للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ فِرَارًا عَنْ الرِّبَا فَبَلْخٌ اعْتَادُوا الدَّيْنَ وَالْإِجَارَةَ وَهِيَ لَا تَصِحُّ فِي الْكُرُومِ.

وَأَهْلُ بُخَارَى اعْتَادُوا الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ وَلَا تُمْكِنُ فِي الْأَشْجَارِ فَاضْطُرُّوا إلَى بَيْعِهَا وَفَاءً وَمَا ضَاقَ عَلَى النَّاسِ أَمْرٌ إلَّا اتَّسَعَ حُكْمُهُ.

وَقَدْ نَصَّ فِي غَرِيبِ الرِّوَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَكُونُ تَلْجِئَةً حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهَا فِي الْعُقْدَةِ وَهِيَ وَالْوَفَاءُ وَاحِدٌ وَاخْتَارَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ تَاجُ الْإِسْلَامِ وَالْإِمَامِ الْمَرْغِينَانِيِّ وَالْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ الْمَعْرُوفُ بِبَدْرٍ أَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الرَّدِّ عِنْدَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْلِكُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ يَمْلِكُهُ انْتِفَاعًا فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ أَجَابُوا سِوَى عَلَاءِ الدِّينِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ الثَّانِي لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ إلَى الْمُشْتَرِي بِرِضَاهُ الْقَوْلُ السَّابِعُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَأَوْلَادُهُ وَمَشَايِخُ زَمَانِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى أَعْنِي لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي بَيْعَهُ مِنْ الْغَيْرِ كَمَا فِي بَيْعِ الْمُكْرَهِ لَا كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَسُئِلَ الصَّدْرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُجْعَلُ فَاسِدًا وَيُمْنَعُ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ بَعْدَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ كَالْفَاسِدِ وَإِنْ قَضَى الدَّيْنَ.

قَالَ هَذَا كَبَيْعِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُكْرَهِ قِيلَ لَهُ فَإِنْ أَكَلَ الْمُشْتَرِي غَلَّةَ الْكَرْمِ وَالْأَرْضِ وَالدَّارِ قَالَ حُكْمُهُ حُكْمُ الزَّوَائِدِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَعْنِي أَنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا اسْتَهْلَكَهُ وَلَا يَغْرَمُ إنْ هَلَكَ كَزَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ الْقَوْلُ الثَّامِنُ الْجَامِعُ لِبَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ فَاسِدٌ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ حَتَّى مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْفَسْخَ وَصَحِيحٌ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَحِلِّ الْإِنْزَالِ وَمَنَافِعِ الْبَيْعِ وَرَهْنٌ فِي حَقِّ الْبَعْضِ حَتَّى لَمْ يَمْلِكْ الْمُشْتَرِي بَيْعَهُ مِنْ آخَرَ وَلَا رَهْنَهُ وَلَمْ يَمْلِكْ قَطْعَ الشَّجَرِ وَلَا هَدْمَ الْبِنَاءِ وَسَقَطَ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ وَانْقَسَمَ الثَّمَنُ إنْ دَخَلَهُ نُقْصَانٌ كَمَا فِي الرَّهْنِ.

قُلْتُ: هَذَا الْعَقْدُ مُرَكَّبٌ مِنْ الْعُقُودِ الثَّلَاثَةِ كَالزَّرَافَةِ فِيهَا صِفَةُ الْبَعِيرِ وَالْبَقَرِ وَالنَّمِرِ جُوِّزَ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْبَدَلَيْنِ لِصَاحِبِهِمَا اهـ.

