للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُقْتَلُونَ حَالَ الْقِتَالِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ إلَّا الصِّبْيَانَ وَالْمَجَانِينِ وَلَا يَجُوزُ لِلْعَادِلِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِقَتْلِ مَحْرَمِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ مُبَاشَرَةً إلَّا إذَا أَرَادَ قَتْلَهُ فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ وَلَوْ بِقَتْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَتَسَبَّبَ لِيَقْتُلَهُ غَيْرُهُ كَعَقْرِ دَابَّتِهِ بِخِلَافِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ مَحْرَمَهُ مِنْهُمْ مُبَاشَرَةً إلَّا الْوَالِدَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ تُسْبَ ذُرِّيَّتُهُمْ وَحَبَسَ أَمْوَالَهُمْ حَتَّى يَتُوبُوا) لِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَوْمَ الْجَمَلِ وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرٌ وَلَا يُكْشَفُ سِتْرٌ وَلَا يُؤْخَذُ مَالٌ وَهُوَ الْقُدْوَةُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَوْلُهُ فِي الْأَسِيرِ مُؤَوَّلٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ وَمَعْنَى لَا يُكْشَفُ لَهُمْ سِتْرٌ لَا تُسْبَى نِسَاؤُهُمْ أَطْلَقَ الْمَالَ فَشَمِلَ الْعَبِيدَ فَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَأْسُورُ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ فَإِنْ كَانَ قَاتَلَ مَعَ مَوْلَاهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ وَإِنْ كَانَ يَخْدُمُ مَوْلَاهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَلَكِنْ يُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ اهـ.

وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ حَبْسُ عَيْنِ الْكُرَاعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَمَّا الْكُرَاعُ فَلَا يُمْسَكُ وَلَكِنَّهُ يُبَاعُ وَيُحْبَسُ ثَمَنُهُ لِمَالِكِهِ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ الدَّوَابَّ بَدَلَ الْكُرَاعِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِتَتَوَفَّرَ مُؤْنَتُهَا عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ بِهَا حَاجَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ احْتَاجَ قَاتَلَ بِسِلَاحِهِمْ وَخَيْلِهِمْ) لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَسَمَ السِّلَاحَ فِيمَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ بِالْبَصْرَةِ وَكَانَتْ قِسْمَتُهُ لِلْحَاجَةِ لَا لِلتَّمْلِيكِ وَلِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي مَالِ الْعَادِلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَفِي مَالِ الْبَاغِي أَوْلَى وَالْمَعْنَى فِيهِ إلْحَاقُ الضَّرَرِ الْأَدْنَى لِدَفْعِ الْأَعْلَى قَيَّدَ بِالسِّلَاحِ وَالْخَيْلِ لِأَنَّ غَيْرَهُمَا مِنْ الْأَمْوَالِ يُنْتَفَعُ بِهِ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْمُحِيطِ قَالَ الْبَاغِي تُبْت وَأَلْقَى السِّلَاحَ كُفَّ عَنْهُ لِأَنَّ تَوْبَةَ الْبَاغِي بِمَنْزِلَةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الْحَرْبِيِّ فِي إفَادَةِ الْعِصْمَةِ وَالْحُرْمَةِ وَلَوْ قَالَ كُفَّ عَنِّي لِأَنْظُرَ فِي أَمْرِي لَعَلِّي أُلْقِي السِّلَاحَ يُكَفُّ عَنْهُ وَلَوْ قَالَ أَنَا عَلَى دِينِك وَمَعَهُ السِّلَاحُ لَمْ يُكَفَّ عَنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَوْبَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ بَاغٍ مِثْلَهُ فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ) لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِإِمَامِ الْعَدْلِ حِينَ الْقَتْلِ فَلَمْ يَنْعَقِدْ مُوجِبًا كَالْقَتْلِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ وَلِذَا عَبَّرَ بِالشَّيْءِ الْمُنْكَرِ فِي النَّفْيِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَإِنَّهُ عُلِّلَ بِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا يُبَاحُ قَتْلُهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَادِلَ إذَا قَتَلَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلَمَّا كَانَ مُبَاحَ الْقَتْلِ لَمْ يَجِب بِهِ شَيْءٌ اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ يَصْنَعُ بِقَتْلَى أَهْلِ الْعَدْلِ مَا يُصْنَعُ بِسَائِرِ الشُّهَدَاءِ لِأَنَّهُمْ شُهَدَاءُ وَأَمَّا قَتْلَى أَهْلِ الْبَغْيِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَكِنَّهُمْ يُغَسَّلُونَ وَيُكَفَّنُونَ وَيُدْفَنُونَ وَيُكْرَهُ أَنْ تُؤْخَذَ رُءُوسُهُمْ وَتُبْعَثَ إلَى الْآفَاقِ وَكَذَلِكَ رُءُوسُ أَهْلِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَجَوَّزَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إذَا كَانَ فِيهِ طُمَأْنِينَةُ قُلُوبِ أَهْلِ الْعَدْلِ أَوْ كَسْرِ شَوْكَتِهِمْ اهـ.

