للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثْلِهَا يُحْكَمُ لَهَا بِهِ اهـ.

وَقَدْ عُلِمَ بَابُ الْبَيْعِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصُّلْحِ وَالدَّعْوَى وَالْإِقْرَارِ وَالْمَهْرِ بَقِيَ الْخُلْعُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَبَقِيَ الْوَاقِفُ لَوْ شَرَطَ لَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ الْأَقَلَّ وَيَنْبَغِي أَيْضًا فِي الْهِبَةِ كَذَلِكَ وَلَكِنْ فِي الْهِبَةِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ فَهُوَ السَّبَبُ لِلْمِلْكِ وَبِهِ يَزُولُ الِاشْتِبَاهُ وَبَقِيَ الْإِجَارَةُ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَاتِ وَهُوَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْغَلَبَةُ فَسَدَتْ كَالْبَيْعِ اهـ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالصُّلْحَ سَوَاءٌ فِي الدَّعْوَى لَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ كَالْإِقْرَارِ وَفِي الْمَهْرِ يَقْضِي بِمَا وَافَقَ مَهْرَ الْمِثْلِ وَفِي الْوَصِيَّةِ يَكُونُ لَهُ الْأَقَلُّ وَفِي كِتَابَةِ الْخَانِيَّةِ مَا صَلُحَ مَهْرًا صَلُحَ بَدَلًا فِي الْكِتَابَةِ وَمُقْتَضَاهُ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَفِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُسْتَوِيَةٌ أَنْ يَقْضِيَ بِمَا وَافَقَ الْقِيمَةَ وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ اشْتَرَى بِمِائَةِ مِثْقَالِ فِضَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ أَوْ ذَهَبٍ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَصِفَهُ جَيِّدًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَوْ قَالَ بِأَلْفِ نَبَهْرَجَةٍ أَوْ زُيُوفٍ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً فِي الْبَلَدِ اهـ.

وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ أَشَارَ إلَى دَرَاهِمَ مَسْتُورَةٍ فَلَمَّا كَشَفَ عَنْهَا ظَهَرَ أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ خِلَافُ نَقْدِ الْبَلَدِ اسْتَحَقَّ الْجِيَادَ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ. .

(قَوْلُهُ وَيُبَاعُ الطَّعَامُ كَيْلًا وَجُزَافًا) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ» وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ بَيْعُ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ مِنْ الرِّبَا مُجَازَفَةً لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الرِّبَا مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ إلَّا إذَا كَانَ قَلِيلًا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ مُجَازَفَةً لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا ظَهَرَ تَسَاوِيهِمَا اهـ.

يَعْنِي: فِي الْمَجْلِس كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الرِّبَا وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شِرَاءُ قَصِيلِ الْبُرِّ بِالْبُرِّ كَيْلًا وَجُزَافًا جَازَ لِعَدَمِ الْجِنَاسِ اهـ.

وَلِأَنَّ احْتِمَالَ الرِّبَا كَحَقِيقَتِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُحْتَمَلْ كَانَ بَاعَ كِفَّةَ مِيزَانٍ مِنْ فِضَّةٍ بِكِفَّةٍ مِنْهَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مُجَازَفَةً لِعَدَمِ احْتِمَالِ التَّفَاضُلِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ جَعَلَ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ تِبْرًا وَفِي الْأُخْرَى ذَهَبًا مَضْرُوبًا وَأَخَذَ الْمِيزَانَ حَتَّى تَعَادَلَتْ الْكِفَّتَانِ فَأَخَذَ صَاحِبُ التِّبْرِ الذَّهَبَ وَصَاحِبُ الذَّهَبِ التِّبْرَ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يَعْلَمَا وَزْنَ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ وَزْنِيٌّ وَأَحَالَهُ إلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي بَابِ مَا يُكَالُ وَمَا يُوزَنُ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَيْضًا وَالطَّعَامُ فِي الْعُرْفِ الْمَاضِي الْحِنْطَةُ وَدَقِيقُهَا وَفِي الْمِصْبَاحِ الطَّعَامُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ الْبُرُّ خَاصَّةً وَفِي الْعُرْفِ الطَّعَامُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مِثْلُ الشَّرَابِ اسْمٌ لِمَا يُشْرَبُ وَجَمْعُهُ أَطْعِمَةٌ اهـ.

