للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى سَطْحِ الْكَنِيفِ وَالْإِصْطَبْلِ، وَلَوْ بَنَى عَلَى ذَلِكَ سَطْحًا آخَرَ وَصَلَّى عَلَيْهِ لَا يُكْرَهُ، وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ حَلَفَ لَا يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ فَمَشَى عَلَيْهَا بِنَعْلٍ أَوْ خُفٍّ حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى بِسَاطٍ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ مَشَى عَلَى أَحْجَارٍ حَنِثَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَرْضِ. اهـ.

وَفِي الْوَاقِعَاتِ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ الْحَشْوَ وَنَامَ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْفِرَاشِ، وَلَوْ رَفَعَ الظِّهَارَةَ وَنَامَ عَلَى الصُّوفِ وَالْحَشْوَ ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِرَاشًا. اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ نِمْتُ عَلَى ثَوْبِك فَأَنْت طَالِقٌ فَاتَّكَأَ عَلَى وِسَادَةٍ لَهَا أَوْ وَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى مِرْفَقَةٍ لَهَا أَوْ اضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِهَا إنْ وَضَعَ جَنْبَهُ أَوْ أَكْثَرَ بَدَنِهِ عَلَى ثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِهَا حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ نَائِمًا، وَإِنْ اتَّكَأَ عَلَى وِسَادَةٍ أَوْ جَلَسَ عَلَيْهَا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ نَائِمًا. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

وَالْأَصْلُ هُنَا أَنَّ مَا شَارَكَ الْمَيِّتُ فِيهِ الْحَيَّ يَقَعُ الْيَمِينُ فِيهِ حَالَةَ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَمَا اخْتَصَّ بِحَالَةِ الْحَيَاةِ تَقَيَّدَ بِهَا قَوْلُهُ (ضَرَبْتُك، وَكَسَوْتُك، وَكَلَّمْتُك وَدَخَلْت عَلَيْك تَقَيَّدَ بِالْحَيَاةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ وَالْحَمْلِ وَالْمَسِّ) ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ اسْمٌ لِفِعْلٍ مُؤْلِمٍ مُتَّصِلٍ بِالْبَدَنِ، وَالْإِيلَامُ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمَيِّتِ، وَمَنْ يُعَذَّبُ فِي الْقَبْرِ يُوضَعُ فِيهِ الْحَيَاةُ فِي قَوْلِ الْعَامَّةِ، وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهَا التَّمْلِيكُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَمِنْهُ الْكِسْوَةُ فِي الْكَفَّارَةِ، وَهُوَ مِنْ الْمَيِّتِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ السِّتْرَ، وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ وَالدُّخُولُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكَلَامِ الْإِفْهَامُ وَالْمَوْتُ يُنَافِيهِ وَالْمُرَادُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ زِيَارَتُهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ يُزَارُ قَبْرُهُ لَا هُوَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ غَسَلْته فَأَنْت حُرٌّ فَغَسَّلَهُ بَعْدَمَا مَاتَ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ هُوَ الْإِسَالَةُ وَمَعْنَاهُ التَّطْهِيرُ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمَيِّتِ، وَكَذَا الْحَمْلُ يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ حَمَلَ مَيِّتًا فَلْيَتَوَضَّأْ» وَالْمَسُّ لِلتَّعْظِيمِ أَوْ لِلشَّفَقَةِ فَيَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يُلِذُّ وَيُؤْلِمُ وَيَغُمُّ وَيَسُرُّ يَقَعُ عَلَى الْحَيَاةِ دُونَ الْمَمَاتِ كَالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ وَالْجِمَاعِ وَالْكِسْوَةِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ. اهـ.

