للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاعْتُبِرَ الْإِسْقَاطُ مَقْصُودًا فِيهِ دُونَ دَمِ الْإِحْصَارِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَنَقَلَ الْوَلْوَالِجِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا وَإِنْ عَلِمَ بِأَدَاءِ الْمَالِكِ وَنَصَّ فِي زِيَادَاتِ الْعَتَّابِيِّ أَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُ عَلِمَ بِأَدَائِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

[أَذِنَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِشِرَاءِ أَمَةٍ لِيَطَأَ فَفَعَلَ]

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَذِنَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِشِرَاءِ أَمَةٍ لِيَطَأَ فَفَعَلَ فَهِيَ لَهُ بِلَا شَيْءٍ) أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَالَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى دَيْنًا عَلَيْهِ خَاصَّةً مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ بِنَصِيبِهِ كَمَا فِي شِرَاءِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَقَعَ لَهُ خَاصَّةً وَالثَّمَنَ بِمُقَابَلَةِ الْمِلْكِ وَلَهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ دَخَلَتْ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الْبَتَاتِ جَرْيًا عَلَى مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ إذْ هُمَا لَا يَمْلِكَانِ تَغْيِيرَهُ فَأَشْبَهَ حَالَ عَدَمِ الْإِذْنِ، غَيْرَ أَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ هِبَةَ نَصِيبِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمِلْكِ وَلَا وَجْهَ إلَى إثْبَاتِهِ بِالْبَيْعِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ فَأَثْبَتْنَاهُ بِالْهِبَةِ الثَّانِيَةِ فِي ضِمْنِ الْإِذْنِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى عَنْهَا لِلضَّرُورَةِ فَيَقَعُ الْمِلْكُ لَهُ خَاصَّةً بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَكَانَ مُؤَدِّيًا دَيْنًا عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا قَضَى دَيْنًا عَلَيْهِمَا وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَجَبَ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ، وَالْمُفَاوَضَةُ تَضَمَّنَتْ الْكَفَالَةَ فَصَارَ كَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةُ قَيْدٌ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ بِلَا إذْنٍ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّ السُّكُوتَ عِنْدَ الِاسْتِئْذَانِ لَا يَكُونُ إذْنًا فَلَا يَكُونُ لَهُ خَاصَّةً، وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُكُوتِ الْمُوَكِّلِ.

[كِتَابُ الْوَقْفِ]

[شَرَائِطُ الْوَقْف]

(كِتَابُ الْوَقْفِ) .

مُنَاسَبَتُهُ لِلشَّرِكَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْتِفَاعُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ وَلَهُ مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَشَرْعِيٌّ وَسَبَبٌ وَمَحَلٌّ وَشَرَائِطُ وَرُكْنٌ وَأَحْكَامٌ وَمَحَاسِنُ وَصِفَةٌ فَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَقَفَ الدَّارَ حَبَسَهُ كَأَوْقَفَهُ وَهَذِهِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. اهـ.

وَأَمَّا مَعْنَاهُ شَرْعًا فَمَا أَفَادَهُ (قَوْلُهُ حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَنْفَعَةِ) يَعْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدَهُمَا هُوَ حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى وَزَادَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ صَرْفُ مَنْفَعَتِهَا عَلَى مَنْ أَحَبَّ قَالَ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ لِمَنْ يُحِبُّ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ بِلَا قَصْدِ الْقُرْبَةِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فِي آخِرِهِ مِنْ الْقُرْبَةِ كَشَرْطِ التَّأْبِيدِ وَهُوَ بِذَلِكَ كَالْفُقَرَاءِ وَمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ لَكِنَّهُ يَكُونُ وَقْفًا قَبْلَ انْقِرَاضِ الْأَغْنِيَاءِ بِلَا تَصَدُّقٍ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْغَنِيِّ تَصَدُّقٌ بِالْمَنْفَعَةِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ كَمَا تَكُونُ عَلَى الْفُقَرَاءِ تَكُونُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَإِنْ كَانَ التَّصَدُّقُ عَلَى الْغَنِيِّ مَجَازًا عَنْ الْهِبَةِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَصَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّ فِي التَّصَدُّقِ عَلَى الْغَنِيِّ نَوْعَ قُرْبَةٍ دُونَ قُرْبَةِ الْفَقِيرِ وَعَرَّفَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّهُ حَبْسُ الْمَمْلُوكِ عَنْ التَّمْلِيكِ مِنْ الْغَيْرِ وَسَبَبُهُ إرَادَةُ مَحْبُوبِ النَّفْسِ فِي الدُّنْيَا بِبِرِّ الْأَحْبَابِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالتَّقَرُّبِ إلَى رَبِّ الْأَرْبَابِ جَلَّ وَعَزَّ وَمَحَلُّهُ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ وَشَرَائِطُهُ أَهْلِيَّةُ الْوَاقِفِ لِلتَّبَرُّعِ مِنْ كَوْنِهِ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا وَأَنْ يَكُونَ مُنْجَزًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ فَإِنَّهُ مِمَّا لَا يَصْلُحُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ وَلَدِي فَدَارِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَاءَ وَلَدُهُ لَا تَصِيرُ وَقْفًا وَذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْوَقْفُ فِيمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فِي رِوَايَةٍ فَأَشَارَ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِصِحَّةِ إضَافَتِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَتَعْلِيقُ الْوَقْفِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ أَوْ قَالَ إذَا مَلَكْتُ هَذِهِ الْأَرْضَ فَهِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالْوَقْفُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالْخَطَرِ لِأَنَّهُ لَا يُحْلَفُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْهِبَةِ بِخِلَافِ النَّذْرِ لِأَنَّهُ يُحْلَفُ بِهِ وَيَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ اهـ.

فَإِذَا جَاءَ غَدٌ تَعْلِيقٌ وَوَقَفْتُهُ غَدًا إضَافَةٌ وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ وَفِي لُبِّ الْأُصُولِ وَلَوْ قَالَ وَقَفْتُهُ إنْ شِئْتُ ثُمَّ قَالَ شِئْتُ كَانَ بَاطِلًا لِلتَّعْلِيقِ

ــ

[منحة الخالق]

(كِتَابُ الْوَقْفِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>