للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ضِمْنِهِ وَالْإِرْثُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ النَّحْرِ، وَأَمَّا مَا فِي الْمَبْسُوطِ مَنْ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ تُقْبَلُ فِي الشُّرُوطِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرٌّ فَشَهِدَا أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا قُبِلَتْ وَيُقْضَى بِعِتْقِهِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الشُّرُوطِ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهَا قَامَتْ بِأَمْرٍ ثَابِتٍ مُعَايَنٍ، وَهُوَ كَوْنُهُ خَارِجًا فَيَثْبُتُ النَّفْيُ ضِمْنًا وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَبْدَ كَمَا لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّضْحِيَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ هِيَ شَرْطُ الْعِتْقِ فَلَمْ تَصِحَّ الشَّهَادَةُ بِهَا كَذَلِكَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الشَّرْطَ بَلْ عَدَمُ الدُّخُولِ كَعَدَمِ الْحَجِّ فِي مَسْأَلَتِنَا فَلَمَّا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِمَّا هُوَ وَجُودِيٌّ مُتَضَمِّنٌ لِلْمُدَّعَى بِهِ مِنْ النَّفْيِ الْمَجْعُولِ شَرْطًا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَّعًى بِهِ لِتَضَمُّنِهِ الْمُدَّعَى بِهِ كَذَلِكَ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَةِ التَّضْحِيَةِ الْمُتَضَمَّنَةِ لِنَفْيِ الْمُدَّعَى بِهِ فَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوْجَهٌ. اهـ.

فَإِنْ قُلْتُ: إنَّ عَدَمَ الدُّخُولِ هُوَ الْخُرُوجُ لِأَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ فَلَهُ حَقُّ الْخُرُوجِ قُلْتُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ الْخُرُوجُ؛ لِأَنَّهُ الِانْفِصَالُ مِنْ الدَّاخِلِ إلَى الْخَارِجِ فَإِنْ كَانَ خَارِجًا وَقْتَ الْيَمِينِ وَاسْتَمَرَّ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ، وَلَمْ يَخْرُجْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، وَهُوَ خَارِجُهَا لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَدْخُلَ ثُمَّ يَخْرُجَ كَمَا قَدَّمْنَا فَلَيْسَ عَدَمُ الدُّخُولِ هُوَ الْخُرُوجُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ الْمَقْصُودِ لَا تُقْبَلُ سَوَاءٌ كَانَ نَفْيًا صُورَةً أَوْ مَعْنًى سَوَاءٌ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ أَوْ لَا وَسَيَأْتِي تَفَارِيعُهُ فِي الشَّهَادَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ (وَحَنِثَ فِي لَا يَصُومُ بِصَوْمِ سَاعَةٍ بِنِيَّةٍ، وَفَّى صَوْمًا أَوْ يَوْمًا بِيَوْمٍ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ فِي الْأَوَّلِ بِإِمْسَاكٍ سَاعَةً إذْ الصَّوْمُ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لَا يَصُومُ صَوْمًا أَوْ لَا يَصُومُ يَوْمًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِإِمْسَاكٍ سَاعَةً؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الصَّوْمُ التَّامُّ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا وَذَلِكَ بِإِنْهَائِهِ إلَى آخَرِ الْيَوْمِ وَالْيَوْمُ صَرِيحٌ فِي تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ بِهِ، وَلَا يُقَالُ الْمَصْدَرُ مَذْكُورٌ بِذِكْرِ الْفِعْلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَلِفِهِ لَا يَصُومُ، وَلَا يَصُومُ صَوْمًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي الْأَوَّلِ إلَّا بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الثَّابِتُ فِي ضِمْنِ الْفِعْلِ ضَرُورِيٌّ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي غَيْرِ تَحْقِيقِ الْفِعْلِ بِخِلَافِ الصَّرِيحِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُطْلَقِ فَيُوجِبُ الْكَمَالَ قَيَّدَ بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَصُومُ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ، وَكَانَ بَعْدَ أَنْ أَكَلَ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالَ صَحَّتْ الْيَمِينُ وَطَلُقَتْ فِي الْحَالِ مَعَ أَنَّهُ مَقْرُونٌ بِذِكْرِ الْيَوْمِ، وَلَا كَمَالَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَعْتَمِدُ التَّصَوُّرَ، وَالصَّوْمُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالْأَكْلُ مُتَصَوَّرٌ كَمَا فِي صُورَةِ النَّاسِي، وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تُصَلِّ الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ مِنْ سَاعَتِهَا أَوْ بَعْدَمَا صَلَّتْ رَكْعَةً صَحَّتْ الْيَمِينُ وَطَلُقَتْ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ دَوْرَ الدَّمِ لَا يَمْنَعُ كَمَا فِي الِاسْتِحَاضَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْفِعْلِ، وَهُوَ الْمَاءُ غَيْرُ قَائِمٍ أَصْلًا فَلَا يُتَصَوَّرُ بِوَجْهٍ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ التَّصَوُّرَ شَرْعًا مُنْتَفٍ، وَكَوْنُهُ مُمْكِنًا فِي صُورَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ صُورَةُ النِّسْيَانِ وَالِاسْتِحَاضَةِ لَا يُفِيدُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَانَ فِي صُورَةِ الْحَلِفِ مُسْتَحِيلًا شَرْعًا لَا يُتَصَوَّرُ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيِّينَ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا يَنْعَقِدَانِ ثُمَّ يَحْنَثُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ التُّمُرْتَاشِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ فَهُوَ عَلَى الْجَائِزِ؛ لِأَنَّهُ لِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِالْفَاسِدِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ فِي الْمَاضِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ حَنَّثَهُ بَعْدَمَا قَالَ ثُمَّ أَفْطَرَ مِنْ يَوْمِهِ لَكِنْ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا نَصُّ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. اهـ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تُصَلِّ الْفَجْرَ غَدًا فَأَنْتِ كَذَا فَحَاضَتْ بُكْرَةً وَنَقَلْنَاهُ عَنْ الْمُنْتَقَى فَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِبَحْثِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهَمَّامِ

