للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتِلَافًا إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْقُوفًا عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي وُقِفَتْ الْأَرْضُ عَلَيْهَا لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا كَانَ أَصْلُ الْبُقْعَةِ وَقْفًا عَلَى جِهَةِ قُرْبَةٍ فَبَنَى عَلَيْهَا بِنَاءً وَوَقَفَهُ عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى اخْتَلَفُوا فِيهِ وَأَمَّا إذَا وَقَفَهُ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي كَانَتْ الْبُقْعَةُ وَقْفًا عَلَيْهَا جَازَ اتِّفَاقًا تَبَعًا لِلْبُقْعَةِ. اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ وَقَفَ الْبِنَاءَ مِنْ غَيْرِ وَقْفِ الْأَصْلِ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ وَقْفُهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ وَإِذَا كَانَ أَصْلُ الْبُقْعَةِ مَوْقُوفًا عَلَى جِهَةِ قُرْبَةٍ فَبَنَى عَلَيْهَا بِنَاءً وَوَقَفَ بِنَاءَهَا عَلَى جِهَةِ قُرْبَةٍ أُخْرَى اخْتَلَفُوا فِيهِ اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الْجَوَازِ مُطْلَقًا وَقَدْ نَقَلْنَا الِاتِّفَاقَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا وَوَقَفَ الْبِنَاءَ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ فَبَقِيَ مَا عَدَا هَذِهِ الصُّورَةَ دَاخِلًا تَحْتَ الصَّحِيحِ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى وَقَصَرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ وَاسْتَخْرَجَ الطَّرَسُوسِيُّ جَوَازَ وَقْفِ بِنَاءٍ وَضَعَهُ صَاحِبُهُ عَلَى أَرْضِ وَقْفٍ اسْتَأْجَرَهَا وَلَوْ كَانَ عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى وَكَذَا لَوْ بَنَى فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مَسْجِدًا وَوَقَفَهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يَجُوزُ قَالَ وَإِذَا جَازَ فَعَلَى مَنْ يَكُونُ حِكْرُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَا دَامَتْ الْمُدَّةُ بَاقِيَةً فَإِذَا انْقَضَتْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ الْمَالِ. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَفَ الْبِنَاءَ بِدُونِ الْأَرْضِ لَمْ يُجَوِّزْهُ هِلَالٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَمَلُ أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ عَلَى خِلَافِهِ. اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى لَا يَجُوزُ وَقْفُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. اهـ.

وَفِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ سُئِلَ هَلْ يَجُوزُ وَقْفُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ دُونَ الْأَرْضِ أَجَابَ الْفَتْوَى عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ يُفْتَى بِرِوَايَةِ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الْبِنَاءِ إذَا كَانَ مُنْتَفَعًا بِهِ كَالْجُدْرَانِ مَعَ السَّقْفِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالْبِنَاءِ وَحْدَهُ اهـ.

وَأَمَّا الْحَكْرُ فَقَالَ الْمَقْرِيزِيُّ فِي الْخُطَطِ أَنَّ أَصْلَهُ الْمَنْعُ فَقَوْلُ أَهْلِ مِصْرَ حَكَرَ فُلَانٌ يَعْنُونَ بِهِ مَنَعَ غَيْرَهُ مِنْ الْبِنَاءِ اهـ.

