للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الْمَبِيعَ إنَّمَا يَقْصِدُ بِالشِّرَاءِ ثُمَّ هُوَ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَأَكْلُ الْبَعْضِ كَأَكْلِ الْكُلِّ لِكَوْنِهِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَصَارَ كَبَيْعِ الْبَعْضِ وَعَنْهُمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِي الْكُلِّ وَعَنْهُمَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَرَدُّ مَا بَقِيَ قَالُوا وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الرَّدَّ مَتَى امْتَنَعَ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ مِنْ الْمُشْتَرِي كَالْقَتْلِ وَالتَّمْلِيكِ مِنْ غَيْرِهِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ وَمَتَى امْتَنَعَ لَا مِنْ جِهَتِهِ أَوْ مِنْ جِهَتِهِ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ كَالْهَلَاكِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ انْتَقَصَ أَوْ ازْدَادَ زِيَادَةً مَانِعَةً لِلرَّدِّ أَوْ الْإِعْتَاقِ أَوْ تَوَابِعِهِ كَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لَا يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ وَعَلَى هَذَا قَالَ الْبَزَّازِيُّ لَوْ وَطِئَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ وَطِئَهَا غَيْرُ الْبَائِعِ ثُمَّ بَاعَهَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ أَطْعَمَهُ ابْنُهُ الْكَبِيرُ أَوْ الصَّغِيرُ أَوْ امْرَأَتُهُ أَوْ مُكَاتَبُهُ أَوْ ضَيْفُهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَلَوْ أَطْعَمَهُ عَبْدُهُ أَوْ مُدَبَّرُهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ يَرْجِعُ لِأَنَّ مِلْكَهُ بَاقٍ وَلَوْ اشْتَرَى سَمْنًا ذَائِبًا وَأَكَلَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَتْ وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى وَفِي الْكِفَايَةِ كُلُّ تَصَرُّفٍ يُسْقِطُ خِيَارَ الشَّرْطِ يُسْقِطُ خِيَارَ الْعَيْبِ إذَا وُجِدَ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ وَلَوْ كَانَ غَزْلًا فَنَسَجَهُ أَوْ فَيْلَقًا فَجَعَلَهُ إبْرَيْسَمًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ رَطْبًا وَانْتَقَصَ وَزْنُهُ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ اهـ.

قَيَّدَ بِالطَّعَامِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى كَرْمًا بِثَمَرِهِ وَذَكَرَ الثَّمَرَ وَأَكَلَ مِنْهَا ثُمَّ وَجَدَ بِالْكَرْمِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّ الْكَرْمِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ فَعَلَ بِالْمَبِيعِ لِأَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ كَسْبَ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ لَا يَكُونُ رِضًا وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَكَذَا لَوْ كَانَ كَسْبُ الْمَبِيعِ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا أَوْ حَرَّرَهَا بِخِلَافِ إعْتَاقِ وَلَدِ الْمَبِيعَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ رِضًا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى بَيْضًا أَوْ قِثَّاءً أَوْ جَوْزًا فَوَجَدَهُ فَاسِدًا يَنْتَفِعُ بِهِ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَإِلَّا بِكُلِّ الثَّمَنِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَفَعًا بِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَكَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْجَوْزِ صَلَاحُ قِشْرِهِ عَلَى مَا قِيلَ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ بِاعْتِبَارِ اللُّبِّ وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ فَسَادِهِ لَمْ يَرُدَّهُ لِأَنَّ الْكَسْرَ عَيْبٌ حَادِثٌ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهَا الْبَائِعُ مَكْسُورًا وَيَرُدُّ الثَّمَنَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْمَسْأَلَةِ بِكَسْرِهِ لِأَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ قَبْلَ كَسْرِهِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ فَلَوْ قَالَ فَكَسَرَهُ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا أَيْضًا لَكَانَ أَوْلَى وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ الْعِلْمِ بِعَيْبِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَسَرَهُ فَذَاقَهُ ثُمَّ تَنَاوَلَ مِنْهُ شَيْئًا لَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِهِ لِرِضَاهُ بِهِ وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهَا كَمَا لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ وَأَطْلَقَ فِي الِانْتِفَاعِ فَشَمَلَ انْتِفَاعُهُ بِهِ وَانْتِفَاعُ غَيْرُهُ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالدَّوَابِّ عَلَفًا لَهُمْ وَأَطْلَقَ الْبَيْضَ وَاسْتَثْنَوْا مِنْهُ بَيْضَ النَّعَامَةِ إذَا وَجَدَهُ فَاسِدًا بَعْدَ الْكَسْرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ بِاعْتِبَارِ الْقِشْرِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَقَيَّدَ بِوُجُودِ الْمَبِيعِ أَيْ جَمِيعِهِ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْبَعْضَ مِنْهُ فَاسِدًا فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا جَازَ الْبَيْعُ لِعَدَمِ خُلُوِّهِ عَنْهُ عَادَةً وَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَالصَّحِيحُ عِنْدَهُ الْبُطْلَانُ وَعِنْدَهُمَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَعَنْهُمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ أَكْلِ الْبَعْضِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَأَكْلُ الْبَعْضِ كَأَكْلِ الْكُلِّ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ أَكْلِ الْكُلِّ وَلُبْسِ الثَّوْبِ حَتَّى تَخَرَّقَ وَقَوْلُهُ وَرَدَّ مَا بَقِيَ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ أَكْلِ الْبَعْضِ وَقَدْ مَرَّ عَنْ الرَّمْلِيِّ أَنَّ مِثْلَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مَذْكُورٌ فِي النِّهَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ وَإِنْ اشْتَرَى طَعَامًا فَأَكَلَ بَعْضَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ الْبَاقِيَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَرُدُّ الْبَاقِيَ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ وَيُعْطِي لِكُلٍّ بَعْضَ حُكْمِ نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَذَا لَوْ كَانَ الطَّعَامُ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ فَلَوْ فِي وِعَاءَيْنِ فَأَكَلَ مَا فِي أَحَدِهِمَا أَوْ بَاعَهُ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ فِي قَوْلِهِمْ لِأَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ بِمَنْزِلَةِ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ فَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْعَبْدَيْنِ وَالثَّوْبَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ.

قَالَ فِي النَّهْرِ لَكِنْ جَعَلَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ قَوْلَهُ اسْتِحْسَانًا مَعَ تَأْخِيرِهِ وَجَوَابُهُ عَنْ دَلِيلِهِمَا يُقَرِّرُ مُخَالَفَتَهُ فِي كَوْنِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا. اهـ.

وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَتْحِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ مِنْ اللُّبْسِ أَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَقَالَا يَرْجِعُ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ.

وَقَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ لَمْ تَتَّفِقْ الْمَشَايِخُ عَلَى اخْتِيَارِ قَوْلِهِمَا بَلْ مَنْ نَظَرَ إلَى ثُبُوتِ الرِّوَايَةِ وَقُوَّةِ الدَّلِيلِ صَحَّحَ قَوْلَ الْإِمَامِ وَمَنْ نَظَرَ إلَى الرِّفْقِ بِالنَّاسِ اخْتَارَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ اهـ.

[اشْتَرَى بَيْضًا أَوْ قِثَّاءً أَوْ جَوْزًا فَوَجَدَهُ فَاسِدًا يَنْتَفِعُ بِهِ]

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهَا كَمَا لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الطَّعَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>