للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا قَطْعَ فِي الْمُرَكَّبِ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ؛ لِأَنَّهَا لِغَيْرِهَا ثَانِيهَا أَنْ يَكُونَ الْبَابُ خَفِيفًا فَلَوْ كَانَ ثَقِيلًا يَثْقُلُ عَلَى الْوَاحِدِ حَمْلُهُ فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّ الثَّقِيلَ مِنْهُ لَا يُرْغَبُ فِي سَرِقَتِهِ وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ سَرَقَ جُلُودَ السِّبَاعِ الْمَدْبُوغَةِ لَا يُقْطَعُ فَإِذَا جُعِلَتْ مُصَلَّى أَوْ بِسَاطًا يُقْطَعُ هَكَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ؛ لِأَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ ذَلِكَ خَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ جُلُودَ السِّبَاعِ؛ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ أَسْمَاءً أُخَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ) .

هُوَ فِي اللُّغَةِ الْمَوْضِعُ الْحَصِينُ يُقَالُ أَحْرَزَهُ إذَا جَعَلَهُ فِي الْحِرْزِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَفِي الشَّرْعِ مَا يُحْفَظُ فِيهِ الْمَالُ عَادَةً أَيْ الْمَكَانُ الَّذِي يُحْرَزُ فِيهِ كَالدَّارِ، وَالْحَانُوتِ، وَالْخَيْمَةِ، وَالشَّخْصِ نَفْسِهِ، وَالْمُحْرَزُ مَا لَا يُعَدُّ صَاحِبُهُ مُضَيِّعًا ثُمَّ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْحِرْزِ شَرْطٌ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ تَخْصِيصًا لِآيَةِ السَّرِقَةِ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْخِلَافِ بَعْدَمَا خُصِّصَ بِمِقْدَارِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ وَمَنْ سَرَقَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَا بِرَضَاعٍ وَمِنْ زَوْجَتِهِ وَزَوْجِهَا وَسَيِّدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَزَوْجِ سَيِّدَتِهِ وَمُكَاتَبَتِهِ وَخَتْنِهِ وَصِهْرِهِ وَمِنْ غُنْمٍ وَحَمَّامٍ وَبَيْتٍ أُذِنَ فِي دُخُولِهِ لَمْ يُقْطَعْ) لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَمَّا إذَا سَرَقَ مِنْ قَرِيبِهِ الْمَحْرَمِ فَلِلدُّخُولِ فِي الْحِرْزِ مَعَ الْبُسُوطَةِ فِي الْمَالِ فِي الْأُصُولِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُرَادُ مِنْ السَّرِقَةِ مِنْهُ السَّرِقَةُ مِنْ بَيْتِهِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا سَرَقَ مَالَهُ أَوْ مَالَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ بَيْتَهُ لَيْسَ بِحِرْزٍ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا سَرَقَ مَالَ مَحْرَمِهِ مِنْ بَيْتِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِوُجُودِ الْحِرْزِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ لِمَا فِي الْقَطْعِ مِنْ الْقَطِيعَةِ فَيَنْدَرِئُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ الْقَطْعُ حَقَّهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حَقُّ الشَّرْعِ فَلَا يَكُونُ قَطِيعَةً وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ فِي الْوِلَادِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الشُّبْهَةِ فِي مَالِهِ فَعَدَمُ الْقَطْعِ فِي الْوِلَادِ لِلشُّبْهَةِ لَا لِعَدَمِ الْحِرْزِ وَفِي الْمَحَارِمِ لِعَدَمِ الْحِرْزِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لَا بِرَضَاعٍ عَنْ الْمَحْرَمِ الَّذِي مَحْرَمِيَّتُهُ بِالرَّضَاعِ كَابْنِ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ مِنْ الرَّضَاعِ، فَإِنَّهُ رَحِمٌ مَحْرَمٌ لَا مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ، وَإِنَّمَا مَحْرَمِيَّتُهُ مِنْ جِهَةِ الرَّضَاعِ فَإِذَا سَرَقَ مِنْ بَيْتِهِ قُطِعَ كَمَا إذَا سَرَقَ مِنْ الرَّحِمِ فَقَطْ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي التَّبْيِينِ مِنْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى إخْرَاجِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ. اهـ.

ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّحِمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْرَمِ كَمَا عَلِمْت، وَأَمَّا إذَا سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ الْعَبْدُ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ مِنْ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ أَوْ زَوْجِ

ــ

[منحة الخالق]

[سَرِقَةِ السَّاجِ وَالْقَنَا وَالْأَبَنُوسِ وَالصَّنْدَلِ وَالْفُصُوصِ الْأَخْضَرِ]

قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ ثَقِيلًا إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ ثِقَلَهُ لَا يُنَافِي فِي مَالِيَّتَهُ وَلَا يُنْقِصُهَا، وَإِنَّمَا ثَقُلَ فِيهِ رَغْبَةُ الْوَاحِدِ لَا الْجَمَاعَةِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا امْتَنَعَ الْقَطْعُ فِي فِرْدَةِ حَمْلٍ مِنْ قُمَاشٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ وَلِذَا أَطْلَقَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي الْقَطْعَ. اهـ.

وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَرِدُ لَوْ لَمْ يَقُلْ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ الثَّقِيلَ مِنْهُ فَمَعَ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ مِنْهُ لَا يَرِدُ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.

[فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ]

(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْحِرْزِ شَرْطٌ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْفَتْحِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِ وَأَنَّ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ، وَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ قَطْعِيَّةً لَكِنْ ثَبَتَ تَخْصِيصُهَا بِمِقْدَارِ النِّصَابِ فَجَازَ تَخْصِيصُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا هُوَ مِنْ الْأُمُورِ الْإِجْمَاعِيَّةِ وَأَخْبَارِ الْآحَادِ وَنَحْوِهَا فَقَوْلُهُ بِنَاءً قَيْدٌ لِنَقْلِ ابْنِ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ وَقَوْلُهُ بَعْضُ مَا خُصِّصَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَخْصِيصًا وَقَوْلُهُ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ مُتَعَلِّقَانِ بِتَخْصِيصٍ أَيْضًا لَكِنَّ الْبَاءَ فِي بِالْإِجْمَاعِ لِلسَّبِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا سَرَقَ مِنْ قَرِيبِهِ الْمُحَرَّمِ إلَخْ) قَالَ الْبُرْجَنْدِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا دَخْلَ لِلْقَرَابَةِ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ الْحِرْزُ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ بِلَا مَانِعٍ وَلَا حِشْمَةٍ لَا يُقْطَعُ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ لَا وَلِهَذَا لَا يُقْطَعُ لَوْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مَتَاعَ غَيْرِهِ قَالَ الْحَمَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الصِّدِّيقِينَ يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا بَيْتَ الْآخَرِ بِلَا مَانِعٍ وَلَا حِشْمَةٍ مَعَ أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ مِنْ بَيْتِ صَدِيقِهِ فَظَهَرَ أَنَّ لِلْقَرَابَةِ يَعْنِي الْمُؤَبَّدَةَ بِالْمَحْرَمِيَّةِ مَدْخَلًا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَعْلِيلُهُمْ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّ الْقَطْعَ يُفْضِي إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَأَقُولُ: هَذَا لَا يَرِدُ عَلَى الْبُرْجَنْدِيِّ؛ لِأَنَّ الصَّدِيقَ، وَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ مَحَلَّ صِدِّيقِهِ بِلَا مَانِعٍ وَلَا حِشْمَةٍ لَكِنْ لَزِمَهُ الْقَطْعُ لِلسَّرِقَةِ مِنْ بَيْتٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي دُخُولِهِ حَتَّى لَوْ سَرَقَ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي جَرَتْ عَادَتُهُ بِدُخُولِهِ لَمْ يُقْطَعْ كَذَا فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ الْقَطْعُ حَقَّهُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ إذْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِالْقَطْعِ فِيمَا إذَا سَرَقَ مِنْ بَيْتِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَلَا يَلْزَمُ الْقَطِيعَةُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ هُنَاكَ لَكِنْ عَدَمُ الْحِرْزِ مَانِعٌ مِنْ الْقَطْعِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَحْرَمٍ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي التَّبْيِينِ إلَخْ) سَبَقَهُ إلَى هَذَا الْعَيْنِيُّ وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا غَفْلَةٌ مِنْهُمْ عَنْ عِبَارَةِ الزَّيْلَعِيِّ، فَإِنَّ نُسْخَةَ الْكَنْزِ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا بِلَفْظِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ وَمِثْلُهَا عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ فَقَوْلُهُ مِنْهُ قَيْدٌ لِلْمَحْرَمِ وَضَمِيرُهُ لِرَحِمٍ أَيْ مَحْرَمٍ مِنْ الرَّحِمِ فَخَرَجَ بِهِ ابْنُ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ مِنْ الرَّضَاعِ؛ لِأَنَّهُ مَحْرَمٌ مِنْ الرَّضَاعِ لَا مِنْ الرَّحِمِ فَقَوْلُهُ بِلَا رَضَاعٍ لَمْ يُفِدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>