وَمَنَعَهُ فِي الْمُحِيطِ فِي رُءُوسِ الْبُغَاةِ وَجَوَّزَهُ فِي رُءُوسِ أَهْلِ الْحَرْبِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ غَلَبُوا عَلَى مِصْرَ فَقَتَلَ مِصْرِيٌّ مِثْلَهُ فَظَهَرَ عَلَى الْمِصْرِ قُتِلَ بِهِ) يَعْنِي بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ عَمْدًا الثَّانِي أَنْ لَا يَجْرِيَ عَلَى أَهْلِهِ أَحْكَامُ أَهْلِ الْبَغْيِ وَأَزْعَجُوا مِنْ الْمِصْرِ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ تَنْقَطِعْ وِلَايَةُ الْإِمَامِ وَبَعْدَ إجْرَاءِ أَحْكَامِهِمْ تَنْقَطِعُ فَلَا يَجِبُ.

[قَتَلَ عَادِلٌ بَاغِيًا أَوْ قَتَلَهُ بَاغٍ وَقَالَ أَنَا عَلَى حَقٍّ]

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ عَادِلٌ بَاغِيًا أَوْ قَتَلَهُ بَاغٍ وَقَالَ أَنَا عَلَى حَقٍّ وَرِثَهُ وَإِنْ قَالَ أَنَا عَلَى بَاطِلٍ لَا) أَيْ لَا يَرِثُهُ بَيَانٌ لِمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى إذَا قَتَلَ عَادِلٌ بَاغِيًا فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَلَا تَفْصِيلَ فِيهِ لِأَنَّهُ قَتَلَ بِحَقٍّ فَلَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْعَادِلَ إذَا أَتْلَفَ نَفْسَ الْبَاغِي أَوْ مَالَهُ لَا يَضْمَنُ وَلَا يَأْثَمُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقِتَالِهِمْ دَفْعًا لِشَرِّهِمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَصَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّ الْعَادِلَ لَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ مِنْ دَمٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ مَالٍ اسْتَهْلَكَهُ وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ قَالَ مُحَمَّدٌ إذَا تَابُوا أُفْتِيهِمْ أَنْ يَغْرَمُوا وَلَا أُجْبِرُهُمْ وَفِي الْمُحِيطِ الْعَادِلُ لَوْ أَتْلَفَ مَالَ الْبَاغِي يُؤْخَذُ بِالضَّمَانِ لِأَنَّ مَالَ الْبَاغِي مَعْصُومٌ فِي حَقِّنَا وَأَمْكَنَ إلْزَامُ الضَّمَانِ لَهُ فَكَانَ فِي إيجَابِهِ فَائِدَةٌ وَوَفَّقَ الشَّارِحُ فَحُمِلَ عَدَمَ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى مَا إذَا أَتْلَفَهُ حَالَ الْقِتَالِ بِسَبَبِ الْقِتَالِ إذْ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ إلَّا بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ

ــ

[منحة الخالق]

[خَرَجَ قَوْمٌ مُسْلِمُونَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَغَلَبُوا عَلَى بَلَدٍ]

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَإِذَا حَبَسَهَا كَانَ بَيْعُ الْكُرَاعِ أَوْلَى لِأَنَّ حَبْسَ الثَّمَنِ أَنْظَرُ وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِتَتَوَفَّرَ مُؤْنَتُهَا وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الْبَحْرِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ لَهُ حَبْسَهُ وَإِنْ خَالَفَ الْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ قَالَ مُحَمَّدٌ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ كَلَامَ مُحَمَّدٍ فِي تَغْرِيمِ الْعَادِلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَمَامُ كَلَامِهِ الْمَنْقُولِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ قَوْلُهُ بَعْدَمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِأَنَّهُمْ أَتْلَفُوهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَسَقَطَ الْمُطَالَبَةُ وَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى اهـ.

وَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إذَا تَابَ أَهْلُ الْبَغْيِ تَقَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>