وَالْمُرَادُ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْحُبُوبُ كُلُّهَا لَا الْبُرُّ وَحْدَهُ وَلَا كُلُّ مَا يُؤْكَلُ بِقَرِينَةِ قَوْلُهُ كَيْلًا وَجُزَافًا. وَأَمَّا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ، فَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا يَنْصَرِفُ إلَى كُلِّ مَأْكُولٍ مَطْعُومٍ حَتَّى لَوْ أَكَلَ الْخَلَّ يَحْنَثُ، وَإِذَا عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مَا هُوَ مَأْكُولٌ بِعَيْنِهِ يَنْصَرِفُ إلَى مَا هُوَ مَأْكُولٌ بِعَيْنِهِ، وَإِذَا عَقَدَ عَلَى مَا لَيْسَ مَأْكُولًا بِعَيْنِهِ أَوْ عَلَى مَا يُؤْكَلُ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ كَذَلِكَ عَادَةً يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَّخَذِ مِنْهُ اهـ.

وَأَمَّا فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، فَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَبِشِرَاءِ طَعَامٍ يَقَعُ عَلَى الْبُرِّ وَدَقِيقِهِ اهـ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ الطَّعَامُ فِي عُرْفِنَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يُمْكِنُ أَكْلُهُ يَعْنِي الْمُعْتَادَ لِلْأَكْلِ كَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ وَنَحْوِهِ، وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَلَا تَدْخُلُ الْحِنْطَةُ وَالدَّقِيقُ وَالْخُبْزُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ. وَالْجُزَافُ بَيْعُ شَيْءٍ لَا يُعْلَمُ كَيْلُهُ وَلَا وَزْنُهُ وَهُوَ اسْمٌ مِنْ جَازَفَ مُجَازَفَةً مِنْ بَابِ قَاتَلَ وَالْجُزَافُ بِالضَّمِّ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبُ كزاف، وَمِنْ هُنَا قِيلَ أَصْلُ الْكَلِمَةِ وَصَلَ إلَى الْعَرَبِيَّةِ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ جَزَفَ فِي الْكَيْلِ جَزْفًا أَكْثَرَ مِنْهُ، وَمِنْهُ الْجُزَافُ وَالْمُجَازَفَةُ فِي الْبَيْعِ وَهِيَ الْمُسَاهَلَةُ وَالْكَلِمَةُ دَخِيلَةٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ فَارِسٍ الْجَزْفُ الْأَخْذُ بِكَثْرَةٍ كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ وَيُقَالُ لِمَنْ يُرْسِلُ كَلَامَهُ إرْسَالًا مِنْ غَيْرِ قَانُونٍ جَازَفَ فِي كَلَامِهِ فَأُقِيمَ نَهْجُ الصَّوَابِ مُقَامَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ اهـ.

وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْقِسْمَةُ كَالْبَيْعِ إذَا وَقَعَتْ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا مُجَازَفَةً لَا تَصِحُّ وَفِي الْعُمْدَةِ اشْتَرَى حِنْطَةَ رَجُلٍ قَبْلَ أَنْ تُحْصَدَ مُكَايَلَةً جَازَ؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ مَوْجُودَةٌ، وَكَذَلِكَ الْقَوَائِمُ

ــ

[منحة الخالق]

[تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ وَفِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ]

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ الْأَقَلَّ) قَالَ فِي النَّهْرِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ عُرْفُ الْوَاقِفِ، فَإِنْ عُرِفَ صُرِفَتْ الدَّرَاهِمُ إلَيْهِ.

[بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ مُجَازَفَةً]

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ احْتِمَالَ الرِّبَا كَحَقِيقَتِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ جَعَلَ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ تِبْرًا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا فِي الْفَتْحِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ الْخَالِصَ أَقَلُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْطَبِعُ بِنَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>