للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَبِيعِ وَقْتَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ حَدَثَتْ فِي الْمَبِيعِ كَمَا إذَا زَادَتْ الْحِنْطَةُ بِالْبَلِّ.

فَإِنْ كَانَ مُشَارًا إلَيْهِ بِيعَ بِشَرْطِ الْكَيْلِ تَكُونُ لِلْبَائِعِ إنْ حَدَثَتْ قَبْلَ الْكَيْلِ، وَإِنْ بَعْدَهُ فَلِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْمَبِيعِ لَا يَظْهَرُ إلَّا بِالْكَيْلِ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْكَيْلِ حَادِثَةً عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَبَعْدَهُ حَادِثَةً عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشَارًا إلَيْهِ فَالْحَادِثَةُ بَعْدَ الْكَيْلِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْبَائِعِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي وَتَمَامُ تَفْرِيعَاتِهِ فِي الْمُحِيطِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْقِيَمِيَّ إذَا وَجَدَهُ نَاقِصًا أَوْ زَائِدًا فَسَدَ الْبَيْعُ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ ثَمَنَ كُلٍّ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا كَذَا نَخْلَةً فَوَجَدَهَا الْمُشْتَرِي نَاقِصَةً جَازَ الْبَيْعُ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ تَبَعًا وَلَا يَكُونُ لَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا كَذَا بَيْتًا فَوَجَدَهَا نَاقِصَةً جَازَ الْبَيْعُ وَيُخَيَّرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

وَكَذَا لَوْ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا كَذَا نَخْلَةً عَلَيْهَا ثِمَارُهَا فَبَاعَ الْكُلَّ بِثِمَارِهَا وَكَانَ فِيهَا نَخْلَةٌ غَيْرُ مُثْمِرَةٍ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ لَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا كَانَتْ الْوَاحِدَةُ غَيْرَ مُثْمِرَةٍ لَمْ يَدْخُلْ الْمَعْدُومُ فِي الْبَيْعِ فَصَارَتْ حِصَّةُ الْبَاقِي مَجْهُولَةً فَيَكُونُ هَذَا ابْتِدَاءَ عَقْدٍ فِي الْبَاقِي بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ بَاعَ شَاةً مَذْبُوحَةً فَإِذَا رِجْلُهَا مِنْ الْفَخِذِ مَقْطُوعَةٌ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْفَخِذَ لَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ اهـ.

وَقُيِّدَ بِكَوْنِهِ سَمَّى جُمْلَةَ الْقُفْزَانِ عَلَى التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَمَّاهَا عَلَى الْإِبْهَامِ كَمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً عَلَى أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ، فَإِنْ وَجَدَهَا كَذَلِكَ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ وَجَدَهَا عَشَرَةً أَوْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَلَوْ بَاعَهَا عَلَى أَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ فَوَجَدَهَا كَذَلِكَ جَازَ، وَإِنْ وَجَدَهَا عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ جَازَ الْبَيْعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي الْقُنْيَةِ عَدَّ الْكَوَاغِدَ فَظَنَّهَا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَأَخْبَرَ الْبَائِعُ بِهِ، ثُمَّ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى عَيْنِهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَدَدَ، ثُمَّ ازْدَادَتْ عَلَى مَا ظَنَّهُ فَهِيَ حَلَالٌ لِلْمُشْتَرِي وَفِي فَتَاوَى صَاعِدٍ سَاوَمَهُ الْحِنْطَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَحَاسَبُوا فَبَلَغَ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ فَغَلِطُوا وَحَاسَبُوا الْمُشْتَرِيَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَبَاعُوهَا مِنْهُ بِخَمْسِمِائَةٍ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ فِيهَا غَلَطًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا خَمْسُمِائَةٍ أَفْرَزَ الْقَصَّابُ أَرْبَعَ شِيَاهٍ، فَقَالَ بَائِعُهَا هِيَ بِخَمْسَةٍ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِدِينَارٍ وَرُبْعٍ فَذَهَبَ الْقَصَّابُ فَجَاءَ بِأَرْبَعِ دَنَانِيرَ، فَقَالَ لِلْبَائِعِ هَلْ بِعْت هَذِهِ بِهَذَا الْقَدْرِ وَالْبَائِعُ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا خَمْسَةٌ قَالَ صَحَّ الْبَيْعُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَصِحُّ بِأَرْبَعَةٍ وَلَا يُعْتَبَرُ مَا سَبَقَ إنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِدِينَارٍ وَرُبْعٍ اهـ.

