للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِذَلِكَ حَقًّا لَهُ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَ فِي أُجْرَةِ النَّاقِدِ فَشَمِلَ مَا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي دَرَاهِمِي مُنْتَقَدَةٌ أَوْ لَا وَهُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِمَنْ فَصَّلَ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَأَمَّا حُكْمُ الصَّيْرَفِيِّ إذَا نَقَدَ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ فِيهَا زُيُوفًا، فَقَالَ فِي إجَارَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَنْقُدَ الدَّرَاهِمَ فَنَقَدَ، ثُمَّ وَجَدَهُ زُيُوفًا يَرُدُّ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ وَجَدَ الْبَعْضَ زُيُوفًا يَرُدُّ بِقَدْرِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ سَلَّمَهُ أَوَّلًا) أَيْ سَلَّمَ الثَّمَنَ أَنْ يَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ الْمُسَاوَاةَ، وَقَدْ تَعَيَّنَ حَقُّ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ فَيُسَلَّمُ الثَّمَنُ أَوَّلًا لِيَتَعَيَّنَ حَقُّ الْبَائِعِ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يَدْفَعَ الْمَبِيعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ حَتَّى لَوْ سَمَّى الْوَقْتَ الَّذِي يُسَلَّمُ فِيهِ الْبَيْعُ جَازَ اهـ.

وَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِ السِّلْعَة لِيُعْلَمَ قِيَامُهَا فَإِذَا أَحْضَرَهَا الْبَائِعُ أَمَرَ الْمُشْتَرِيَ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِهِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا، وَلَوْ عَنْ الْمِصْرِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ غَيْرِ مَوْضِعِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ مِنْ حَيْثُ تَلْحَقُهُ الْمُؤْنَةُ بِالْإِحْضَارِ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَرُ الْمُرْتَهِنُ بِإِحْضَارِهِ بَلْ يُسَلِّمُ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ إذَا أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِقِيَامِ الرَّهْنِ، فَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ هَلَاكَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ لِكَوْنِ الرَّهْنِ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَالْوَدِيعَةِ فَلَا يُؤْمَرُ بِإِحْضَارِهِ إذَا لَحِقَهُ مُؤْنَةٌ. وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَالثَّمَنُ بَدَلٌ إلَخْ اهـ.

وَفِي آخَرَ رَهْنُ الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا لَقِيَ الْبَائِعَ فِي غَيْرِ مِصْرِهِمَا وَطَلَبَ مِنْهُ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ كَفِيلًا أَوْ يَبْعَثُ وَكِيلًا يَنْقُدُ الثَّمَنَ لَهُ، ثُمَّ يَتَسَلَّمُ الْمَبِيعَ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الثَّمَنِ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ أَوْ لَا وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْكِتَابِ بَعْضَ مَسَائِلِ التَّأْجِيلِ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ كَانَ لَهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَتُهُ بِالثَّمَنِ قَبْلَ سُقُوطِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ حَبْسِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ كُلَّهُ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ دِرْهَمٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَلَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِيفَاءِ الْحَالِ، وَلَوْ بَاعَهُ شَيْئَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا فَدَفَعَ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ أَحَدِهِمَا كَانَ لِلْبَائِعِ حَبْسُهُمَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حِصَّةَ الْآخَرِ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ كَانَ لَهُ الْحَبْسُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ كَالِاسْتِيفَاءِ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ بِالرَّهْنِ وَلَا بِالْكَفِيلِ وَيَسْقُطُ بِحَوَالَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ اتِّفَاقًا.

وَكَذَا بِحَوَالَةِ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِهِ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِلْبَرَاءَةِ كَالْإِيفَاءِ وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ بَيْنَهُمَا بِبَقَاءِ مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ فِيمَا إذَا كَانَ مُحْتَالًا وَبِسُقُوطِهَا فِيمَا إذَا كَانَ مُحِيلًا، وَكَذَا فَرَّقَ مُحَمَّدٌ فِي الرَّهْنِ، فَقَالَ إنْ أَحَالَ الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقُّ حَبْسِهِ، وَإِنْ احْتَالَ بِهِ عَلَى رَجُلٍ لَمْ يَسْقُطْ وَتَأْجِيلُ الثَّمَنِ بَعْدَ الْبَيْعِ بِالْحَالِ مُسْقِطٌ لِحَقِّهِ فِي الْحَبْسِ، وَكَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي حَتَّى حَلَّ سَقَطَ الْحَبْسُ.

وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْأَجَلَ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ عِنْدَ الْإِمَامِ إنْ لَمْ تَكُنْ السَّنَةُ مُعَيَّنَةً، وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَمَضَتْ فَلَا بَقَاءَ لَهُ إجْمَاعًا وَمَحَلُّ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ التَّسْلِيمِ أَمَّا إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إجْمَاعًا، وَلَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ سَقَطَ حَقُّهُ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَهُ رَدُّهُ إلَيْهِ، وَلَوْ أَعَارَهُ الْبَائِعُ لَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ إذَا أَعَارَ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الرَّهْن فَلَهُ اسْتِرْجَاعُهُ، وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ.

كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْإِجَارَةُ كَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَالْبَائِعُ يَرَاهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْقَبْضِ كَانَ إذْنًا وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ السُّكُوتِ. وَأَمَّا تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ: قَوْلِيٍّ وَحِسِّيٍّ فَالْأَوَّلُ، فَإِنْ أَعَارَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ رَهَنَهُ وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ جَازَ، وَلَوْ بَاعَ أَوْ آجَرَ لَا يَجُوزُ قَالَ مُحَمَّدٌ

ــ

[منحة الخالق]

[وَأُجْرَةُ نَقْدِ الثَّمَنِ وَوَزْنُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي]

(قَوْلُهُ. وَأَمَّا حُكْمُ الصَّيْرَفِيِّ إذَا نَقَدَ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ فِيهَا زُيُوفًا إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ سُئِلَ الْإِمَامُ الطُّورِيُّ عَنْ إنْسَانٍ نَقَدَ دَرَاهِمَ عِنْدَ صَيْرَفِيٍّ فَظَهَرَتْ زُيُوفًا هَلْ يَضْمَنُ الصَّيْرَفِيُّ أَمْ لَا أَجَابَ إنْ نَقَدَ بِأَجْرٍ وَظَهَرَتْ كُلُّهَا زُيُوفًا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْأُجْرَةِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ لِصَيْرَفِيٍّ اُنْقُدْ لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَك أُجْرَةُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَانْتَقِدْهَا، ثُمَّ وَجَدَ صَاحِبَهَا مِائَةَ سَتُّوقَةً أَوْ زُيُوفًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ الْعَشَرَةَ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّ الْمُؤَاجِرَ لَمْ يُوفِ عَمَلَهُ، وَقَالَ فِي جَنَّةِ الْأَحْكَامِ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ انْتَقَدَ دَرَاهِمَ رَجُلٍ، وَلَمْ يُحْسِنْ الِانْتِقَادَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَجِبُ لَهُ الْأَجْرُ؟ قَالَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْبَدَلُ عَلَى مَنْ قَبَضَ مِنْهُ الْمَالَ وَلَا أَجْرَ لِلنَّاقِدِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فِي إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ قُلْتُ: وَرَأَيْت فِي الْخَانِيَّةِ ذِكْرًا مِثْلَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.

(قَوْلُهُ، وَلَوْ أَعَارَهُ الْبَائِعُ لَهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>