للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْتَ النَّكِرَةِ إلَّا فِي الْعَلَمِ وَبَيَانُهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ قَالَ إنْ دَخَلَ دَارِي هَذِهِ أَحَدٌ فَكَذَا فَدَخَلَ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَحَدٌ نَكِرَةٌ وَالْحَالِفُ مَعْرِفَةٌ بِيَاءِ الْإِضَافَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ إنْ دَخَلَ دَارَك هَذِهِ أَحَدٌ فَكَذَا فَفَعَلَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ الْحَالِفُ؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مَعْرِفَةٌ بِكَافِ الْخِطَابِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ أَلْبَسْت هَذَا الْقَمِيصَ أَحَدًا فَكَذَا فَلَبَّسَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ لِكَوْنِهِ مَعْرِفَةً بِالتَّاءِ الَّتِي لِلْمُخَاطَبِ، وَإِنْ أَلْبَسَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الْحَالِفَ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ نَكِرَةٌ فَيَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَلَوْ قَالَ إنْ مَسَّ هَذَا الرَّأْسَ أَحَدٌ، وَأَشَارَ إلَى رَأْسِهِ لَمْ يَدْخُلْ الْحَالِفُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى نَفْسِهِ بِيَاءِ الْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّ رَأْسَهُ مُتَّصِلٌ بِهِ خِلْقَةً فَكَانَ أَقْوَى مِنْ إضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ بِيَاءِ الْإِضَافَةِ، وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمَ غُلَامُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَحَدًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَكَلَّمَ الْحَالِفَ، وَهُوَ غُلَامُ الْحَالِفِ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْعِلْمِ فِي مَوْضِعِ النَّكِرَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ الْحَالِفُ عَنْ عُمُومِ النَّكِرَةِ. اهـ. وَتَمَامُ تَعْرِيفَاتِهِ فِي الذَّخِيرَةِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ مَاشِيًا فَإِنْ رَكِبَ أَرَاقَ دَمًا بِخِلَافِ الْخُرُوجِ أَوْ الذَّهَابِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ الْمَشْيِ إلَى الْحَرَمِ أَوْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) لِمَا قَدَّمْنَا فِي بَابِ الْهَدْيِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ، وَالْفَارِقُ الْعُرْفُ، وَعَدَمُهُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ إيجَابَ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ، وَلَا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ بِذَلِكَ مَجَازًا، وَلَا بِالنَّظَرِ إلَى الْغَالِبِ بَلْ؛ لِأَنَّهُ تُعُورِفَ إيجَابُ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ بِهِ فَصَارَ مَجَازًا لُغَوِيًّا حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً مِثْلُ قَوْلِهِ عَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ مَاشِيًا وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ حَتَّى يَطُوفَ لِلرُّكْنِ فَيَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ بَيْتِهِ لَا مِنْ حَيْثُ يَحْرُمُ فَإِنْ كَانَ النَّاذِرُ فِي مَكَّةَ، وَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ النُّسُكَ الَّذِي لَزِمَهُ حَجًّا فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ مِنْ الْحَرَمِ وَيَخْرُجُ إلَى عَرَفَاتٍ مَاشِيًا إلَى أَنْ يَطُوفَ لِلرُّكْنِ، وَإِنْ أَرَادَ إسْقَاطَهُ بِعُمْرَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ فَيُحْرِمُ مِنْهُ وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي ذَهَابِهِ إلَى الْحِلِّ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْهُ مُحْرِمًا وَالْوَجْهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ بَلْدَتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُحْرِمًا مِنْهَا بَلْ هُوَ ذَاهِبٌ إلَى مَحَلِّ الْإِحْرَامِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ أَعْنِي الْمَوَاقِيتَ فِي الْأَصَحِّ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ أَنَّ بَغْدَادِيًّا قَالَ إلَى آخِرِهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ دَمٌ بِرُكُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ نَقْصًا فِيهِ وَمِثْلُ الْخُرُوجِ السَّفَرُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا الشَّدُّ وَالْهَرْوَلَةُ وَالسَّعْيُ إلَى مَكَّةَ، وَقَيَّدَ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِ الْكَعْبَةِ أَوْ مِيزَابِهَا أَوْ أُسْطُوَانَةِ الْبَيْتِ أَوْ إلَى عَرَفَاتٍ، وَمُزْدَلِفَةَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَمَسْأَلَةُ الْمَشْيِ إلَى الْحَرَمِ قَوْلُهُ: وَقَالَا يَلْزَمُهُ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ وَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ تُعُورِفَ بَعْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إيجَابُ النُّسُكِ بِهِ فَقَالَا بِهِ كَمَا تُعُورِفَ بِالْمَشْيِ إلَى الْكَعْبَةِ فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَعْتِقْ) ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ قَامَتْ عَلَى أَمْرٍ مَعْلُومٍ، وَهُوَ التَّضْحِيَةُ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ انْتِفَاءُ الْحَجِّ فَتَحَقَّقَ الشَّرْطُ، وَلَهُمَا أَنَّهَا قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا نَفْيُ الْحَجِّ لَا إثْبَاتُ التَّضْحِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُطَالِبَ لَهَا فَصَارَ كَمَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ هَذَا النَّفْيَ مِمَّا يُحِيطُ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ وَلَكِنَّهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ تَيْسِيرًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَفْصِلُ فِي النَّفْيِ بَيْنَ أَنْ يُحِيطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ أَوْ لَا فَلَا بَلْ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ مُطْلَقًا، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَالَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَلَمْ يَقُلْ قَوْلُ النَّصَارَى وَالرَّجُلُ يَقُولُ وَصَلْت بِهِ ذَلِكَ قُبِلَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَبَانَتْ امْرَأَتُهُ، وَلَيْسَ هُوَ إلَّا؛ لِأَنَّهُ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّا نَقُول إنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى أَمْرٍ وُجُودِيٍّ، وَهُوَ السُّكُوتُ؛ لِأَنَّهُ انْضِمَامُ الشَّفَتَيْنِ فَصَارَ كَشُهُودِ الْإِرْثِ إذَا قَالُوا نَشْهَدُ إنَّهُ وَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ حَيْثُ يُعْطَى كُلَّ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْإِرْثِ، وَالنَّفْيُ

