للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْرُوفٍ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يَظْهَرُ مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ لَا يَجُوزُ بَعْضُهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَوَامَّ النَّاسِ يُسَافِرُونَ بِهِ خُصُوصًا فِي بِلَادِ الْمَشْرِقِ أَمَّا إذَا كَانَ يَظْهَرُ مِنْهُ قَدْرُ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي قَوْلِهِمْ.

(قَوْلُهُ: لَا عَلَى عِمَامَةٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَبُرْقُعٍ وَقُفَّازَيْنِ) أَيْ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ السِّينِ مَعْرُوفَتَانِ وَالْبُرْقُعُ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا خَرِيقَةٌ تُثْقَبُ لِلْعَيْنَيْنِ تَلْبَسُهَا الدَّوَابُّ وَنِسَاءُ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهِهِنَّ وَالْقُفَّازُ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ وَيَكُونُ لَهُ أَزْرَارٌ تَزِرُّ عَلَى السَّاعِدَيْنِ مِنْ الْبَرْدِ تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ فِي يَدَيْهَا وَهُمَا قُفَّازَانِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَقَدْ تَكُونُ مِنْ الْحُلِيِّ تَتَّخِذُهُ الْمَرْأَةُ لِيَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا وَمِنْ ذَلِكَ يُقَالُ تَقَفَّزَتْ الْمَرْأَةُ بِالْحِنَّاءِ إذَا نَقَشَتْ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا كَمَا فِي الْجَمْهَرَةِ لِابْنِ دُرَيْدٍ وَقَدْ يَتَّخِذُهُ الصَّائِدُ مِنْ جِلْدٍ وَلِبْدٍ لِيُغَطِّيَ الْأَصَابِعَ وَالْكَفَّ ثُمَّ عَدَمُ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى هَذِهِ مَا عَدَا الْعِمَامَةَ لَا يُعْرَفُ فِيهِ خِلَافٌ ثَابِتٌ عَمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَلَوْ مَسَحَتْ عَلَى خِمَارِهَا وَنَفَذَتْ الْبِلَّةُ إلَى رَأْسِهَا حَتَّى ابْتَلَّ قَدْرُ الرُّبْعِ مِنْهُ يَجُوزُ قَالَ مَشَايِخُنَا إذَا كَانَ الْخِمَارُ جَدِيدًا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ثُقُوبَ الْجَدِيدِ لَمْ تُسَدَّ بِالِاسْتِعْمَالِ فَتَنْفُذُ الْبِلَّةُ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ جَدِيدٌ لَا يَجُوزُ لِانْسِدَادِ ثُقُوبِهِ، وَأَمَّا عَلَى الْعِمَامَةِ فَاجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ إلَّا أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ أَجَازَهُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ سَاتِرَةً لِجَمِيعِ الرَّأْسِ إلَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَشْفِهِ وَأَنْ يَكُونَ تَحْتَ الْحَنَكِ مِنْهَا شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهَا ذُؤَابَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَأَنْ لَا تَكُونَ عِمَامَةٌ مُحَرَّمَةٌ فَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ الْمَغْصُوبَةِ

وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ إذَا لَبِسَتْ عِمَامَةَ الرَّجُلِ أَنْ تَمْسَحَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا ظَهَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ وُجُوبُ اسْتِيعَابِهَا وَالتَّوْقِيتُ فِيهَا كَالْخُفِّ وَيَبْطُلُ بِالنَّزْعِ وَالِانْكِشَافِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا مِثْلَ أَنْ يَحُكَّ رَأْسَهُ أَوْ يَرْفَعَهَا لِأَجْلِ الْوُضُوءِ وَفِي اشْتِرَاطِ لُبْسِهَا عَلَى طَهَارَةٍ رِوَايَتَانِ وَاسْتَدَلَّ بِمَا وَرَدَ مِنْ مَسْحِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْعِمَامَةِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ وَالْحُجَّةُ لِلْجُمْهُورِ أَنَّ الْكِتَابَ الْعَزِيزَ وَرَدَ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْكِتَابِ بِخَبَرٍ شَاذٍّ بِخِلَافِ الْخُفِّ، فَإِنَّ الْأَخْبَارَ فِيهِ مُسْتَفِيضَةٌ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ بِمِثْلِهَا عَلَى الْكِتَابِ وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ سَأَلْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ السُّنَّةُ يَا أَخِي وَسَأَلْته عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَقَالَ أَمَسُّ الشَّعْرَ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي مُوَطَّئِهِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ بَلَغَنِي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَقَالَ لَا حَتَّى يَمَسَّ الشَّعْرَ الْمَاءُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَبِهَذَا نَأْخُذُ ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ قَالَ رَأَيْت صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ تَتَوَضَّأُ وَتَنْزِعُ خِمَارَهَا ثُمَّ تَمْسَحُ بِرَأْسِهَا قَالَ نَافِعٌ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَبِهَذَا نَأْخُذُ لَا يَمْسَحُ عَلَى خِمَارٍ وَلَا عِمَامَةٍ بَلَغَنَا أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ كَانَ ثُمَّ تَرَكَهُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ تَأْوِيلَهُ بِأَنَّ بِلَالًا كَانَ بَعِيدًا فَمَسَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَأْسِهِ وَلَمْ يَضَعْ الْعِمَامَةَ عَنْ رَأْسِهِ فَظَنَّ بِلَالٌ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ أَوْ أَرَادَ بِلَالٌ الْمَجَازَ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْحَالِّ عَلَى الْمَحَلِّ وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ أَنَّ التَّأْوِيلَ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ حُكْمٌ يَلْزَمُهُ غَيْرُ الرَّأْيِ وَالصَّوَابُ أَنْ نَقُولَ إذَا ثَبَتَ رِوَايَةً سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ ثَبَتَ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ اهـ يَعْنِي: وَلَمْ تَسْلَمْ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ مُعَارَضَةِ الْكِتَابِ لَهَا

[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَخِرْقَةُ الْقُرْحَةِ]

(قَوْلُهُ: وَالْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَخِرْقَةُ الْقُرْحَةِ كَالْغَسْلِ) أَيْ لِمَا تَحْتَهَا وَلَيْسَ بِبَدَلٍ وَالْجَبِيرَةُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الطَّلَبَةِ عِيدَانٌ تُرْبَطُ عَلَى الْجُرْحِ وَيُجْبَرُ بِهَا الْعِظَامُ وَفِي الْمُغْرِبِ جَبَرَ الْكَسْرَ جَبْرًا وَجَبَرَ بِنَفْسِهِ جُبُورًا وَالْجُبْرَانُ فِي مَصَادِرِهِ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ وَالْجَبْرُ غَيْرُ فَصِيحٍ وَجَبَرَهُ بِمَعْنَى أَجْبَرَهُ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَإِنْ قَلَّ اسْتِعْمَالُ الْمَجْبُورِ بِمَعْنَى الْمُجْبَرِ وَقَرَحَهُ قُرْحًا جَرَحَهُ، وَهُوَ قَرِيحٌ وَمَقْرُوحٌ ذُو قُرْحٍ اهـ.

وَفِي الْقَامُوسِ الْقُرْحَةُ قَدْ يُرَادُ بِهَا الْجِرَاحَةُ وَقَدْ يُرَادُ بِهَا مَا يَخْرُجُ فِي الْبَدَنِ مِنْ بُثُورٍ. اهـ. وَأَيَّامًا كَانَ الْمُرَادُ هُنَا فَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ

ــ

[منحة الخالق]

إلَى السَّاقِ كَانَ أَوْلَى وَلَكِنَّ هَذَا حُكْمُ التَّقَوِّي، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْفَتْوَى وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>