للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَوَقُّفُ التَّصَرُّفَاتِ بِنَاءً عَلَيْهِ فَصَارَ كَالْحَرْبِيِّ يَدْخُلُ دَارَنَا بِغَيْرِ أَمَانٍ فَيُؤْسَرُ فَتَتَوَقَّفُ تَصَرُّفَاتُهُ لِتَوَقُّفِ حَالِهِ حَيْثُ كَانَ لِلْإِمَامِ الْخِيَارُ بَيْنَ اسْتِرْقَاقِهِ وَقَتْلِهِ فَإِنْ قُتِلَ أَوْ أُسِرَ لَمْ تَنْفُذْ مِنْهُ هَذِهِ أَوْ أَسْلَمَ لَمْ يُؤْخَذْ لَهُ مَالٌ فَكَذَا هَذَا وَفِي الْأَهْلِيَّةِ خَلَلٌ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْقَتْلَ لِبُطْلَانِ سَبَبِ الْعِصْمَةِ بِخِلَافِ الزَّانِي وَقَاتِلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقَتْلِ جَزَاءٌ عَلَى الْجِنَايَةِ قَالَ أَبُو الْيُسْرِ مَا قَالَاهُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَقْبَلُ الرِّقَّ وَالْقَهْرَ يَكُونُ حَقِيقِيًّا لَا حُكْمِيًّا وَالْمِلْكُ يَبْطُلُ بِالْقَهْرِ الْحُكْمِيِّ لَا الْحَقِيقِيِّ وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَا يَبْطُلُ مِلْكُ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِالرَّجْمِ وَحَاصِلُ مُرَادِهِ أَنَّ الْمُنَافِي لِلْمِلْكِ الِاسْتِرْقَاقُ لَيْسَ غَيْرَ لَكِنَّهُ مَمْنُوعٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَلْ نَقُولُ إنَّمَا أَوْجَبَ اسْتِرْقَاقَ ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ لِلْقَهْرِ الْكَائِنِ بِسَبَبِ حِرَابَتِهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمُرْتَدِّ فَيَثْبُتُ فِيهِ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الرِّقَّ يُتَصَوَّرُ مَعَهُ مِلْكُ النِّكَاحِ بِخِلَافِ قَهْرِ الْمُرْتَدِّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَطْلَقَ الْمُبَايَعَةَ فَشَمِلَتْ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَالْإِجَارَةَ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَأَشَارَ بِالْعِتْقِ إلَى مَا هُوَ مِنْ حُقُوقِهِ كَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ فَهُمَا مَوْقُوفَانِ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَدْخُلُ الِاسْتِيلَادُ لِأَنَّهُ مِنْهُ نَافِذٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حَقِيقَةِ الْمِلْكِ حَتَّى صَحَّ فِي جَارِيَةِ الِابْنِ وَأَشَارَ بِالْهِبَةِ إلَى كُلِّ تَمْلِيكٍ هُوَ تَبَرُّعٌ فَدَخَلَتْ الْوَصِيَّةُ فَإِنَّهَا مَوْقُوفَةٌ أَيْضًا.

وَلَمَّا كَانَ الرَّهْنُ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ فِي الْمَالِ كَالْبَيْعِ كَانَ دَاخِلًا فَتَوَقَّفَ رَهْنُهُ أَيْضًا وَلَمَّا كَانَ قَبْضُ الدَّيْنِ مُبَادَلَةً حُكْمًا دَخَلَ تَحْتَ الْمُبَايَعَةِ فَتَوَقَّفَ قَبْضُهُ الدَّيْنَ أَيْضًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَعْتَمِدُ الْمِلَّةَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ اتِّفَاقًا وَهِيَ خَمْسَةٌ النِّكَاحُ وَالذَّبِيحَةُ وَالصَّيْدُ بِالْكَلْبِ وَالْبَازِي وَالرَّمْيُ وَالْإِرْثُ وَالشَّهَادَةُ وَمَا لَا يَعْتَمِدُ الْمِلَّةَ وِلَايَةً وَلَا حَقِيقَةَ مِلْكٍ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مِنْهُ اتِّفَاقًا وَهِيَ خَمْسٌ أَيْضًا الِاسْتِيلَادُ وَالطَّلَاقُ وَقَبُولُ الْهِبَةِ وَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَالْحَجْرُ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ وَصُورَةُ الِاسْتِيلَادِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ إذَا جَاءَتْ جَارِيَتُهُ بِوَلَدٍ فَادَّعَى الْوَلَدَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَرِثُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَعَ وَرَثَتِهِ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ اهـ.

