للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّوَابُ لِصَاحِبِهَا وَإِنْ شَاءَ بَاعَهَا إنْ لَمْ تَكُنْ دَارَهُمْ أَوْ دَنَانِيرَ وَأَمْسَكَ ثَمَنَهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ حَضَرَ مَالِكُهَا لَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَإِنْ بَاعَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي وَهِيَ قَائِمَةٌ فَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ عَيْنَ مَالِهِ وَإِنْ هَلَكَتْ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْبَائِعَ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْمُودِعَ إذَا بَاعَ الْوَدِيعَةَ وَهَلَكَتْ وَضَمِنَهُ الْمَالِكُ فَهُوَ كَالْمُلْتَقِطِ اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ يَصِيرُ نَاظِرًا فَيَفْعَلُ مَا يَرَاهُ أَصْلَحَ فِي حَقِّ صَاحِبِ اللُّقَطَةِ اهـ.

وَفِي الْحَاوِي الدَّفْعُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ إلَى الْقَاضِي أَجْوَدُ لِيَفْعَلَ الْقَاضِي الْأَصْلَحَ وَفِي الْمُجْتَبَى وَالتَّصَدُّقُ بِيَدِهِ فِي زَمَانِنَا أَوْلَى مِنْ الدَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ التَّوْبَةِ لِقَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمُتَكَلِّمِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِنَفْسِهِ وَلَا يُلْقِيهِ فِي يَدِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ هَلْ يُؤَدِّيهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا أَوْ لَا اهـ.

وَقَيَّدْنَا بِالتَّصَدُّقِ عَلَى الْفُقَرَاءِ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِاللُّقَطَةِ عَلَى غَنِيٍّ زَادَ فِي الْحَاوِي وَلَا مَمْلُوكِ غَنِيٍّ وَلَا وَلَدِ غَنِيٍّ صَغِيرٍ وَاسْتَثْنَى مِنْ التَّصَدُّقِ بِاللُّقَطَةِ مَا إذَا عَرَفَ أَنَّهَا لِذِمِّيٍّ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا وَكَانَتْ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِلنَّوَائِبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي الْقُنْيَةِ وَمَا يَتَصَدَّقُ بِهِ الْمُلْتَقِطُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَغَلَبَةِ ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ صَاحِبُهُ لَا يَجِبُ إيصَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ يَرْجُو وُجُودَ الْمَالِكِ وَجَبَ الْإِيصَاءُ اهـ.

وَإِذَا أَمْسَكَهَا وَخَشَى الْمَوْتَ يُوصِي بِهَا كَيْ لَا تَدْخُلَ فِي الْمِيرَاثِ ثُمَّ الْوَرَثَةُ أَيْضًا يُعَرِّفُونَهَا وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُعَرِّفُوهَا حَتَّى هَلَكَتْ وَجَاءَ صَاحِبُهَا أَنْ يَضْمَنُوا لِأَنَّهُمْ وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى لُقَطَةٍ وَلَمْ يُشْهِدُوا أَيْ لَمْ يُعَرِّفُوا وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِذَلِكَ أَنَّ قَصْدَهُمْ تَعْمِيَتُهَا وَيَجْرِي فِيهِمْ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ يُقَالُ أَنَّ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِمْ غَيْرُ وَاجِبٍ حَيْثُ عَرَّفَهَا الْمُلْتَقِطُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا نَفَّذَهُ أَوْ ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ) أَيْ إنْ جَاءَ مَالِكُهَا بَعْدَ تَصَدُّقِ الْمُلْتَقِطِ خُيِّرَ بَيْنَ إمْضَاءِ الصَّدَقَةِ وَالثَّوَابِ لَهُ وَبَيْنَ تَضْمِينِ الْمُلْتَقِطِ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ وَإِنْ حَصَلَ بِإِذْنِ الشَّرْعِ لَمْ يَحْصُلْ بِإِذْنِهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ أَطْلَقَ فِي التَّنْفِيذِ فَشَمِلَ مَا بَعْدَ هَلَاكِ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْفَقِيرِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قِيَامِ الْمَحَلِّ بِخِلَافِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ إجَازَتِهِ قِيَامُ الْعَيْنِ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ فِيهِ وَأَمَّا تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ فَلِكَوْنِهِ سَلَّمَ مَالَهُ إلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَّا أَنَّهُ بِإِبَاحَةٍ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَهَذَا لَا يُنَافِي الضَّمَانَ حَقًّا لِلْعَبْدِ كَمَا فِي تَنَاوُلِ مَالِ الْغَيْرِ حَالَةَ الْمَخْمَصَةِ وَأَطْلَقَ فِيهِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ التَّصَدُّقُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ أَمْرَهُ لَا يَكُونُ أَعْلَى مِنْ فِعْلِهِ وَالْقَاضِي لَوْ تَصَدَّقَ بِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ فَكَذَا لَهُ أَنْ يَضْمَنَ مَنْ أَمَرَهُ الْقَاضِي.

وَلِذَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُلْتَقِطِ فَشَمِلَ الْقَاضِي وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا مَالَ الْقَاضِي أَوْ الْإِمَامُ إلَى التَّصَدُّقِ وَتَصَدَّقَ كَانَ فِي ذَلِكَ كَوَاحِدٍ مِنْ الرَّعَايَا وَهَذَا لِأَنَّ التَّصَدُّقَ بِهَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي وِلَايَةِ الْإِمَامِ وَالْقَاضِي لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِمَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ اهـ.

وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَا مُلْتَقِطَيْنِ أَوْ الْتَقَطَ غَيْرُهُمَا وَدَفَعَهَا إلَيْهِمَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ تَضْمِينَ الْمِسْكِينِ قَالُوا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمِسْكِينُ وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ مَلَكَهَا الْمُلْتَقِطُ مِنْ وَقْتِ الْأَخْذِ وَيَكُونُ الثَّوَابُ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ قَائِمَةً أَخَذَهَا مِنْ يَدِ الْفَقِيرِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الثَّوَابَ مَوْقُوفٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ لِلْمُلْتَقِطِ شَيْئًا إذَا رَدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا لِمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَوْ الْتَقَطَ لُقَطَةً أَوْ وَجَدَ ضَالَّةً أَوْ صَبِيًّا حُرًّا ضَالًّا فَرَدَّهُ عَلَى أَهْلِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ جُعْلٌ وَإِنْ عَوَّضَهُ شَيْئًا فَحَسَنٌ اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ قَالَ مَنْ وَجَدَهُ فَلَهُ كَذَا فَأَتَى بِهِ إنْسَانٌ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ مِثْلِهِ اهـ.

وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَعَزَاهُ إلَى الْكَرْخِيِّ لَكِنَّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا قَبُولَ لِهَذِهِ الْإِجَارَةِ فَلَا إجَارَةَ أَصْلًا وَفِي الْقَامُوسِ الرَّبُّ بِاللَّامِ لَا يُطْلَقُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا

ــ

[منحة الخالق]

السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ الْحَاجَّ وَغَيْرَهُ إذَا أَعْيَا بَعِيرَهُ تَرَكَهُ فَيَأْخُذُهُ غَيْرُهُ حَتَّى عَادَ لِحَالِهِ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى وَالتَّصَدُّقُ بِيَدِهِ فِي زَمَانِنَا أَوْلَى) قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فِي الْقَاضِي إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَرَعُهُ وَعَدَمُ طَمَعِهِ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَيْهِ وَإِلَّا لَا.

[جَاءَ مَالِكُ اللَّقْطَة بَعْدَ تَصَدُّقِ الْمُلْتَقِطِ بِهَا]

(قَوْلُهُ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا قَبُولَ إلَخْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ بِجَمْعٍ حَضَرَ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ لِلنَّظَرِ وَتَحْصِيلِهَا فَهَذَا قَبُولٌ مِنْهُ كَمَا ذَكَرُوا فِي الْوَكَالَةِ لَوْ وَكَّلَهُ فَبَاعَ كَانَ قَبُولًا اهـ.

قُلْتُ: فِي إجَارَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَهُ لَيْسَ مَعْلُومًا وَالدَّلَالَةُ وَالْإِشَارَةُ لَيْسَتَا بِعَمَلٍ يُسْتَحَقُّ بِهِ الْأَجْرُ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْخُصُوصِ بِأَنْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ إنْ دَلَلْتنِي عَلَيْهِ فَلَكَ كَذَا إنْ مَشَى لَهُ وَدَلَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْمَشْيِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ يَسْتَحِقُّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِقَدْرٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ دَلَّهُ بِغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>