي الْأَمَةِ فَجَازَ أَنْ تَرْتَدَّ بَعْدَ الْعِتْقِ فَتُسْبَى فَيَمْلِكُهَا هَذَا الْحَالِفُ فَيَعْتِقُهَا، وَفِي التَّدْبِيرِ مُطْلَقًا لِجَوَازِ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِبَيْعِ الْمُدَبَّرِ أُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ لَا تَطْلُقُ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ مَا فُرِضَ مِنْ الْأُمُورِ الْمَوْهُومَةِ الْوُقُوعِ فَلَا تُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى بَيْعِ هَذَا الْمِلْكِ لَا كُلِّ مِلْكٍ وَأُجِيبَ أَيْضًا عَنْ الْمُدَبَّرِ أَنَّ بَيْعَهُ بَيْعُ قِنٍّ لِانْفِسَاخِ التَّدْبِيرِ بِالْقَضَاءِ فَيَعْتِقُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْعَبْدِ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْلِمًا فَيَجْرِي اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فِيهِ وَالتَّصْحِيحُ.

وَأَشَارَ بِالتَّدْبِيرِ إلَى أَنَّ الِاسْتِيلَادَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُرَادُ بِالتَّدْبِيرِ الْمُطْلَقُ مِنْهُ، وَلَا يَحْنَثُ بِالْمُقَيَّدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْك فَأَنْتَ حُرٌّ فَدَبَّرَهُ تَدْبِيرًا مُطْلَقًا أَنْ يَعْتِقَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ كَمَا ذَكَرُوهُ، وَكَذَا لَوْ اسْتَوْلَدَهَا، وَأَمَّا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْك فَأَنْت حُرٌّ فَأَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّ تَنْجِيزَ الْعِتْقِ يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ كَتَنْجِيزِ الثَّلَاثِ يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْحِنْثِ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ فَرْعَانِ فِي الْقَاسِمِيَّةِ الْأُوَلُ لَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَضَعِي هَذَا فِي هَذَا الصَّحْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَكَسَرْته وَقَعَ الطَّلَاقُ الثَّانِي، وَعَزَاهُ إلَى الذَّخِيرَةِ لَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَذْهَبِي فَتَأْتِي بِهَذَا الْحَمَامِ فَأَنْت طَالِقٌ فَطَارَ الْحَمَامُ وَقَعَ الطَّلَاقُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَتْ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ طَلُقَتْ الْمُحَلِّفَةُ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْمَرْأَةُ الَّتِي دَعَتْهُ إلَى الْحَلِفِ، وَكَانَتْ سَبَبًا فِيهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ جَوَابًا فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ غَرَضَهُ إرْضَاؤُهَا، وَهُوَ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا فَيَتَقَيَّدُ بِهِ وَجْهُ الظَّاهِرِ عُمُومُ الْكَلَامِ، وَقَدْ زَادَ عَلَى حَرْفِ الْجَوَابِ فَيُجْعَلُ مُبْتَدِئًا، وَقَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ إيحَاشَهَا حِينَ اعْتَرَضَتْ عَلَيْهِ فِيمَا أَحَلَّهُ الشَّرْعُ وَمَعَ التَّرَدُّدِ لَا يَصْلُحُ مُقَيَّدًا، وَلَوْ نَوَى غَيْرَهَا يَصْدُقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ رِوَايَةَ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُنَا وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ الْأَوْلَى تَحْكِيمُ الْحَالِ إنْ كَانَ قَدْ جَرَى بَيْنَهُمَا مُشَاجَرَةً وَخُصُومَةً تَدُلُّ عَلَى غَصْبِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَقَعُ. اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ قِيلَ لَهُ أَلَكَ امْرَأَةٌ غَيْرُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي فَهِيَ طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا إنَّك تُرِيدُ أَنْ تَتَزَوَّجَ عَلَيَّ امْرَأَةً أُخْرَى فَقَالَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةٌ فَهِيَ طَالِقٌ حَيْثُ تَطْلُقُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ إذَا أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَالْفَرْقُ هُوَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّمَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ مَا يَحْتَمِلُ الدُّخُولَ تَحْتَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُهَا إنَّك تَزَوَّجْت عَلَيَّ امْرَأَةً اسْمُ الْمَرْأَةِ يَتَنَاوَلُهَا كَمَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهَا أَمَّا هُنَا قَوْلُهُ: غَيْرُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لَا يَحْتَمِلُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ النَّكِرَةَ تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَالْمَعْرِفَةُ لَا تَدْخُلُ

ــ

[منحة الخالق]

[قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ]

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى بَيْعِ هَذَا الْمِلْكِ) الظَّاهِرُ الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ لِيَكُونَ جَوَابًا ثَانِيًا وَتَأَمَّلْ فِي قَوْلِهِ وَأُجِيبَ أَيْضًا عَنْ الْمُدَبَّرِ إلَخْ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَنَا فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ جَوَابٌ آخَرُ غَيْرُ مَا قَبْلَهُ، وَفِيهِ أَنَّ الْيَمِينَ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ عُقِدَتْ عَلَى بَيْعِ الْقِنِّ وَبَعْدَ الِانْفِسَاخِ عَادَ قِنًّا كَمَا كَانَ ثُمَّ رَأَيْت فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَوْضَحَ الْجَوَابِ فَقَالَ؛ لِأَنَّ جَوَازَ الْبَيْعِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ فَسْخِ التَّدْبِيرِ لَا قَبْلَهُ، وَقَبْلَ الْفَسْخِ هُوَ مُدَبَّرٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَلَمَّا لَمْ يَحْتَمِلْ الْبَيْعَ حِينَئِذٍ وُجِدَ الشَّرْطُ فَنَزَلَ الْجَزَاءُ ثُمَّ إذَا حَصَلَ الْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَرْتَفِعُ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ. اهـ.

ثُمَّ كَانَ الظَّاهِرُ إبْدَالُ قَوْلِهِ فَيَعْتِقُ بِقَوْلِهِ فَتَطْلُقُ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى عِتْقِ عَبْدٍ آخَرَ لَا عَلَى طَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَيْضًا ذِكْرَ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ وَجَعْلَهُ جَوَابَيْنِ حَيْثُ قَالَ أَوْ نَقُولُ إنَّ الْحَالِفَ عَقَدَ يَمِينَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَطَارَ الْحَمَامُ وَقَعَ الطَّلَاقُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>