للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّمَامِ وَهَذَا لِأَنَّ الصَّفْقَةَ لَا تَتِمُّ مَعَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَلِهَذَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضًا فَيَكُونُ فَسْخًا مِنْ الْأَصْلِ وَفِي النِّهَايَةِ الصَّفْقَةُ الْعَقْدُ الَّذِي تَنَاهَى فِي مُوجِبِهِ وَلِذَا قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْبَيْعُ إمَّا صَفْقَةٌ أَوْ خِيَارٌ أَيْ إمَّا يَتَنَاهَى فِي اللُّزُومِ أَوْ غَيْرُ لَازِمٍ بِأَنْ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ عَلَى حَدِيثِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ مُحْكَمٌ وَحَدِيثُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ خَصَّ مِنْهُ مَا إذَا تَعَيَّبَ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ لِأَنَّهُ مُحَرِّمٌ وَذَلِكَ مُبِيحٌ أَوْ لِكَوْنِهِ مُتَأَخِّرًا لِئَلَّا يَلْزَمَ تَكْرَارُ النُّسَخِ اهـ.

وَتُعُقِّبَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ أَيْضًا مَخْصُوصٌ بِمَا قَبْلَ التَّمَامِ وَمَا أَجَابَ بِهِ فِي الْعِنَايَةِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى ابْتِدَاءِ الصَّفْقَةِ غَيْرُ دَافِعٍ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْمِصْبَاحِ الصَّفْقَةُ الْعَقْدُ وَكَانَ الْعَرَبُ إذَا وَجَبَ الْبَيْعُ ضَرَبَ يَدُهُ عَلَى يَدِ صَاحِبِهِ اهـ.

وَالْأَوْلَى مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّا عَمِلْنَا بِالْحَدِيثَيْنِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّا شَرَطْنَا أَنْ يَرُدَّهُمَا جَمِيعًا عَمَلًا بِحَدِيثِ الصَّفْقَةِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْبَعْضِ، وَإِمْسَاكُ الْبَعْضِ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ لِكَوْنِهِ تَفْرِيقًا قَبْلَ التَّمَامِ لِكَوْنِهِ مَانِعًا مِنْ التَّمَامِ فِي الرُّؤْيَةِ وَمِنْ الِابْتِدَاءِ فِي الشَّرْطِ وَلَهُ ذَلِكَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِتَمَامِهَا وَالْخِيَارُ مَانِعٌ مِنْ اللُّزُومِ فَقَطْ لَا قَبْلَهُ لِكَوْنِ الْقَبْضِ مِنْ تَمَامِهَا وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ الْبَعْضُ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ وَاحِدًا فَلَهُ الْخِيَارُ مُطْلَقًا قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا فَإِنْ كَانَ قِيَمِيًّا وَقَبَضَ الْبَعْضَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَعْضَ فَاسْتُحِقَّ الْبَعْضُ لَهُ الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِهَا قَبْلَ التَّمَامِ وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ خُيِّرَ وَإِلَّا فَلَا وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ رَآهُمَا فَرَضِيَ بِأَحَدِهِمَا أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الْآخَرَ لِمَا ذَكَرْنَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ تَخَيَّرَ مُطْلَقًا مُتَعَدِّدًا أَوْ وَاحِدًا مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِ جَمِيعِهِ فَلَا خِيَارَ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي قِيَمِيٍّ وَاحِدٍ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ وَفِي خِيَارِ الْعَيْبِ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِالْبَعْضِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ رَدَّ الْمَعِيبَ وَحْدَهُ إلَّا فِي قِيَمِيٍّ وَاحِدٍ فَيَرُدُّ الْكُلَّ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ يَرُدُّ الْكُلَّ وَفِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ لَا يَرُدُّ إلَّا الْكُلَّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ.

(تَنْبِيهٌ) وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ الصَّفْقَةَ لَا تَتِمُّ مَعَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ فَحَمَلَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ عَلَى مَا إذَا قَبَضَهُ مَسْتُورًا أَمَّا إذَا قَبَضَهُ مَكْشُوفًا بَطَلَ خِيَارُهُ وَرَدَّهُ فِي الْمِعْرَاجِ بِأَنَّ الْخِيَارَ يَبْقَى إلَى أَنْ يُوجَدَ مَا يُبْطِلُهُ وَأَقَرَّهُ فِي الْبِنَايَةِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُورَثُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ) لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ لِلْعَاقِدِ وَهُوَ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلِأَنَّهُ وَصْفٌ فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ وَقَدْ أَسْلَفْنَاهُ (قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى مَا رَأَى خُيِّرَ إنْ تَغَيَّرَ وَإِلَّا لَا) أَيْ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَا يُخَيَّرُ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْأَوْصَافِ حَاصِلٌ لَهُ بِالرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ وَبِفَوَاتِهِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فَلَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّ تِلْكَ الرُّؤْيَةَ لَمْ تَقَعْ مُعْلِمَةً بِأَوْصَافِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ وَأَطْلَقَ قَوْلَهُ وَإِلَّا لَا وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِشَيْئَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مَرْئِيُّهُ وَقْتَ الشِّرَاءِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَهُ الْخِيَارُ لِعَدَمِ الرِّضَا بِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ لِقَصْدِ الشِّرَاءِ فَلَوْ رَآهُ لَا لِقَصْدِ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِقِيلَ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ إذَا رَأَى لَا لِقَصْدِ الشِّرَاءِ لَا يَتَأَمَّلُ كُلَّ التَّأَمُّلِ فَلَمْ تَقَعْ مَعْرِفَةٌ وَفِيهَا لَوْ رَأَى ثَوْبَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهُمَا بِثَمَنٍ مُتَفَاوِتٍ مَلْفُوفَيْنِ فَلَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ الْأَرْدَأُ بِأَكْثَرِ الثَّمَنَيْنِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَلَوْ رَأَى ثِيَابًا فَرَفَعَ الْبَائِعُ بَعْضَهَا ثُمَّ اشْتَرَى الْبَاقِي وَلَا يَعْرِفُ الْبَاقِيَ فَلَهُ الْخِيَارُ. اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشْرَةً فَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ اسْتَوَيَا فِي الْأَوْصَافِ.

وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ اشْتَرَى مَا رَأَى فَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا رَآهُ عَدَمُ الْخِيَارِ وَلِذَا لَوْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً لَمْ يَرَهَا فَجَاءَ بِهَا الْبَائِعُ مُتَنَقِّبَةً لَا يَعْرِفُهَا الْمُشْتَرِي فَقَبَضَهَا فَهُوَ

ــ

[منحة الخالق]

خِيَارُهُ اهـ. بِحُرُوفِهِ.

نَعَمْ هَذَا الْكَلَامُ يُفِيدُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ جَسِّ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَرَاهُ الْبَصِيرُ خِلَافُ مَا بَحَثَهُ الْمُؤَلِّفُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَرَدَّهُ فِي الْمِعْرَاجِ إلَخْ) مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْقَبْضُ أَوْ نَقْدُ الثَّمَنِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ مُسْقِطٌ لَهُ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

[لَا يُورَثُ خِيَار الرُّؤْيَة كَخِيَارِ الشَّرْطِ]

(قَوْلُهُ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ) قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ الرِّوَايَةِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا بِصِيغَةِ قِيلَ وَهِيَ صِيغَةُ التَّمْرِيضِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>