للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْجَوَازِ كَمَا فِي بَيْعِ دِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ بِدِينَارٍ وَدِرْهَمَيْنِ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ.

وَلَوْ اشْتَرَى تُرَابَ الصَّوَّاغِينَ بِعَرْضٍ إنْ وَجَدَ فِي التُّرَابِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَالًا مُتَقَوِّمًا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مَا فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَنْبَغِي لِلصَّائِغِ أَنْ يَأْكُلَ ثَمَنَ التُّرَابِ الَّذِي بَاعَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَالَ النَّاسِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّائِغُ قَدْ زَادَ النَّاسَ فِي مَتَاعِهِمْ بِقَدْرِ مَا سَقَطَ مِنْهُمْ فِي التُّرَابِ، وَكَذَا الدَّهَّانُ إذَا بَاعَ الدُّهْنَ وَبَقِيَ مِنْ الدُّهْنِ شَيْءٌ فِي الْأَوْعِيَةِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ بَاعَ مِائَةَ مَنٍّ مِنْ حَلِيجِ هَذَا الْقُطْنِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ فِي سُنْبُلِهَا فَبَاعَهَا جَازَ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّوَى فِي التَّمْرِ، وَلَوْ بَاعَ حَبَّ قُطْنٍ بِعَيْنِهِ جَازَ كَذَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، وَلَوْ اشْتَرَى الْبَزْرَ الَّذِي فِي جَوْفِ الْبِطِّيخِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ رَضِيَ صَاحِبُهُ بِأَنْ يَقْطَعَ الْبِطِّيخَ، وَلَوْ ذَبَحَ شَاةً فَبَاعَ كَرِشَهَا قَبْلَ السَّلْخِ جَازَ وَكَانَ عَلَى الْبَائِعِ إخْرَاجُهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَلَوْ ابْتَلَعَتْ دَجَاجَةٌ لُؤْلُؤَةً فَبَاعَ حَبَّةَ اللُّؤْلُؤَةِ الَّتِي فِي بَطْنِهَا جَازَ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَانَ رَآهَا إلَّا إذَا تَغَيَّرَتْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي رَأَى اللُّؤْلُؤَةَ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهَا، وَلَوْ اشْتَرَى لُؤْلُؤَةً فِي صَدَفٍ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَأَى، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْبَاقِلَّا الْفُولُ وَالْحَلِيجُ بِمَعْنَى الْمَحْلُوجِ وَهُوَ مَا خُلِّصَ حَبُّهُ مِنْ قُطْنِهِ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ بَاعَ حِنْطَةً فِي سُنْبُلِهَا لَزِمَ الْبَائِعَ الدَّرْسُ وَالتَّذْرِيَةُ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ وَلَهُ حِنْطَةٌ فِي سُنْبُلِهَا فَصَارَ حَاصِلُ مَا نَقَلْنَاهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ شَيْئًا مَسْتُورًا، فَإِنْ كَانَ مَسْتُورًا بِمَا هُوَ خِلْقِيٌّ فِيهِ أَوْ لَا. وَالثَّانِي شِرَاءُ مَا لَمْ يَرَهُ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَالْأَوَّلُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا فِي الْعُرْفِ أَوْ مَعْدُومًا، فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا جَازَ كَبَيْعِ حِنْطَةٍ فِي سُنْبُلِهَا وَأَرُزٍّ وَسِمْسِمٍ وَجَوْزٍ، وَلَوْزٍ وَكَرِشِ شَاةٍ مَذْبُوحَةٍ قَبْلَ سَلْخِهَا وَلُؤْلُؤَةٍ فِي بَطْنِ دَجَاجَةٍ، وَإِنْ كَانَ يُقَالُ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ مَعْدُومٌ لَمْ يَجُزْ كَبَيْعِ حَبِّ قُطْنٍ فِيهِ نَوَى تَمْرٍ فِيهِ وَلَبَنٍ فِي ضَرْعٍ وَلَحْمٍ وَشَحْمٍ وَأَلْيَةٍ فِي شَاةٍ وَأَكَارِعَ وَجِلْدٍ فِيهَا وَدَقِيقٍ فِي حِنْطَةٍ وَزَيْتٍ فِي زَيْتُونٍ وَعَصِيرٍ فِي عِنَبٍ وَمَحْلُوجِ قُطْنٍ فِيهِ وَلُؤْلُؤَةٍ فِي صَدَفٍ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَتِبْنِ حِنْطَةٍ فِي سُنْبُلِهَا. .

(قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ) يَعْنِي إذَا بِيعَ مُكَايَلَةً، وَكَذَا أُجْرَةُ الْوَزَّانِ وَالْعَدَّادِ عَلَيْهِ وَالذَّرَّاعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ فَكَذَا مَا كَانَ مِنْ تَمَامِهِ قُيِّدَ بِالْكَيْلِ؛ لِأَنَّ صَبَّ الْحِنْطَةَ فِي الْوِعَاءِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَكَذَا إخْرَاجُ الطَّعَامِ مِنْ السَّفِينَةِ، وَكَذَا قَطْعُ الْعِنَبِ الْمُشْتَرَى جُزَافًا عَلَيْهِ، وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ بَاعَهُ جُزَافًا كَالثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ إذَا خَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا قَطْعُ الثَّمَرِ إذَا خَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُشْتَرَى، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً فِي سُنْبُلِهَا فَعَلَى الْبَائِعِ تَخْلِيصُهَا بِالدَّرْسِ وَالتَّذْرِيَةِ وَدَفْعُهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي الْمِعْرَاجِ وَالتِّبْنُ لِلْبَائِعِ، وَإِذَا اشْتَرَى ثِيَابًا فِي جِرَابٍ فَفَتْحُ الْجِرَابِ عَلَى الْبَائِعِ وَإِخْرَاجُ الثِّيَابِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقِيلَ كَمَا يَجِبُ الْكَيْلُ عَلَى الْبَائِعِ فَالصَّبُّ فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي يَكُونُ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مَاءً مِنْ سَقَّاءٍ فِي قِرْبَةٍ كَانَ صَبُّ الْمَاءِ عَلَى السَّقَّاءِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْعُرْفُ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ اشْتَرَى وِقْرَ حَطَبٍ فِي الْمِصْرِ فَالْحَمْلُ عَلَى الْبَائِعِ. .

(قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ نَقْدِ الثَّمَنِ وَوَزْنُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَزْنَ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَتَسْلِيمُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَكَذَا مَا يَكُونُ مِنْ تَمَامِهِ، وَكَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْجَيِّدِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ تَعَلَّقَ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نَقْدِ الثَّمَنِ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ قَالَ وَبِهِ يُفْتَى إلَّا إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، ثُمَّ جَاءَ يَرُدُّهُ بِعَيْبِ الزِّيَافَةِ، فَإِنَّهُ عَلَى الْبَائِعِ. وَأَمَّا أُجْرَةُ نَقْدِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ عَلَى الْمَدْيُونِ إلَّا إذَا قَبَضَ رَبُّ الدَّيْنِ الدَّيْنَ، ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَ النَّقْدِ فَالْأُجْرَةُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ فَالنَّاقِدُ إنَّمَا يُمَيِّزُ مِلْكَهُ لِيَسْتَوْفِيَ

ــ

[منحة الخالق]

[اشْتَرَى تُرَابَ الصَّوَّاغِينَ بِعَرْضٍ]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ حَبَّ قُطْنٍ بِعَيْنِهِ جَازَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ عَدَمِ جَوَازِهِ وَسَيَأْتِي أَيْضًا

[لَوْ بَاعَ حِنْطَةً فِي سُنْبُلِهَا لَزِمَ الْبَائِعَ الدَّرْسُ وَالتَّذْرِيَةُ]

(قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ بَاعَ حِنْطَةً فِي سُنْبُلِهَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بَاعَ الْحِنْطَةَ بِعَيْنِهَا وَمَا فِي الْمَتْنِ فِي بَيْعِهَا مَعَ السُّنْبُلِ لَا بِعَيْنِهَا تَأَمَّلْ.

[قَطْعُ الْعِنَبِ الْمُشْتَرَى جُزَافًا عَلَى الْبَائِع]

(قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الَّذِي فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً مُكَايَلَةً فَالْكَيْلُ عَلَى الْبَائِعِ وَصَبُّهَا فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَيْضًا هُوَ الْمُخْتَارُ اهـ.

كَذَا رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>