للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا قِيمَتُهُ نِصَابٌ ثُمَّ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّ كَمَالَ النِّصَابِ لَمَّا كَانَ شَرْطًا يُشْتَرَطُ قِيَامُهُ عِنْدَ الْإِمْضَاءِ لِمَا ذَكَرْنَا أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا تَغَيَّرَ السِّعْرُ فِي بَلَدٍ أَوْ بَلَدَيْنِ حَتَّى إذَا سَرَقَ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ فِي بَلَدٍ وَأَخَذَ فِي بَلَدٍ آخَرَ الْقِيمَةُ فِيهِ أَنْقَصُ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَقَيَّدَ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَوْ نَقَصَتْ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَكَمُلَ النِّصَابُ عَيْنًا وَدَيْنًا كَمَا إذَا اسْتَهْلَكَهُ كُلَّهُ أَمَّا نُقْصَانُ السِّعْرِ فَغَيْرُ مَضْمُونٍ فَافْتَرَقَا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَرَّا بِسَرِقَةٍ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ مَالِي لَمْ يُقْطَعَا) أَيْ السَّارِقَانِ الْمُقِرَّانِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَامِلٌ فِي حَقِّ الرَّاجِعِ وَمُورِثٌ لِلشُّبْهَةِ فِي حَقِّ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ قَدْ ثَبَتَتْ بِإِقْرَارِهِمَا عَلَى الشَّرِكَةِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَيَّدَ بِإِقْرَارِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ هُوَ وَفُلَانٌ كَذَا فَأَنْكَرَ فُلَانٌ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ الْمُقِرُّ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ بِتَكْذِيبِهِ بِقَوْلِهِ: قَتَلْت أَنَا وَفُلَانٌ وَزَنَيْت أَنَا وَفُلَانٌ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُقِرِّ، وَإِنْ أَنْكَرَ فُلَانٌ. وَقَوْلُهُ: قَالَ أَحَدُهُمَا: هُوَ مَالِي تَمْثِيلٌ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ أَنَّ أَحَدَهُمَا إذَا ادَّعَى شُبْهَةً أَيَّ شُبْهَةٍ كَانَتْ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنْهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَرَقَا وَغَابَ أَحَدُهُمَا وَشَهِدَ عَلَى سَرِقَتِهِمَا قُطِعَ الْآخَرُ) أَيْ الْحَاضِرُ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ تَمْنَعُ ثُبُوتَ السَّرِقَةِ عَلَى الْغَائِبِ فَيَبْقَى مَعْدُومًا، وَالْعَدَمُ لَا يُورِثُ الشُّبْهَةَ وَلَا مُعْتَبَرَ بِتَوَهُّمِ حُدُوثِ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْغَائِبَ لَوْ حَضَرَ وَادَّعَى كَانَ شُبْهَةً لِلْحَاضِرِ وَاحْتِمَالُ دَعْوَى الْغَائِبِ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ عَبْدٌ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ وَتُرَدُّ السَّرِقَةُ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْحُدُودِ، وَالْقِصَاصِ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ آدَمِيٌّ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى الْمَالِيَّةِ فَيَصِحُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ وَلِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَضْرَارِ وَمِثْلُهُ مَقْبُولٌ عَلَى الْغَيْرِ فَيُقْطَعُ الْعَبْدُ، وَإِذَا صَحَّ الْإِقْرَارُ بِالْقَطْعِ صَحَّ بِالْمَالِ بِنَاءً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُلَاقِي حَالَةَ الْبَقَاءِ، وَالْمَالُ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ تَابِعٌ فَقَطْ حَتَّى تَسْقُطَ عِصْمَةُ الْمَالِ بِاعْتِبَارِهِ وَيُسْتَوْفَى الْقَطْعُ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ أَطْلَقَ الْعَبْدَ فَشَمِلَ الْمَأْذُونَ، وَالْمَحْجُورَ عَلَيْهِ وَخَالَفَ مُحَمَّدٌ فِي