للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّكُوتِ عَنْهُ إذَا أَمْكَنَهُمْ دَفْعُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالِاسْتِئْجَارِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَا لَمْ يَفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. اهـ.

وَشَرْطُ الزِّيَادَةِ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ الْكُلِّ أَمَّا لَوْ زَادَهَا وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ تَعَنُّتًا فَإِنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَحَاصِلُ كَلَامِهِمْ فِي الزِّيَادَةِ أَنَّ السَّاكِنَ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرًا إجَارَةً فَاسِدَةً فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ وَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَيُخْرَجُ وَيُسَلِّمُ الْمُتَوَلِّي الْعَيْنَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا صَحِيحَةً فَإِنْ كَانَ تَعَنُّتًا فَهِيَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ أَصْلًا وَإِنْ كَانَتْ لِزِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْكُلِّ عَرَضَ الْمُتَوَلِّي الزِّيَادَةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ وَإِلَّا آجَرَهَا مِنْ الثَّانِي فَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا فَهِيَ كَغَيْرِهَا لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ خَالِيَةً عَنْ الزِّرَاعَةِ أَجَّرَهَا لِلثَّانِي وَإِلَّا وَجَبَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ مِنْ وَقْتِهَا.

وَوَجَبَ تَسْلِيمُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ وَالْمُسَمَّى بِحِسَابِهِ قَبْلَهَا لِأَنَّ الزَّرْعَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ كَانَ مَزْرُوعًا بِحَقٍّ وَهَذَا كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَزْرُوعًا بِحَقٍّ كَالْغَاصِبِ وَالْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةً فَاسِدَةً فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ لِكَوْنِهِ لَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ فَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي سَاكِنًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرَّفْعِ لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ وَقَدْ وَقَعَتْ حَوَادِثُ الْفَتْوَى مِنْهَا اسْتَأْجَرَ أَرْضَ الْوَقْفِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ آجَرَهَا لِآخَرَ بِأَقَلَّ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ فَأَجَبْتُ بِالصِّحَّةِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمَمْلُوكَةَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَتْ كَالْوَقْفِ وَإِنَّمَا هِيَ كَالْمِلْكِ.

وَلِذَا مِلْكُ الْإِعَارَةِ وَمِنْهَا لَوْ زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَعْدَمَا أَجَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ هَلْ يُعْرَضُ الْأَمْرُ عَلَى الْأَوَّلِ أَمْ الثَّانِي فَأَجَبْتُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُتَوَلِّي وَمِنْهَا لَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَنُقِضَتْ وَأَجَّرَهَا الْمُتَوَلِّي مِمَّنْ زَادَ هَلْ تَنْتَقِضُ الثَّانِيَةُ فَأَجَبْتُ تَنْتَقِضُ لِكَوْنِهَا مَبْنِيَّةً عَلَى الْأُولَى فَإِذَا انْتَقَضَ الْأَصْلُ انْتَقَضَ مَا ابْتَنَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى مِنْ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ فُسِخَتْ الْأُولَى بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ بِقَضَاءٍ بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ وَمِنْهَا لَوْ أَجَّرَ الْمُتَوَلِّي جَمِيعَ جِهَاتِ الْوَقْفِ الْخَرَاجِيِّ وَالْهِلَالِيِّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَزَادَ أَجْرَ مِثْلِ بَعْضِهَا وَزَادَ فِيهَا غَيْرُهُ هَلْ تُؤَجَّرُ مِنْ الْآخَرِ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ لَا فَأَجَبْتُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ الزِّيَادَةُ لِأَنَّهُ حَيْثُ اسْتَأْجَرَ الْجَمِيعَ إجَارَةً وَاحِدَةً إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى زِيَادَةِ أُجْرَةِ الْجَمِيعِ لَا كُلِّ وَاحِدَةٍ وَمِنْهَا أَنَّهُ كَيْفَ يَعْلَمُ الْقَاضِي أَنَّ الزِّيَادَةَ بِسَبَبِ زِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ ذَلِكَ.

