للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ فِي بَيْعِ الدَّارِ]

لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ تَبَعًا لَهَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي بَيْعِهَا فَيَدْخُلُ السَّلَمُ الْمُتَّصِلُ وَالسَّرِيرُ وَالدَّرَجُ الْمُتَّصِلَةُ وَالْحَجَرُ الْأَسْفَلُ مِنْ الرَّحَا، وَكَذَا الْأَعْلَى اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَتْ مُرَكَّبَةً فِي الدَّارِ الْمَنْقُولَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى بَيْتَ الرَّحَا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الشُّرُوطِ أَنَّ لَهُ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهِ قَدْرُ النُّحَاسِ مَوْصُولًا بِالْأَرْضِ وَقِيلَ الْأَعْلَى لَا يَدْخُلُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا فَرَحَا الْإِبِلِ لِلْبَائِعٍ، وَإِنْ كَانَ ضَيْعَةً كَانَ الرَّحَا لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بَعُدَ مِنْ تَوَابِعِ الضَّيْعَةِ اهـ.

وَذُكِرَ قَبْلَهُ إنَّ رَحَى الْإِبِلِ وَآلَاتِهَا لِلْبَائِعِ، وَلَوْ ذَكَرَ الْحُقُوقَ. وَأَمَّا رَحَى الْمَاءِ فَلِلْمُشْتَرِي إذَا بَاعَهَا بِحُقُوقِهَا وَتَدْخُلُ الْبِئْرُ الْكَائِنَةُ فِي الدَّارِ وَبَكَرَتُهَا الَّتِي عَلَيْهَا لَا الدَّلْوُ وَالْحَبْلُ إلَّا إذَا قَالَ بِمَرَافِقِهَا.

وَأَمَّا الْبَكَرَةُ فَدَاخِلَةٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ بِالْبِئْرِ، وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ دِهْلِيزٍ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ يَدْخُلُ نِصْفُ الْبَابِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَيَدْخُلُ الْبَابُ الْمُرَكَّبُ لَا الْمَوْضُوعُ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي بَابِ الدَّارِ فَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ مُرَكَّبًا مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ مَقْلُوعًا، فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا فَالْقَوْلُ فِيهِ لِذِي الْيَدِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ بِخِلَافِ الْبَكَرَةِ فِي الْحَمَّامِ لِانْفِصَالِهَا.

كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَدْخُلُ مَا فِيهَا مِنْ الْبُسْتَانِ، وَلَوْ كَبِيرًا لَا الْخَارِجُ عَنْهَا، وَلَوْ كَانَ لَهُ بَابٌ وَتَدْخُلُ الْأَرْضُ الَّتِي تَحْتَ الْحَائِطِ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا كَالْأَسَاسِ وَتَدْخُلُ الْقُدُورُ فِي بَيْعِ الْحَمَّامِ دُونَ الْقِصَاعِ، وَإِنْ ذَكَرَ الْمَرَافِقَ بِخِلَافِ قُدُورِ الصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ وَإِجَّانَةِ الْغَسَّالِ وَخَابِيَةِ الزَّيَّاتِ وَحِبَالِهِمْ وَدِنَانِهِمْ، وَلَوْ كَانَتْ مَدْفُونَةً كَالصُّنْدُوقِ الْمُثَبَّتِ فِي الْبِنَاءِ وَجِذْعِ الْقَصَّارِ الَّذِي يَدُقُّ عَلَيْهِ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ، وَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا كَالسُّلَّمِ الْمُنْفَصِلِ فِي عُرْفِهِمْ وَفِي عُرْفِ الْقَاهِرَةِ يَنْبَغِي دُخُولُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ بُيُوتَهُمْ طَبَقَاتٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بِدُونِهِ وَلَا يُرَدُّ عَدَمُ دُخُولِ الطَّرِيقِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ رَقَبَتِهَا قَدْ يُقْصَدُ لِلْأَخْذِ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ، وَلِهَذَا دَخَلَ فِي الْإِجَارَةِ بِلَا ذِكْرٍ كَمَا سَيَأْتِي وَأَرَادَ بِالْمَفَاتِيحِ الْإِغْلَاقَ، فَإِنَّهَا تَدْخُلُ تَبَعًا، فَإِنَّ الْمَفَاتِيحَ تَبَعٌ لِلْغَلَقِ وَهُوَ لَا يَدْخُلُ إلَّا إذَا كَانَ مُرَكَّبًا كَالضَّبَّةِ وَالْكَيْلُونِ وَإِلَّا فَلَا كَالْقُفْلِ وَمِفْتَاحِهِ كَالثَّوْبِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا سَوَاءٌ ذَكَرَ الْحُقُوقَ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَابُ مُغْلَقًا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ حَانُوتًا أَوْ بَيْتًا أَوْ دَارًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.