الثَّانِيَةُ: وَقْفُ الشَّجَرِ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا غَرَسَ شَجَرَةً وَوَقَفَهَا إنْ غَرَسَهَا فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَوْقُوفَةٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقِفَهَا بِمَوْضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ أَوْ لَا فَإِنْ وَقَفَهَا بِمَوْضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ صَحَّ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِحُكْمِ الِاتِّصَالِ وَإِنْ وَقَفَهَا دُونَ أَصْلِهَا لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ فَوَقَفَهَا عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ جَازَ كَمَا فِي الْبِنَاءِ وَإِنْ وَقَفَهَا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَعَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا. اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ غَرَسَ فِي الْمَسْجِدِ يَكُونُ لِلْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ بِالْمَسْجِدِ وَكَذَا لَوْ بَنَى فِي أَرْضِ الْوَقْفِ أَوْ نَصَبَ فِيهَا بَابًا فَإِنْ نَوَى عِنْدَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ بَنَى لِلْوَقْفِ يَصِيرُ وَقْفًا لِأَنَّهُ جَعَلَهُ وَقْفًا وَوَقْفُ الْبِنَاءِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ لَا يَصِيرُ وَقْفًا لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ وَقْفًا وَلَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الرِّبَاطِ يُنْظَرُ إنْ تَوَلَّى الْغَارِسُ تَعَاهُدَ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ فَالْأَشْجَارُ لِلْوَقْفِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ التَّعَاهُدِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ فَهِيَ لِلْغَارِسِ وَعَلَيْهِ قَلْعُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ وَلَوْ غَرَسَ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ أَوْ عَلَى شَطِّ نَهْرِ الْعَامَّةِ أَوْ عَلَى شَطِّ حَوْضِ الْقَرْيَةِ فَالشَّجَرَةُ لِلْغَارِسِ وَلَهُ قَلْعُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْعَامَّةِ. اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ غَرَسَ الْوَاقِفُ لِلْأَرْضِ شَجَرًا فِيهَا قَالُوا إنْ غَرَسَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَكِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ غَرَسَ لِلْوَقْفِ يَكُونُ لِلْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وَقَدْ غَرَسَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَكُونُ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَا يَكُونُ وَقْفًا وَإِذَا صَحَّ وَقْفُ الشَّجَرَةِ تَبَعًا لِأَصْلِهَا فَإِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِأَوْرَاقِهَا وَأَثْمَارِهَا فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ أَصْلُهَا إلَّا أَنْ تَفْسُدَ أَغْصَانُهَا وَلَوْ كَانَ لَا يَنْتَفِعُ بِأَوْرَاقِهَا وَلَا بِأَثْمَارِهَا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَيُتَصَدَّقُ بِهَا مَسْجِدٌ فِيهِ شَجَرَةُ التُّفَّاحِ

ــ

[منحة الخالق]

[وَقْفُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ]

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الصَّحِيحَ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ هُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الْجَوَازِ مُطْلَقًا أَيْ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ سِوَى مَسْأَلَةِ الِاتِّفَاقِ فَصَارَ تَصْحِيحُ عَدَمِ الْجَوَازِ مَقْصُورًا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى وَقَصَرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ عَلَى الْأَرْضِ الْمِلْكِ فَقَطْ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ بَنَى فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مَسْجِدًا إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَوَائِلِ فَصْلِ الْمَسْجِدِ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ أَرْضِهِ مَمْلُوكَةً.

[غَرَسَ شَجَرَةً وَوَقَفَهَا أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الرِّبَاطِ]

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْحَكْرُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْقَامُوسِ الْحَكْرُ الظُّلْمُ وَإِسَاءَةُ الْمُعَاشَرَةِ وَالْفِعْلُ كَضَرَبَ ثُمَّ قَالَ وَبِالتَّحْرِيكِ مَا اُحْتُكِرَ أَيْ اُحْتُبِسَ وَفَاعِلُهُ حَكِرٌ كَفَرِحٍ وَأَقُولُ: وَالْأَرْضُ الْمُحْتَكَرَةُ هِيَ الَّتِي وُقِفَ بِنَاؤُهَا وَلَمْ تُوقَفْ هِيَ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَبَنَى فِيهَا ثُمَّ وَقَفَ الْبِنَاءَ كَذَا رَأَيْت لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَأَقُولُ: الْأَرْضُ هِيَ الْمُقَرَّرَةُ لِلِاحْتِكَارِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ وَقْفًا أَوْ مِلْكًا وَالِاحْتِكَارُ فِي الْعُرْفِ إجَارَةٌ يُقْصَدُ بِهَا مَنْعُ الْغَيْرِ وَاسْتِيفَاءُ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ قَالُوا لَوْ بَنَى عَلَى أَرْضٍ مُقَرَّرَةٍ لِلِاحْتِكَارِ فَبَاعَ الْبِنَاءَ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ قِسْمِ الْمَنْقُولِ (قَوْلُهُ إنْ تَوَلَّى الْغَارِسُ تَعَاهُدَ الْأَرْضِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهَا وَعِبَارَةُ الْإِسْعَافِ أَظْهَرُ وَهِيَ فَلَوْ غَرَسَ رِبَاطِيٌّ شَجَرَةً فِي وَقْفِ الرِّبَاطِ وَتَعَاهَدَهَا حَتَّى كَبُرَتْ وَلَمْ يَذْكُرْ وَقْتَ الْغَرْسِ أَنَّهَا لِلرِّبَاطِ.

قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ كَانَ إلَيْهِ وِلَايَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>