قُلْتُ: نَعَمْ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَصِيٌّ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا بَاعَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ إنْ أَخْبَرَهُ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ أَنَّهُ بَاعَ بِقِيمَتِهِ وَأَنَّ قِيمَتَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى مَنْ يَزِيدُ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُزَايَدَةِ يَشْتَرِي بِأَكْثَرَ وَفِي السُّوقِ بِأَقَلَّ لَا يَنْتَقِضُ بَيْعُ الْوَصِيِّ لِأَجْلِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ بَلْ يَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ وَإِنْ اجْتَمَعَ رَجُلَانِ مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِمَا مَعًا وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا قَوْلُ الْوَاحِدِ يَكْفِي كَمَا فِي التَّزْكِيَةِ وَنَحْوِهَا

ــ

[منحة الخالق]

[تَصَرُّفَاتِ النَّاظِرِ فِي الْوَقْف]

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالِاسْتِئْجَارِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ هَذَا وَلَوْ كَانَ الْقَيِّمُ سَاكِتًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الدَّفْعِ لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ وَقَدْ وَقَعَتْ حَوَادِثُ الْفَتْوَى إلَى قَوْلِهِ وَفِي الْحَاوِي ثُمَّ بَعْدَ هَذَا وَشَرْطُ الزِّيَادَةِ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ الْكُلِّ إلَى قَوْلِهِ لِكَوْنِهِ لَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ بَعْدَهُ وَفِي الْحَاوِي وَيُفْتَى بِالضَّمَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ) .

أَقُولُ: وَجْهُ كَوْنِهِ أَحَقَّ أَنَّهُ بِزِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ يُثْبِتُ لِلْمُتَوَلِّي فَسْخَ الْإِجَارَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْخَانِيَّةِ فَإِذَا رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِدَفْعِ الزِّيَادَةِ لِلْمُتَوَلِّي زَالَتْ عِلَّةُ الْفَسْخِ فَيَبْقَى عَقْدُ الْإِجَارَةِ بِحَالِهِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُتَوَلِّي الْفَسْخُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ إلَّا لِعِلَّةِ الزِّيَادَةِ وَبِالْتِزَامِ الْمُسْتَأْجِرِ الزِّيَادَةَ تَزُولُ الْعِلَّةُ وَبِهَذَا ظَهَرَ غَلَطُ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ أَحَقُّ بِالْإِيجَارِ مُطْلَقًا كَمَا أَدْرَكْنَا عَلَيْهِ أَهْلَ زَمَانِنَا حَتَّى إنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ إذَا فَرَغَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَأَرَادَ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِآخَرَ يُفْتُونَهُ بِالْمَنْعِ.

وَيَقُولُونَ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ أَحَقُّ أَخْذًا مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ قِيَاسٌ فَاسِدٌ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ أَحَقَّ هُنَا لِبَقَاءِ مُدَّتِهِ وَلِالْتِزَامِهِ مَا هُوَ عِلَّةُ الْفَسْخِ أَعْنِي الزِّيَادَةَ الْعَارِضَةَ فَإِذَا رَضِيَ بِدَفْعِ الزِّيَادَةِ تَزُولُ الْعِلَّةُ فَيَبْقَى الْمَأْجُورُ بِيَدِهِ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّتِهِ أَمَّا إذَا فَرَغَتْ مُدَّتُهُ فَمَا وَجْهُ كَوْنِهِ أَحَقَّ بِالْإِيجَارِ مِنْ غَيْرِهِ نَعَمْ قَدْ يَكُونُ أَحَقَّ بِعِلَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَأْجُورُ أَرْضًا لَهُ عَلَيْهَا بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَكَانَ يَرْضَى بِدَفْعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِتِلْكَ الْأَرْضِ خَالِيَةً عَنْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ لِأَنَّ فِي إبْقَائِهَا بِيَدِهِ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْهُ مَعَ عَدَمِ ضَرَرِ الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَلَامًا فَإِنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُتُونِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ هُنَاكَ.

قَوْلُهُ وَصَحَّ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَلَعَهُمَا وَسَلَّمَهَا فَارِغَةً إلَّا أَنْ يَغْرَمَ لَهُ الْمُؤَجِّرُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَيَتَمَلَّكَهُ أَوْ يَرْضَى بِتَرْكِهِ فَيَكُونَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ لِهَذَا وَالْأَرْضُ لِهَذَا اهـ.

وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَتَارَةً أَفْتَى بِالْأَوَّلِ نَظَرًا لِلْمُسْتَأْجِرِ لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>