للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوَابُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالْكِتَابَةِ فَأَمَّا الْخُلْعُ وَالْعِتْقُ عَلَى مَالٍ، فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ شَطْرُ الْعَقْدِ مِنْ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى عَلَى قَبُولِ الْآخَرِ وَرَاءَ الْمَجْلِسِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِذَا قَبِلَ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَسْمَعْهُ الْبَائِعُ لَمْ يَنْعَقِدْ فَسَمَاعُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كِلَاهُمَا فِي الْبَيْعِ شَرْطٌ لِلِانْعِقَادِ إجْمَاعًا، فَإِنْ سَمِعَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ كَلَامَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ يَقُولُ لَمْ أَسْمَعْ وَلَا وَقْرَ فِي أُذُنِهِ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَكَذَا السَّمَاعُ شَرْطٌ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ فِي الْمُخْتَارِ وَفِي الْمُحِيطِ وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ بَذَلْته بِكَذَا وَشَرَطَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ السَّمَاعَ وَالْفَهْمَ وَفَرَّقَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي الْقَبُولِ بِنَعَمْ بَيْنَ أَنْ يَبْدَأَ الْبَائِعُ بِالْإِيجَابِ أَوْ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ بَدَأَ الْبَائِعُ، فَقَالَ بِعْت عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي نَعَمْ لَمْ يَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَحْقِيقٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ اخْتَارِي نَفْسَك، فَقَالَتْ قَدْ فَعَلْتُ كَانَ هَذَا اخْتِيَارًا، وَلَوْ قَالَتْ نَعَمْ لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرَيْت عَبْدَك هَذَا بِأَلْفٍ، وَقَالَ الْآخَرُ نَعَمْ صَحَّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ جَوَابٌ اهـ.

وَتَحْقِيقُهُ فِيمَا كَتَبْنَاهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. وَذُكِرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ نَعَمْ بَعْدَ الِاسْتِفْهَامِ هَلْ بِعْتَ مِنِّي بِكَذَا أَوْ هَلْ اشْتَرَيْتَ مِنِّي بِكَذَا بِيعَ إذَا نَقَدَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ دَلِيلُ التَّحْقِيقِ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ أَبِيعُهُ بَخَمْسَةَ عَشَرَ، فَقَالَ لَا آخُذُهُ إلَّا بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِهِ، وَلَمْ يَقُلْ الْبَائِعُ شَيْئًا فَهُوَ بَخَمْسَةَ عَشَرَ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حِينَ سَاوَمَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْبَائِعُ فَهُوَ بِعَشَرَةٍ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا آخُذُهُ إلَّا بِعَشَرَةٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ لَا أَبِيعُهُ إلَّا بَخَمْسَةَ عَشَرَ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ تَنَاوَلَهُ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ فَدَفَعَهُ الْبَائِعُ إلَيْهِ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَذَهَبَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ بِعَشَرَةٍ.

وَلَوْ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ، فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ بِعِشْرِينَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَزِيدُك عَلَى الْعَشَرَةِ فَأَخَذَهُ وَذَهَبَ بِهِ وَضَاعَ عِنْدَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ بِعِشْرِينَ، وَلَوْ أَخَذَ ثَوْبًا عَلَى الْمُسَاوَمَةِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ الْبَائِعُ وَهُوَ يُسَاوِمُهُ، فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ بِعَشَرَةٍ فَهُوَ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي قَالَ الْبَائِعُ اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى إذَا مَضَيَا عَلَى الْعَقْدِ بَعْدَ اخْتِلَافِ كَلِمَتَيْهِمَا يُنْظَرُ إلَى آخِرِهِمَا كَلَامًا فَيُحْكَمُ بِذَلِكَ اهـ.

وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْقَبُولِ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ فَلَوْ قَامَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ بَطَلَ وَقِيلَ لَا مَا دَامَ فِي مَكَانِهِ، وَلَوْ تَكَلَّمَ الْبَائِعُ مَعَ إنْسَانٍ فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ أَوْجَبَ الْمُشْتَرِي، فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ لَك أَوْ عَبْدُك فَهُوَ بَيْعٌ وَلَا بُدَّ مِنْ حَيَاةِ الْمُوجِبِ إلَى الْقَبُولِ فَلَوْ مَاتَ بَطَلَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ لَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ، فَقَالَ دَارِي بِيعَ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَاتَ فَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ جَازَ، كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ قَبْلَ رُجُوعِ الْمُوجِبِ فَلَوْ رَجَعَ فِي كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بَطَلَ وَعَلَيْهِ تَفَرَّعَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِأَلْفٍ، ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ بِعْتُك نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَبِلَ الثَّانِي، قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِحُّ قَبُولُ الثَّانِي وَلَا يَصِحُّ قَبُولُ الْأَوَّلِ بَعْدَ رُجُوعِ الْبَائِعِ عَنْ النِّصْفِ اهـ.

وَلَوْ خَرَجَ الْقَبُولُ وَرُجُوعُ الْمُوجِبِ مَعًا كَانَ الرُّجُوعُ أَوْلَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.

وَلَوْ صَدَرَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعًا صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَشْتَمِلَ الْقَبُولُ عَلَى الْخِطَابِ بَعْدَمَا صَدَرَ الْإِيجَابُ بِالْخِطَابِ فَلَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعْتُكَ اشْتَرَيْتُ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْك

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمَسْأَلَةِ ذَكَرَهَا قَاضِي خَانْ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا سَهْوٌ ظَاهِرٌ مَنْشَؤُهُ فَهْمُ أَنَّ الْمُرَادَ جَازَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ جَازَ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ وَعَلَى الْمُوصِي أَنْ يَبِيعَهُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ، ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فِي شُفْعَةِ الْمُحِيطِ طِبْقَ مَا فَهِمْت حَيْثُ قَالَ أُوصِي بِأَنْ تُبَاعَ دَارُهُ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَأَنَّهَا لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ، وَهَذَا إذَا أَوْجَبَ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ الْبَيْعَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ تَفَرَّعَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ) رُبَّمَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ رَجُلٌ بَاعَ ثَوْبًا بِرَقْمِهِ، ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ الثَّمَنَ جَازَ بَيْعُهُ مِنْ الثَّانِي، وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ أَخْبَرَ الْأَوَّلَ بِالثَّمَنِ فَلَمْ يَجُزْ حَتَّى بَاعَهُ الْبَائِعُ مِنْ آخَرَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا بَيَّنَ الثَّمَنَ تَوَقَّفَ الْبَيْعُ عَلَى إجَازَةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ اسْتَهْلَكَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ كَانَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.

ثُمَّ ظَهَرَ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَبْلَ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبُولِ اهـ.

[صَدَرَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعًا فِي الْبَيْعُ]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَدَرَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعًا صَحَّ الْبَيْعُ) عَزَاهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَى الْخُلَاصَةِ قَالَ هَكَذَا كَأَنْ يَقُولَ وَالِدِي لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِمَعْنَى الْفَاءِ، فَإِنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَعًا لَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا قَالُوا فِي السَّلَمِ اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَاسَ الْبَيْعَ عَلَى السَّلَمِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّجْنِيسِ بِخُصُوصِ مَسْأَلَتِنَا، فَقَالَ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْآخَرُ قَبِلْت، وَقَالَ الْبَائِعُ رَجَعْت وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مِنْهُمَا مَعًا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ قَارَنَ الْقَبُولَ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَبُولِ وَهُوَ رُجُوعُ الْبَائِعِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>