وَفِي الْمُسْتَطْرَفِ الزَّرَافَةُ حَيَوَانٌ عَجِيبُ الْخِلْقَةِ وَلَمَّا كَانَ مَأْلُوفَهَا الشَّجَرُ خَلَقَ اللَّهُ يَدَيْهَا أَطْوَلَ مِنْ رِجْلَيْهَا وَهِيَ أَلْوَانٌ عَجِيبَةٌ يُقَالُ إنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ ثَلَاثِ حَيَوَانَاتٍ النَّاقَةِ الْوَحْشِيَّةِ وَالضَّبُعِ وَالْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ فَيَنْزُو الضَّبُعُ عَلَى النَّاقَةِ فَتَأْتِي بِذَكَرٍ فَيَنْزُو ذَلِكَ الذَّكَرُ عَلَى الْبَقَرَةِ فَتَتَوَلَّدُ مِنْهُ الزَّرَافَةُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ خِلْقَةٌ بِذَاتِهِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى كَبَقِيَّةِ الْحَيَوَانَاتِ وَقَدْ فَرَّعَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فُرُوعًا كَثِيرَةً يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ تَرَكْنَاهَا خَوْفًا مِنْ الْإِطَالَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْدَلَ فِي الْإِفْتَاءِ عَنْ الْقَوْلِ الْجَامِعِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ نَقَدَ فِي الثَّلَاثِ صَحَّ) يَعْنِي فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَقَدَّمْنَا صِفَةَ انْعِقَادِهِ فِي الِابْتِدَاءِ إمَّا فَاسِدٌ أَوْ مَوْقُوفٌ كَمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَلَمْ أَرَ ثَمَرَةً لِلِاخْتِلَافِ فَإِنَّهُ إذَا أَسْقَطَهُ قَبْلَ دُخُولِ الرَّابِعِ جَازَ اتِّفَاقًا وَإِنْ دَخَلَ تَقَرَّرَ فَسَادُهُ اتِّفَاقًا وَلَعَلَّ الثَّمَرَةَ تَظْهَرُ فِي حِلِّ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَعَدَمِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ بِالْقَبْضِ فَمَنْ قَالَ بِفَسَادِهِ أَثْبَتَهُ وَمَنْ قَالَ بِالْوَقْفِ نَفَاهُ.

(قَوْلُهُ وَخِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ) لِأَنَّ تَمَامَ هَذَا السَّبَبِ بِالْمُرَاضَاةِ فَلَا يَتِمُّ مَعَ الْخِيَارِ فَيَنْفُذُ عِتْقُ الْبَائِعِ وَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي التَّصَرُّفَ فِيهِ وَإِنْ قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ خُرُوجَ الثَّمَنِ عَنْ مِلْكِهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لَهُمَا لَمْ يَخْرُجْ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَا الثَّمَنُ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَفِي الْبَدَائِعِ إنَّ حُكْمَ الْبَيْعِ بِخِيَارٍ مَوْقُوفٌ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ حُكْمٌ لِلْحَالِ وَالْخِيَارُ مَانِعٌ مِنْ انْعِقَادِ الْحُكْمِ وَفِي الْمِعْرَاجِ إلَّا أَنَّ السَّبَبَ الْمُنْعَقِدَ فِي الْأَصْلِ يَسْرِي إلَى الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ لِكَوْنِهِ مَحَلًّا لَهُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَكَمَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ يَثْبُتُ فِي الزَّوَائِدِ اهـ.

يَعْنِي فَالْأَصْلُ وَإِنْ بَقِيَ عَلَى مِلْكِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لَا يَمْلِكُ الزَّوَائِدَ إذَا أُجِيزَ الْبَيْعُ وَفِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْأَوْلَادَ وَالْأَكْسَابَ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ تَدُورُ مَعَ الْأَصْلِ فَإِنْ أُجِيزَ كَانَتْ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ فُسِخَ كَانَتْ لِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَحَدَثَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَكَذَا الْجَوَابُ وَإِنْ حَدَثَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَانَتْ لَهُ تَمَّ الْبَيْعُ أَوْ انْتَقَضَ قِيلَ هَذَا قَوْلُهُمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِهِ فَهِيَ دَائِرَةٌ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَبَلْخٌ إلَخْ) هَكَذَا وُجِدَ بِعَامَّةِ النُّسَخِ مُكَرَّرًا مَعَ السَّابِقِ وَلَيْسَ تَكْرَارًا فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ دَعَا إلَيْهِ تَعْلِيلُ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. مُصَحِّحُهُ

[خِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ]

(قَوْلُهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْأَوْلَادَ وَالْإِكْسَابَ إلَخْ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ كَالْأَوْلَادِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ وَيَبْقَى الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي مَعَهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَتَمَّ الْعَقْدُ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّهَا تَمْنَعُهُ اتِّفَاقًا وَكَذَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي شَرْحِ قَوْلِهِ كَتَعَيُّبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>