للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالتَّقَبُّلِ فَيَكُونُ ضَامِنًا لَهُ فَيَسْتَحِقُّهُ بِالضَّمَانِ وَهُوَ لُزُومُ الْعَمَلِ وَعَلَّلَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِأَنَّ الْعَامِلَ مُعِينُ الْقَابِلِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُطْلَقُ الْعَمَلِ لَا عَمَلُ الْقَابِلِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَصَّارَ إذَا اسْتَعَانَ بِغَيْرِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ. اهـ.

أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا عَمِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ لِعُذْرٍ بِالْآخَرِ كَسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا لَوْ امْتَنَعَ عَنْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَرْتَفِعُ بِمُجَرَّدِ امْتِنَاعِهِ وَاسْتِحْقَاقُهُ الرِّبْحَ بِحُكْمِ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ لَا الْعَمَلِ، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثَلَاثَةٌ لَمْ يَعْقِدُوا بَيْنَهُمْ شَرِكَةَ تَقَبُّلٍ تَقَبَّلُوا عَمَلًا فَجَاءَ أَحَدُهُمْ فَعَمِلَهُ كُلَّهُ فَلَهُ ثُلُثُ الْأُجْرَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرَيْنِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ كَانَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ بِثُلُثِ الْأَجْرِ فَإِذَا عَمِلَ الْكُلُّ كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي الثُّلُثَيْنِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ. اهـ.

وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ اشْتَرَكَ خَيَّاطَانِ إلَى آخِرِهِ مَعْنَاهُ إنْ عَقَدَا عَقْدَ الشَّرِكَةِ فَلَوْ تَقَبَّلَا وَلَمْ يَعْقِدَا لَمْ تَكُنْ شَرِكَةً

[اشْتَرَكَا بِلَا مَالٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِوُجُوهِهِمَا وَيَبِيعَا]

قَوْلُهُ (: وَوُجُوهٌ إنْ اشْتَرَكَا بِلَا مَالٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِوُجُوهِهِمَا وَيَبِيعَا) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى مُفَاوَضَةٍ بَيَانٌ لِلنَّوْعِ الرَّابِعِ مِنْ شَرِكَةِ الْعَقْدِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهَا كَالصَّنَائِعِ تَكُونُ مُفَاوَضَةً وَعَنَانًا، فَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْمُفَاوَضَةُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْكَفَالَةِ وَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْمُشْتَرِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَنْ يَتَلَفَّظَا بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ زَادَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الرِّبْحِ، وَإِذَا ذَكَرَ مُقْتَضَيَاتِ الْمُفَاوَضَةِ كَفَى عَنْ التَّلَفُّظِ بِهَا كَمَا سَلَف، وَإِذَا أُطْلِقَتْ كَانَتْ عَنَانًا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَهُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُعْتَادًا وَهِيَ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا لِمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ وَسُمِّيَتْ شَرِكَةَ وُجُوهٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَرِي بِالنَّسِيئَةِ إلَّا مَنْ لَهُ وَجَاهَةٌ عِنْدَ النَّاسِ، وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِيَانِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ، وَقِيلَ لِأَنَّهُمَا إذَا جَلَسَا لِيُدَبَّرَ أَمْرَهُمَا يَنْظُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى وَجْهِ صَاحِبِهِ وَعَلَى الْآخَرَيْنِ فَالتَّسْمِيَةُ ظَاهِرَةٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّهَا مِنْ الْوَجَاهَةِ أَوْ الْجَاهِ، فَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ؛ لِأَنَّ الْجَاهَ مَقْلُوبُ الْوَجْهِ لِمَا عُرِفَ غَيْرَ أَنَّ الْوَاوَ انْقَلَبَتْ حِينَ وُضِعَتْ مَعَ الْعَيْنِ لِلْمُوجِبِ لِذَلِكَ وَلِذَا كَانَ وَزْنُهُ عَفَلَ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ وَهُمَا فِيمَا يَجِبُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْعَنَانِ، وَلَوْ اشْتَرَكَا بِوُجُوهِهِمَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ كَانَ جَائِزًا وَيَثْبُتُ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِيمَا يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ مَا يَجِبُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ بِالْمَالِ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا وَقَّتَا شَرِكَةَ الْوُجُوهِ تَصِحُّ وَهَلْ تَتَوَقَّفُ فِيهِ رِوَايَتَانِ فَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَا تَتَوَقَّفُ كَانَ شَرْطًا مُفْسِدًا وَمَعَ هَذَا لَا تَفْسُدُ وَاعْتَبَرَ بِالْوَكَالَةِ اهـ. وَحَذَفَ مَفْعُولَ يَشْتَرِيَا بِالتَّقَيُّدِ أَنَّهَا تَكُونُ عَامَّةً وَخَاصَّةً كَالْبُرِّ.

(قَوْلُهُ وَتَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلُ الْآخَرِ فِيمَا اشْتَرَاهُ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ عَلَى الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِوَكَالَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ وَلَا وِلَايَةَ فَتَعَيَّنَ الْأُولَى وَلَمْ يَذْكُرْ تَضَمُّنَهَا لِلْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَتْ مُفَاوَضَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرَطَا مُنَاصَفَةَ الْمُشْتَرِي أَوْ مُثَالَثَتَهُ فَالرِّبْحُ كَذَلِكَ وَبَطَلَ شَرْطُ الْفَضْلِ) بَيَانٌ لِمَا فَارَقَتْ فِيهِ الْوُجُوهُ الْعَنَانَ وَهِيَ أَنَّ الرِّبْحَ فِيهَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ فِي الْمُشْتَرَى بِفَتْحِ الرَّاءِ بِخِلَافِ الْعَنَانِ فَإِنَّ التَّفَاضُلَ فِي الرِّبْحِ فِيهَا مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ صَحِيحٌ، وَهَذَا لِأَنَّ الرِّبْحَ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالْمَالِ أَوْ بِالْعَمَلِ أَوْ بِالضَّمَانِ فَرَبُّ الْمَالِ يَسْتَحِقُّهُ بِالْمَالِ وَالْمُضَارِبُ بِالْعَمَلِ وَالْأُسْتَاذُ الَّذِي يَتَلَقَّى الْعَمَلَ عَلَى التِّلْمِيذِ بِالنِّصْفِ بِالضَّمَانِ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِمَا سِوَاهَا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ تَصَرَّفْ فِي مَالِكِ عَلَى أَنَّ لِي رِبْحَهُ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ هَذِهِ الْمَعَانِي، وَاسْتِحْقَاقُ الرِّبْحِ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ بِالضَّمَانِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَالضَّمَانُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ فِي الْمُشْتَرَى فَكَانَ الرِّبْحُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ فَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ إلَّا فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْوُجُوهُ لَيْسَتْ فِي مَعْنَاهَا بِخِلَافِ الْعَنَانِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ فِي مَالِ صَاحِبِهِ فَيَلْحَقُ بِهَا

[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ]

(قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ شَرِكَةٌ فِي احْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ وَاسْتِقَاءٍ) ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ مُتَضَمِّنَةٌ مَعْنَى الْوَكَالَةِ وَالتَّوْكِيلُ فِي أَخْذِ الْمُبَاحِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالْوَكِيلُ يَمْلِكُهُ

ــ

[منحة الخالق]

(فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>