ــ

[منحة الخالق]

[قَوْلُهُ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ]

قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ الرَّمْزِ أَقُولُ: الشَّهَادَةُ بِعَدَمِ الدُّخُولِ أُوِّلَتْ بِالْخُرُوجِ الَّذِي هُوَ وَجُودِيٌّ صُورَةً، فِي الْحَقِيقَةِ الْمَقْصُودُ أَنَّ الْخُرُوجَ يُمْكِنُ الْإِحَاطَةُ بِهِ بِلَا رَيْبٍ بِأَنْ يُشَاهِدَ الْعَبْدُ خَارِجَ الدَّارِ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ فَهِيَ نَفْيٌ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ التَّضْحِيَةِ بِالْكُوفَةِ لَيْسَتْ ضِدًّا لِلْحَجِّ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَرَامَةً لَهُ، وَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا قَالُوا فِي الْمَشْرِقِيِّ وَالْمَغْرِبِيَّةِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَالصَّوْمُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالْأَكْلُ مُتَصَوَّرٌ كَمَا فِي صُورَةِ النَّاسِي) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَصَوُّرَهُ فِيمَا إذَا حَلَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي النَّاسِي الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ مَمْنُوعٌ. اهـ.

أَيْ فِي النَّاسِي لِلنِّيَّةِ لَكِنْ قَرَّرَ فِي الذَّخِيرَةِ التَّصَوُّرَ فِي غَيْرِ النَّاسِي فَقَالَ قُلْنَا الصَّوْمُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَبَعْدَ الْأَكْلِ مُتَصَوَّرٌ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ شَرَعَ الصَّوْمَ بَعْدَهُمَا لَا يَكُونُ مُسْتَحِيلًا أَلَا تَرَى كَيْفَ شَرَعَهُ بَعْدَ الْأَكْلِ نَاسِيًا، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ مَعَ الْحَيْضِ مُتَصَوَّرٌ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَيْسَ إلَّا دُرُورُ الدَّمِ، وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي شَرْعِيَّةَ الصَّلَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّ فِي حَقِّ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَمَنْ بِمَعْنَاهَا الصَّلَاةُ مَشْرُوعَةٌ وَشَرْطُ إقَامَةِ الدَّلِيلِ مَقَامَ الْمَدْلُولِ التَّصَوُّرُ لَا الْوُجُودُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ. اهـ. مُخَلَّصًا.

وَتَمَامُ الْكَلَامِ مَبْسُوطٌ فِيهَا وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ كَمَا فِي صُورَةِ النَّاسِي تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ فِي النَّهْرِ كَمَا لَا يَخْفَى وَيَحْصُلُ الْجَوَابُ بِذَلِكَ عَنْ إشْكَالِ ابْنِ الْهُمَامِ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>