وَفِي الْمُحِيطِ وَمِقْلَاةُ السَّوَّاقِينَ وَهِيَ الَّتِي يُقْلَى فِيهَا السَّوِيقُ إذَا كَانَتْ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ مِنْ نُحَاسٍ فَهِيَ لِلْبَائِعٍ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهَا جُعِلَتْ فِي الْبِنَاءِ لِلْعَمَلِ فَلَمْ تَكُنْ مِنْ جُمْلَةِ الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَزَفٍ فَلِلْمُشْتَرِي اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ يَدْخُلُ كَوْرُ الْحَدَّادِ فِي بَيْعِ حَانُوتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَرَافِقَ وَكَوْرُ الصَّائِغِ لَا يَدْخُلُ، وَلَوْ ذَكَرَ الْمَرَافِقَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُرَكَّبٌ مُتَّصِلٌ. وَالثَّانِي مُنْفَصِلٌ وَلَا يَدْخُلُ زِقُّ الْحَدَّادِ الَّذِي يَنْفُخُ فِيهِ اهـ.

وَفِيهَا أَيْضًا قَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ إذَا بَاعَ بِكُلِّ كَثِيرٍ وَقَلِيلٍ هُوَ فِيهَا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا يَدْخُلُ الْعَبِيدُ وَالْجَوَارِي فِي الْبَيْعِ وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَحْرَارُ، وَقَالَ زُفَرُ يَدْخُلُ فِيهِ الْأَحْرَارُ أَيْضًا وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ، وَلَوْ قَالَ مِنْهَا لَا يَدْخُلُ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ اشْتَرَى دَارًا فَذَهَبَ

ــ

[منحة الخالق]

[اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ]

(فَصْلٌ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ فِي بَيْعِ الدَّارِ) .

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ الْبِنَاءِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَأَمَّا الْأَحْجَارُ الْمُكَوَّمَةُ وَالْمَدْفُونَةُ الْمُودَعَةُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ بِنَاءٍ لَا تَدْخُلُ كَالْأَمْتِعَةِ الْمَدْفُونَةِ بِهَا وَقَدْ كَتَبْنَا فِي حَاشِيَةِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا يُبْهِجُ الْإِبْصَارَ. (قَوْلُهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بِدُونِهِ) أَخْذُهُ مِنْ قَوْلِ الْهِدَايَةِ فِي دُخُولِ الْمِفْتَاحِ تَبَعًا لِلْغَلَقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا بِهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مُلْكَ رَقَبَتَهَا) أَيْ رَقَبَةَ الدَّارِ، وَقَوْلُهُ: وَلِهَذَا دَخَلَ أَيْ الطَّرِيقُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ رَقَبَةَ الدَّارِ قَدْ يُقْصَدُ تَمَلُّكُهَا لِغَيْرِ الِانْتِفَاعِ بِعَيْنِهَا فَلِهَذَا لَمْ يَدْخُلْ الطَّرِيقُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ فَيَدْخُلُ الطَّرِيقُ تَبَعًا وَلَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي دَفْعِ الْإِيرَادِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ السَّلَمَ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِالْبَيْتِ إلَّا بِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِالْمَفَاتِيحِ الْإِغْلَاقَ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ الْمُرَادُ بِالْغَلَقِ مَا نُسَمِّيهِ ضَبَّةً، وَهَذَا إذَا كَانَتْ مُرَكَّبَةً؛ لِأَنَّهَا تُرَكَّبُ لِلْبَقَاءِ لَا إذَا كَانَتْ مَوْضُوعَةً فِي الدَّارِ، وَلِهَذَا لَا تَدْخُلُ الْأَقْفَالُ فِي بَيْعِ الْحَوَانِيتِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُرَكَّبُ، وَإِنَّمَا تَدْخُلُ الْأَلْوَاحُ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً؛ لِأَنَّهَا فِي الْعُرْفِ كَالْأَبْوَابِ الْمُرَكَّبَةِ وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الْأَلْوَاحِ مَا تُسَمَّى فِي عُرْفِنَا بِمِصْرَ دَرَارِيبَ الدُّكَّانِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِيهَا عَدَمَ الدُّخُولِ فَلَا مُعَوِّلَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ يَدْخُلُ كَوْرُ الْحَدَّادِ) سَيُذْكَرُ فِي آخِرِ الْقَوْلَةِ الْآتِيَةِ تَفْسِيرَ الْكَوْرِ بِأَنَّهُ الْمَبْنِيُّ مِنْ الطِّينِ. (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وَلَوْ بَاعَهَا بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ لَهَا وَفِيهَا، وَمِنْهَا وَفِيهَا خَشَبٌ مَوْضُوعٌ أَوْ لَبِنٌ أَوْ آجُرٌّ أَوْ أَمْتِعَةٌ، فَإِنَّهَا لَا تَدْخُلُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ اهـ.

قُلْتُ: وَوَجْهُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>