للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَقْتُولُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ فَانْقَطَعَ مِلْكُ الْمُسْلِمِ عَنْهُ وَلَوْ أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ سَلَبَ الْمَقْتُولِ ثُمَّ انْهَزَمُوا فَهُوَ غَنِيمَةٌ وَلَا شَيْءَ لِلْقَاتِلِ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهُ بِالِاسْتِيلَاءِ فَبَطَلَ مِلْكُ الْقَاتِلِ ثُمَّ مَلَكَهُ الْغُزَاةُ وَإِنْ لَمْ يُدْرَ أَنَّهُمْ أَخَذُوهُ فَإِنْ كَانَ مَنْزُوعًا عَنْهُ فَهُوَ فَيْءٌ لِإِثْبَاتِ يَدِهِمْ عَلَيْهِ بِالنَّزْعِ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْقَاتِلِ وَإِنْ جَرَّهُ الْمُشْرِكُونَ أَوْ حَمَلُوهُ عَلَى دَابَّتِهِ وَعَلَيْهَا سِلَاحُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَمَلُوا أَسْلِحَتَهُمْ وَأَمْتِعَتَهُمْ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ فَيْءٌ وَلَوْ وُجِدَ عَلَى دَابَّةٍ بَعْدَمَا سَارَ الْعَسْكَرُ مَرْحَلَةً أَوْ مَرْحَلَتَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَكَانَ فِي يَدِ أَحَدٍ أَوْ لَا فَهُوَ لِلْقَاتِلِ قِيَاسًا لَا اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ فَرَسُهُ فَقَتَلَ رَاجِلٌ رَاجِلًا وَمَعَ غُلَامِهِ فَرَسُهُ قَائِمٌ بِجَنْبِهِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يَكُونُ لِلْقَاتِلِ فَرَسُهُ إذَا كَانَ فَرَسُهُ مَعَ غُلَامِهِ بِقُرْبٍ مِنْهُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْإِمَامِ قَتْلُ مَنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْقِتَالِ فَارِسًا، وَهَذَا كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِجَنْبِهِ فِي الصَّفِّ فَلَا يَكُونُ لَهُ وَلَوْ قَتَلَ مُشْرِكًا عَلَى بِرْذَوْنٍ كَانَ لَهُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى فَارِسًا وَلَوْ كَانَ عَلَى حِمَارٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ حَمْلٍ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ لِأَنَّ رَاكِبَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يُسَمَّى فَارِسًا وَلِذَا لَا يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفَارِسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ قَالَ الْإِمَامُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ سَبْقُ قَلَمٍ وَإِنَّمَا الْمَذْكُورُ فِي الْمُحِيطِ فَلَهُ فَرَسُهُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ آخِرًا لَوْ كَانَ رَاكِبًا عَلَى بَغْلٍ وَنَحْوِهِ لَا يَكُونُ لَهُ وَلَوْ كَانَ التَّنْفِيلُ بِلَفْظِ السَّلَبِ لَاسْتَحَقَّهُ لِأَنَّ الْمَرْكَبَ أَعَمُّ مِنْهُ وَمِنْ الْفَرَسِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْمَرْكَبُ كَمَقْعَدٍ وَاحِدٌ مَرَاكِبُ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ اهـ.

وَفِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ حُكْمُ التَّنْفِيلِ قَطَعَ حَقَّ الْبَاقِينَ فَأَمَّا الْمِلْكُ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لِمَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ حَتَّى لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ مَنْ أَصَابَ جَارِيَةً فَهِيَ لَهُ فَأَصَابَهَا مُسْلِمٌ فَاسْتَبْرَأَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْؤُهَا وَكَذَا لَا يَبِيعُهَا هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَيَبِيعَهَا لِأَنَّ التَّنْفِيلَ يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ عِنْدَهُ كَمَا يَثْبُتُ بِالْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالشِّرَاءِ مِنْ الْحَرْبِيِّ وَوُجُوبُ الضَّمَانِ بِالْإِتْلَافِ قَدْ قِيلَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)