(فَرْعٌ) لَطِيفٌ مِنْ أَيْمَانِ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى مُنَاسِبٌ لِلْوَزْنِيَّاتِ اشْتَرَى مَنًّا مِنْ اللَّحْمِ، فَقَالَتْ هَذَا أَقَلُّ مِنْ مَنٍّ وَحَلَفَتْ عَلَيْهِ، وَقَالَ الزَّوْجُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَنًّا فَأَنْت طَالِقٌ فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يُطْبَخَ قَبْلَ أَنْ يُوزَنَ فَلَا يَحْنَثَانِ اهـ.

[اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ كَاتِبٌ فَوَجَدَهُ غَيْرَ كَاتِبٍ]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَ ذِرَاعٌ أُخِذَ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تُرِكَ، وَإِنْ زَادَ فَلِلْمُشْتَرِي وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّ الذَّرْعَ فِي الْمَذْرُوعِ وَصْفٌ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الطُّولِ فِيهِ لَكِنَّهُ وَصْفٌ يَسْتَلْزِمُ زِيَادَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ لَمْ يُفْرَدْ بِثَمَنٍ كَانَ تَابِعًا مَحْضًا فَلَا يُقَابَلُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا قَالَ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ بِمِائَةٍ، وَلَمْ يَزِدْ فَوَجَدَهَا أَنْقَصَ كَانَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ، وَإِنَّمَا يَتَخَيَّرُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ كَمَا إذَا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ كَاتِبٌ فَوَجَدَهُ غَيْرَ كَاتِبٍ، وَإِنْ وَجَدَهَا أَزْيَدَ فَلِلْمُشْتَرِي الزِّيَادَةُ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ كَمَا إذَا بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ مَعِيبٌ فَإِذَا هُوَ سَلِيمٌ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْمَشَايِخُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَدْرِ وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْوَصْفِ حُدُودًا فَقِيلَ مَا يَتَعَيَّبُ بِالتَّبْعِيضِ وَالتَّشْقِيصِ فَالزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِيهِ وَصْفٌ وَمَا لَا يَتَعَيَّبُ بِهِمَا فَالزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِيهِ أَصْلٌ وَقِيلَ الْوَصْفُ مَا لِوُجُودِهِ تَأْثِيرٌ فِي تَقَوُّمِ غَيْرِهِ وَلِعَدَمِهِ تَأْثِيرٌ فِي نُقْصَانِ غَيْرِهِ وَالْأَصْلُ مَا لَا يَكُونُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ وَقِيلَ مَا لَا يَنْقُصُ بِالْبَاقِي لِفَوَاتِهِ فَهُوَ أَصْلٌ وَمَا يَنْقُصُ الْبَاقِي بِفَوَاتِهِ فَهُوَ وَصْفٌ، وَهَذَا مَعَ الثَّانِي مُتَقَارِبَانِ

ــ

[منحة الخالق]

قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ لِهَذَا وَلَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ وَأَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْكَلَامُ فِي مَبِيعٍ يَنْقَسِمُ أَجْزَاءُ الثَّمَنِ فِيهِ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَيْسَ مِنْهُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ السَّوِيقَ قِيَمِيٌّ لِمَا بَيْنَ السَّوِيقِ وَالسَّوِيقِ مِنْ التَّفَاوُتِ الْفَاحِشِ بِسَبَبِ الْقَلْيِ، وَكَذَا الصَّابُونُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَأَمَّا الثَّوْبُ فَظَاهِرٌ وَعَلَى هَذَا فَمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي نَقْصِ الْقِيَمِيِّ بَيْنَ أَخْذِهِ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تَرْكِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُشَاهَدًا فَتَدَبَّرْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>