ــ

[منحة الخالق]

قَالَ فِي النَّهْرِ، وَكَانَ ذَلِكَ يَمِينُ الْفَوْرِ، وَإِلَّا فَعَوْدُ الْحَمَامِ بَعْدَ الطَّيَرَانِ مُمْكِنٌ عَقْلًا، وَعَادَةً فَتَدَبَّرْهُ.

[قَالَتْ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ]

(قَوْلُهُ: إنْ كَلَّمَ غُلَامُ عَبْدِ اللَّهِ) غُلَامُ فَاعِلُ كَلَّمَ وَاحِدًا مَفْعُولُهُ وَضَمِيرُ كَلَّمَ عَائِدٌ عَلَى غُلَامٍ وَالْحَالِفُ مَفْعُولُهُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى مَا عَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرُ كَلَّمَ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَاسْمُهُ عَائِدٌ عَلَى الْحَالِفِ، وَفِي غَالِبِ النُّسَخِ بِرَفْعِ أَحَدٍ، وَلَا يَظْهَرُ وَجْهُهَا إلَّا عَلَى حَذْفِ الضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلِ فِي قَوْلِهِ، وَهُوَ غُلَامُ الْحَالِفِ.

[قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ]

(قَوْلُهُ: لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ) الْفَرْعُ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ لَوْ أَنَّ بَغْدَادِيًّا قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ أَنْ أَحُجَّ مَاشِيًا فَلَقِيَهُ بِالْكُوفَةِ فَكَلَّمَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ مِنْ بَغْدَادَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>