وَأَوْرَدَ كَيْفَ يَقَعُ طَلَاقُهُ وَقَدْ بَانَتْ بِرِدَّتِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ الْبَيْنُونَةِ امْتِنَاعُ الطَّلَاقِ وَقَدْ سَلَف أَنَّ الْمُبَانَةَ يَلْحَقُهَا الصَّرِيحُ فِي الْعِدَّةِ وَأَوْرَدَ طَلَبَ الْفَرْقِ بَيْنَ طَلَاقِهِ وَعِتْقِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَعْتَمِدُ كَمَالَ الْوِلَايَةِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ بِدَلِيلِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْعَبْدِ دُونَ عِتْقِهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَإِذَا أَعْتَقَ الْمُرْتَدُّ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ ابْنُهُ الْمُسْلِمُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الِابْنَ إنَّمَا يَرِثُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ وَإِعْتَاقُهُ سَابِقٌ عَلَى مِلْكِهِ فَلَا يُعْتِقُ وَهُوَ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ عَبْدًا وَتَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدَّيْنِ فَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ ثُمَّ سَقَطَ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ إعْتَاقُ الْوَارِثِ لِأَنَّ ثَمَّةَ سَبَبَ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ تَامٌّ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ الْمِلْكُ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ فَإِذَا سَقَطَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّ إعْتَاقَ الْوَارِثِ يَنْفُذُ وَأَمَّا فِي الْمُرْتَدِّ سَبَبُ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ إنَّمَا يَتِمُّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُرْتَدِّ اهـ.

وَلَا يُمْكِنُ تَوَقُّفُ التَّسْلِيمِ لِأَنَّهَا بَطَلَتْ بِهِ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْحَجْرُ فَيَصِحُّ بِحَقِّ الْمِلْكِ فَبِحَقِيقَةِ الْمِلْكِ الْمَوْقُوفِ أَوْلَى وَفِي الْمُحِيطِ فِي مَسْأَلَةِ عِتْقِهِ وَإِعْتَاقِ ابْنِهِ أَنَّهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا وَقْتَ الرِّدَّةِ فَيَجِبُ أَنْ يَنْفُذَ عِتْقُهُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ أَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ إذَا مَاتَ أَوْ قُتِلَ وَالْكَلَامُ هُنَا قَبْلَهُ وَأَمَّا مَا يَعْتَبِرُ الْمُسَاوَاةَ مِنْ التَّصَرُّفِ أَوْ وِلَايَةً مُتَعَدِّيَةً فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ اتِّفَاقًا فَالْأَوَّلُ الْمُفَاوَضَةُ فَإِذَا فَاوَضَ مُسْلِمًا تَوَقَّفَتْ اتِّفَاقًا إنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ وَإِنْ هَلَكَ بَطَلَتْ وَتَصِيرُ عِنَانًا مِنْ الْأَصْلِ عِنْدَهُمَا وَتَبْطُلُ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالثَّانِي التَّصَرُّفُ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَفِي مَالِ وَلَدِهِ

ــ

[منحة الخالق]

أَنَّ هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَأَنَّهُ الْأَصَحُّ.

[مُبَايَعَة الْمُرْتَدّ وَعِتْقُهُ وَهِبَتُهُ]

(قَوْلُهُ فَدَخَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَأَمَّا مَا أَوْصَى بِهِ فِي حَالِ إسْلَامِهِ فَالْمَذْكُورُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَا هُوَ قُرْبَةٌ وَغَيْرُ قُرْبَةٍ وَمِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ أَنَّ الْإِطْلَاقَ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِغَيْرِ الْقُرْبَةِ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّ لِبَقَاءِ الْوَصِيَّةِ حُكْمَ الِابْتِدَاءِ وَابْتِدَاءُ الْوَصِيَّةِ بِغَيْرِ الْقُرْبَةِ بَعْدَ الرِّدَّةِ عِنْدَهُمَا يَصِحُّ وَعِنْدَهُ يَتَوَقَّفُ فَكَذَا هُنَا قِيلَ أَرَادَ بِالْوَصِيَّةِ بِغَيْرِ الْقُرْبَةِ الْوَصِيَّةَ لِلنَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا تَبْطُلُ فِيمَا لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَحَمَلَ إطْلَاقَ مُحَمَّدٍ لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ عَلَى وَصِيَّةٍ يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهَا وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا أَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ لِحَقِّ الْمَيِّتِ وَلَا حَقَّ لَهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَكَانَ رِدَّتُهُ كَرُجُوعِهِ عَنْ الْوَصِيَّةِ فَلَا يَبْطُلُ مَا لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ كَالتَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ وَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ وَفِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَلَوْ بِيعَ دَارٌ بِجَنْبِ دَارِ الْمُرْتَدِّ قَبْلَ لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَطَلَبَ أَخْذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَلَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا شُفْعَةَ لَهُ حَتَّى يُسْلِمَ بِخِلَافِ الْمُرْتَدَّةِ وَلَوْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ فَلَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لِتَرْكِهِ الطَّلَبَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ بِأَنْ يُسْلِمَ اهـ.

(قَوْلُهُ يَلْحَقُهَا الصَّرِيحُ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَائِنًا مَعْنًى كَالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ عَلَى مَالٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُمْكِنُ تَوَقُّفُ التَّسْلِيمِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>