الْمَحْجُورِ فَقَالَ لَا يُقْطَعُ وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمَالَ لِلْمَوْلَى وَأَطْلَقَ فِي الْقَطْعِ فَشَمِلَ مَا إذَا صَدَّقَهُ الْمَوْلَى وَكَذَّبَهُ، وَالْخِلَافُ فِيهِ فَقَطْ وَأَطْلَقَ فِي السَّرِقَةِ فَشَمِلَ الْقَائِمَةَ، وَالْمُسْتَهْلِكَةَ وَأَشَارَ بِالرَّدِّ الْمُقَيَّدِ لِبَقَائِهَا إلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فَلَا ضَمَانَ وَيُقْطَعُ اتِّفَاقًا وَأَشَارَ بِالْقَطْعِ إلَى أَنَّ الْعَبْدَ كَبِيرٌ إذْ لَا قَطْعَ إلَّا عَلَى مُكَلَّفٍ، فَإِذَا أَقَرَّ عَبْدٌ صَغِيرٌ بِسَرِقَةٍ فَلَا قَطْعَ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا بِرَدِّ الْمَالِ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى يُرَدُّ الْمَالُ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ هَالِكًا وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَيَّدَ بِالْإِقْرَارِ لِيُفِيدَ أَنَّ السَّرِقَةَ لَوْ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِالْأَوْلَى وَيُرَدُّ الْمَالُ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمَوْلَى عِنْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، وَأَمَّا حَضْرَتُهُ عِنْدَ الْإِقْرَارِ بِالْحُدُودِ فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ اتِّفَاقًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ (قَوْلُهُ لَا يَجْتَمِعُ قَطْعٌ وَضَمَانٌ وَتُرَدُّ الْعَيْنُ لَوْ قَائِمَةً) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا غُرْمَ عَلَى السَّارِقِ بَعْدَمَا قُطِعَتْ يَمِينُهُ» وَلِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ يُنَافِي الْقَطْعَ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْنَدًا إلَى وَقْتِ الْأَخْذِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مِلْكِهِ فَيَنْتَفِي الْقَطْعُ وَمَا يُؤَدِّي إلَى انْتِفَائِهِ فَهُوَ الْمُنْتَفِي، أَوْ لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَا يَبْقَى مَعْصُومًا حَقًّا لِلْعَبْدِ إذْ لَوْ بَقِيَ كَانَ مُبَاحًا فِي نَفْسِهِ فَيَنْتَفِي الْقَطْعُ لِلشُّبْهَةِ فَيَصِيرُ مُحَرَّمًا حَقًّا لِلشَّرْعِ كَالْمَيْتَةِ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِهْلَاكُ قَبْلَ الْقَطْعِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَفَرَّقَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بَيْنَ الْهَلَاكِ، وَالِاسْتِهْلَاكِ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَا يَظْهَرُ سُقُوطُهَا فِي حَقِّ الِاسْتِهْلَاكِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ آخَرُ غَيْرُ السَّرِقَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّهِ وَكَذَا الشُّبْهَةُ تُعْتَبَرُ فِيمَا هُوَ السَّبَبُ دُونَ

ــ

[منحة الخالق]

وَإِلَّا فَهُوَ فِي يَدِهِ وَقَالَ فِي الشرنبلالية لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَهَبُ لِيُخَاصِمَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَيْهَا وَالْكَلَامُ فِيمَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُخَاصِمْ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ لَمْ يَهَبْ لِاشْتِرَاطِ حُضُورِهِ عِنْدَ الْقَطْعِ كَمَا مَرَّ تَأَمَّلْ.

[أَقَرَّا بِسَرِقَةٍ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ مَالِي]

(قَوْلُهُ: اقْتَصَرَ عَلَى الْمُقِرِّ، وَإِنْ أَنْكَرَ فُلَانٌ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِالْوَاوِ فِي وَإِنْ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ الظَّاهِرُ حَذْفُهَا وَعِبَارَةُ مِنَحِ الْغَفَّارِ إذَا أَنْكَرَ فُلَانٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>