للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُعْلُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ فَإِنْ أَخَذَهُ مَوْلَاهُ أَوْ رَجَعَ الْعَبْدُ إلَى مَوْلَاهُ فَلَا جُعْلَ لِلْآخِذِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَى مَوْلَاهُ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَمْ يَأْبَقْ مِنْ الْآخِذِ وَلَكِنْ فَارَقَهُ وَجَاءَ إلَى مَوْلَاهُ مُتَوَجِّهًا لَا يُرِيدُ الْإِبَاقَ فَلِلْآخِذِ جُعْلُ يَوْمٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَرَّدْ مِنْ الْآخِذِ، بَلْ مُنْقَادٌ لَهُ فَلَمْ تَنْقَطِعْ يَدُهُ عَنْهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ رَدَّهُ إلَى مَوْلَاهُ، وَلَوْ أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ فَسَارَ بِهِ يَوْمًا، ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى آخَرَ أَوْ بَاعَهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ وَأَمَرَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى مَوْلَاهُ فَدَفَعَهُ أَوْ سَارَ الْعَبْدُ بِنَفْسِهِ فَلِلْآخِذِ جُعْلُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ وَيُشْهِدُ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ) أَيْ يُشْهِدُ الْآخِذُ لِلْآبِقِ، وَلَوْ قَالَ أَنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ لَكَانَ أَوْلَى لِيَكُونَ شَرْطًا لِعَدَمِ ضَمَانِهِ بِإِبَاقِهِ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْإِشْهَادَ لِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ آخِذِهِ شَرْطٌ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اللُّقَطَةِ لَكِنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِهِ لِيُفِيدَ أَنَّ الْإِشْهَادَ شَرْطٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ أَيْضًا حَتَّى لَوْ رَدَّهُ مَنْ لَمْ يُشْهِدْ وَقْتَ الْأَخْذِ لَا جُعْلَ لَهُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ الْإِشْهَادَ أَمَارَةٌ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْآخِذِ أَوْ اتَّهَبَهُ أَوْ وَرِثَهُ فَرَدَّهُ عَلَى مَوْلَاهُ لَا جُعْلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ إلَّا إذَا أَشْهَدَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِيَرُدَّهُ فَيَكُونُ لَهُ الْجُعْلُ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِي أَدَاءِ الثَّمَنِ وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ فَلَا جُعْلَ لَهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ وَانْتَفَى الضَّمَانُ عَنْهُ بِمَوْتِهِ وَإِبَاقِهِ وَإِلَّا لَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْإِشْهَادُ شَرْطًا لَهُمَا عِنْدَ التَّمَكُّنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ فَلَا اتِّفَاقًا كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي اللُّقَطَةِ وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ، ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

[الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ لَوْ أَبَقَ]

(قَوْلُهُ وَجُعْلُ الرَّهْنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ) لِأَنَّهُ أَحْيَا مَالِيَّتَهُ بِالرَّدِّ وَهِيَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ إذْ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهَا وَالْجُعْلُ فِي مُقَابَلَةِ إحْيَاءِ الْمَالِيَّةِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ أَطْلَقَهُ فَأَفَادَ أَنَّ الرَّدَّ فِي حَيَاةِ الرَّاهِنِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَى إطْلَاقِهِ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَيْسَ الْكُلُّ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ بِقَدْرِ دَيْنِهِ وَالْبَاقِي عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْقَدْرِ الْمَضْمُونِ فَصَارَ كَثَمَنِ الدَّوَاءِ وَتَخْلِيصِهِ مِنْ الْجِنَايَةِ بِالْفِدَاءِ وَأَشَارَ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الَّذِي لَيْسَ بِمَالِكٍ لِلرَّقَبَةِ لِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ عَائِدَةً إلَيْهِ لِكَوْنِهِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ إلَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ إذَا أَبَقَ فَالْجُعْلُ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَهُ فَإِذَا انْقَضَتْ الْخِدْمَةُ رَجَعَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ أَوْ بِيعَ الْعَبْدُ فِيهِ وَإِلَى أَنَّ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ لَوْ أَبَقَ فَأَدَاءُ الْجُعْلِ عَلَى مَنْ يَقَعُ الرَّدُّ لَهُ وَهُوَ مَنْ يَسْتَقِرُّ الْمِلْكُ لَهُ فَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى قَضَاءَ دَيْنِهِ كَانَ الْجُعْلُ عَلَيْهِ وَإِنْ اخْتَارَ بَيْعَهُ كَانَ الْجُعْلُ فِي الثَّمَنِ يُبْتَدَأُ بِهِ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِلَى أَنَّ الْآبِقَ لَوْ كَانَ جَنَى خَطَأً لَا فِي يَدِ الْآخِذِ فَإِنَّهُ عَلَى مَنْ سَيَصِيرُ لَهُ إنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى فِدَاءَهُ فَهُوَ عَلَيْهِ لِعَوْدِ مَنْفَعَتِهِ إلَيْهِ وَإِنْ اخْتَارَ دَفْعَهُ إلَى الْأَوْلِيَاءِ فَعَلَيْهِمْ لِعَوْدِهَا إلَيْهِمْ فَلَوْ دَفَعَ الْمَوْلَى الْجُعْلَ وَأَخَذَهُ، ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ بِدَفْعِهِ إلَى الْأَوْلِيَاءِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ بِالْجُعْلِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْقَاضِي فِي الدَّيْنِ فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُ جُعْلَهُ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ خَطَأً؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَتَلَ عَمْدًا، ثُمَّ رَدَّهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْجِنَايَةِ لَمْ تَكُنْ وَهِيَ فِي يَدِهِ إذْ لَوْ جَنَى الْآبِقُ فِي يَدِ الْآخِذِ فَلَا جُعْلَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَوْ جَنَى إبَاقَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ فَإِنْ قُتِلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ دُفِعَ إلَى الْوَلِيِّ فَعَلَيْهِ الْجُعْلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فَجِنَايَتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ كَمَا عَلِمْت وَإِلَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ لَوْ أَبَقَ مِنْ غَاصِبِهِ فَالْجُعْلُ عَلَى الْغَاصِبِ وَدَلَّ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْمَوْهُوبَ فَالْجُعْلُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ سَوَاءٌ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي الْهِبَةِ بَعْدَ الرَّدِّ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَهُ وَقْتَ الرَّدِّ الْمُنْتَفِعَ بِهِ إنَّمَا هُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَلَوْ وَهَبَهُ لِلْآخِذِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْلَى فَلَا جُعْلَ وَإِلَّا فَعَلَى الْمَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ مِنْهُ فَإِنَّ الْجُعْلَ لَهُ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[نَفَقَةِ الْآبِقِ]

(قَوْلُهُ وَأَمْرُ نَفَقَتِهِ كَاللُّقَطَةِ) أَيْ وَحُكْمُ نَفَقَةِ الْآبِقِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>