وَمِثْلُهُ التَّقْبِيلُ إذَا حَلَفَ لَا يُقَبِّلُهَا فَقَبَّلَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَحْنَثُ وَتَقْبِيلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ بَعْدَمَا أُدْرِجَ فِي الْكَفَنِ مَحْمُولٌ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ الشَّفَقَةِ وَالتَّعْظِيمِ، وَقَيَّدَ بِالْكِسْوَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُلْبِسُهُ ثَوْبًا لَا يَتَقَيَّدُ بِالْحَيَاةِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ فَمَدَّ شَعْرَهَا أَوْ خَنَقَهَا أَوْ عَضَّهَا حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِفِعْلٍ مُؤْلِمٍ، وَقَدْ تَحَقَّقَ الْإِيلَامُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ حَالَةَ الْمِزَاحِ وَالْغَضَبِ، وَقِيلَ إنَّهُ إنْ كَانَ فِي حَالَةِ الْمِزَاحِ لَا يَحْنَثُ، وَإِلَّا حَنِثَ، وَكَذَلِكَ إذَا أَصَابَ رَأْسُهُ أَنْفَهَا فِي الْمُلَاعَبَةِ فَأَدْمَاهَا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ ضَرْبًا فِي الْمُلَاعَبَةِ كَذَا فِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ فِي الضَّرْبِ لِمَا فِي عِدَّةِ الْفَتَاوَى حَلَفَ لَا يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ فَضَرَبَ أَمَته، وَأَصَابَ رَأْسَ امْرَأَتِهِ يَحْنَثُ. اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَجَمَعَ مِائَةَ سَوْطٍ وَضَرَبَهُ مَرَّةً لَا يَحْنَثُ قَالُوا هَذَا إذَا ضَرَبَهُ ضَرْبًا يَتَأَلَّمُ بِهِ أَمَّا إذَا ضَرَبَهُ ضَرْبًا بِحَيْثُ لَا يَتَأَلَّمُ بِهِ لَا يَبَرُّ؛ لِأَنَّهُ صُورَةٌ لَا مَعْنًى وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى، وَلَوْ ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ وَاحِدٍ لَهُ شُعْبَتَانِ خَمْسِينَ مَرَّةً كُلُّ مَرَّةٍ تَقَعُ الشُّعْبَتَانِ عَلَى بَدَنِهِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَتَا مِائَةَ سَوْطٍ لَمَّا وَقَعَتْ الشُّعْبَتَانِ عَلَى بَدَنِهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَإِنْ جَمَعَ الْأَسْوَاطَ جَمِيعًا وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً إنْ ضَرَبَ بِعَرْضِ الْأَسْوَاطِ لَا يَبَرُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ الْأَسْوَاطِ لَمْ تَقَعْ عَلَى بَدَنِهِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْبَعْضُ وَإِنْ ضَرَبَهُ بِرَأْسِ الْأَسْوَاطِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَدْ سَوَّى رُءُوسَ الْأَسْوَاطِ قَبْلَ الضَّرْبِ حَتَّى إذَا ضَرَبَهُ ضَرْبًا أَصَابَهُ رَأْسُ كُلِّ سَوْطٍ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، وَأَمَّا إذَا انْدَسَّ مِنْ الْأَسْوَاطِ شَيْءٌ لَا يَقَعُ بِهِ الْبَرُّ عَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إذَا حَلَفَ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ فَوَجَأَهُ أَوْ قَرَصَهُ أَوْ مَدَّ شَعْرَهُ أَوْ زَادَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَوْ

ــ

[منحة الخالق]

بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ) .

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَرَبَهُ بِرَأْسِ الْأَسْوَاطِ إلَخْ) فِي الْفَتْحِ مِنْ الْمَشَايِخِ مِنْ شَرْطٍ فِيمَا إذَا جَمَعَ بِرُءُوسِ الْأَعْوَادِ وَضَرَبَ بِهَا كَوْنُ كُلِّ عُودٍ بِحَالِ لَوْ ضَرَبَ مُنْفَرِدًا لَأَوْجَعَ الْمَضْرُوبَ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا بَلْ يَحْنَثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ أَنْ لَا بُدَّ مِنْ الْأَلَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>