شَامِلٌ لِشَيْئَيْنِ اسْتِيلَاءِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَاسْتِيلَائِهِمْ عَلَى أَمْوَالِنَا فَقَدَّمَ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ سَبْيُ التُّرْكِ الرُّومِ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ مَلَكُوهَا) لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ قَدْ تَحَقَّقَ فِي مَالٍ مُبَاحٍ وَهُوَ السَّبَبُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ الْكُلُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ الْكَافِرَ يَمْلِكُ بِمُبَاشَرَةِ سَبَبِ الْمِلْكِ كَالِاحْتِطَابِ فَكَذَا بِهَذَا السَّبَبِ وَفِي الْقَامُوسِ الرُّومُ بِالضَّمِّ جِيلٌ مِنْ وَلَدِ الرُّومِ بْنِ عِيصُو رَجُلٌ رُومِيٌّ وَالْجَمْعُ رُومٌ وَالتُّرْكُ بِالضَّمِّ جِيلٌ مِنْ النَّاسِ وَالْجَمْعُ أَتْرَاكٌ اهـ.

فَمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ التُّرْكَ جَمْعُ التُّرْكِيِّ وَالرُّومَ جَمْعُ الرُّومِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَمَلَكْنَا مَا نَجِدُهُ مِنْ ذَلِكَ إنْ غَلَبْنَا عَلَيْهِمْ) اعْتِبَارًا بِسَائِرِ أَمْلَاكِهِمْ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرُّومِ مُوَادَعَةٌ لِأَنَّا لَمْ نَغْدِرْهُمْ إنَّمَا أَخَذْنَا مَالًا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِمْ وَلِذَا حَلَّ لَنَا أَنْ نَشْتَرِيَ مَا غَنِمَهُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ الْأُخْرَى لِمَا ذَكَرْنَا، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْإِحْرَازُ بِدَارِ الْحَرْبِ شَرْطٌ أَمَّا بِدَارِهِمْ فَلَا، وَلَوْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُوَادَعَةٌ وَاقْتَتَلُوا فِي دَارِنَا لَا نَشْتَرِي مِنْ الْغَالِبِينَ شَيْئًا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهُ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ فَيَكُونُ شِرَاؤُنَا غَدْرًا بِالْآخَرِينَ فَإِنَّهُ عَلَى مِلْكِهِمْ وَأَمَّا لَوْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ يَجُوزُ شِرَاءُ الْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْمَنِ مِنْ الْغَالِبِينَ نَفْسًا أَوْ مَالًا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ بَيْنَ الْمَأْخُوذِ وَالْآخِذِ قَرَابَةُ مَحْرَمِيَّةٍ كَالْأُمِّيَّةِ أَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِلْآخِذِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ دَانُوا بِذَلِكَ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ دَانُوا بِأَنَّ مَنْ قَهَرَ آخَرَ مَلَكَهُ جَازَ الشِّرَاءُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ غَلَبُوا عَلَى أَمْوَالِنَا وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ مَلَكُوهَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَمْلِكُونَهَا لِأَنَّ

ــ

[منحة الخالق]

قَوْلِ الْهِدَايَةِ وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَغْدِرُوا وَقَوْلُهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُبَاعَ السِّلَاحُ مِنْهُمْ وَقَوْلُ الْمَتْنِ فِي الْأَيْمَانِ وَمَنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ وَهُوَ شَائِعٌ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ سَبْقُ قَلَمٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ مِنْ بَعْضِ النُّسَّاخِ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِنَا مِنْ الزَّيْلَعِيِّ فَلَهُ فَرَسُهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.

[بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ]

(قَوْلُهُ فَمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ التُّرْكِيَّ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الرُّومِ وَالتُّرْكِ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُفْرَدِهِ بِالْيَاءِ كَزِنْجٍ وَزِنْجِيٍّ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ التُّرْكَ الَّذِي هُوَ جَمْعُ تُرْكِيٍّ جَمْعٌ عَلَى أَتْرَاكٍ وَهَذَا لَا يَنْفِيه صَاحِبُ النِّهَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>