للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَوْلُهُ وَاللُّحُومُ الْمُخْتَلِفَةُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا، وَلَبَنُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَخَلُّ الدَّقَلِ بِخَلِّ الْعِنَبِ) لِأَنَّ أُصُولَهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ حَتَّى لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ، وَأَسْمَاؤُهَا أَيْضًا مُخْتَلِفَةٌ بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ كَدَقِيقِ الشَّعِيرِ وَالْبُرِّ، وَالْمَقْصُودُ أَيْضًا يَخْتَلِفُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الِاتِّحَادِ الْمَعْنَى الْخَاصُّ دُونَ الْعَامِّ، وَلَوْ اُعْتُبِرَ الْعَامُّ لَمَا جَازَ بَيْعُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ أَصْلًا، قَيَّدَ بِالْمُخْتَلِفَةِ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا كَلَحْمِ الْبَقَرِ وَالْجَامُوسِ أَوْ لَبَنِهِمَا أَوْ لَحْمِ الْمَعْزِ وَالضَّأْنِ أَوْ لَبَنِهِمَا أَوْ لَحْمِ الْعِرَابِ، وَالْبَخَاتِيِّ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ بِدَلِيلِ الضَّمِّ فِي الزَّكَاةِ لِلتَّكْمِيلِ فَكَذَا أَجْزَاؤُهُمَا مَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَقْصُودُ كَشَعْرِ الْمَعْزِ، وَصُوفِ الضَّأْنِ أَوْ مَا يَتَبَدَّلُ بِالصَّنْعَةِ لِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ، وَلِذَا جَازَ بَيْعُ الْخُبْزِ بِالْحِنْطَةِ مُتَفَاضِلًا وَكَذَا بَيْعُ الزَّيْتِ الْمَطْبُوخِ بِغَيْرِ الْمَطْبُوخِ أَوْ الدُّهْنِ الْمُرَبَّى بِالْبَنَفْسَجِ بِغَيْرِ الْمُرَبَّى مِنْهُ مُتَفَاضِلًا وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُ لَحْمِ الطَّيْرِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لَمْ يَتَبَدَّلْ بِالصَّنْعَةِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَوْزُونٍ عَادَةً فَلَمْ يَكُنْ مِقْدَارًا فَلَمْ تُوجَدْ الْعِلَّةُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ أَوْ الْمَقْصُودِ أَوْ تَبَدُّلِ الصَّنْعَةِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ لُحُومِ الطَّيْرِ الدَّجَاجُ، وَالْإِوَزُّ فَإِنَّهُ يُوزَنُ فِي عَادَةِ دِيَارِ أَهْلِ مِصْرَ بِعَظْمِهِ، وَالدَّقَلُ رَدِيءُ التَّمْرِ، وَيَجُوزُ خَلُّ التَّمْرِ بِخَلِّ الْعِنَبِ مُتَفَاضِلًا، وَكَذَا عَصِيرُهُمَا لِاخْتِلَافِ أَصْلِهِمَا جِنْسًا، وَتَخْصِيصُ الدَّقَلِ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ لِأَنَّ الدَّقَلَ هُوَ الَّذِي كَانَ يُتَّخَذُ خَلًّا فِي الْعَادَةِ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْأُمُورِ ثَلَاثَةٌ اخْتِلَافُ الْأُصُولِ، وَاخْتِلَافُ الْمَقَاصِدِ، وَزِيَادَةُ الصَّنْعَةِ، وَمِنْهَا جَوَازُ بَيْعِ إنَاءٍ صُفْرٍ أَوْ حَدِيدٍ أَحَدُهُمَا أَثْقَلُ مِنْ الْآخَرِ، وَكَذَا قُمْقُمَةٌ بِقُمْقُمَتَيْنِ، وَإِبْرَةٌ بِإِبْرَتَيْنِ، وَخُوذَةٌ بِخُوذَتَيْنِ، وَسَيْفٌ بِسَيْفَيْنِ، وَدَوَاةٌ بِدَوَاتَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَيَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ، وَإِنْ اصْطَلَحُوا بَعْدَ الصِّيَاغَةِ عَلَى تَرْكِ الْوَزْنِ، وَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْعَدِّ، وَالصُّورَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَوْلُهُ (وَشَحْمُ الْبَطْنِ بِالْأَلْيَةِ أَوْ بِاللَّحْمِ) أَيْ يَصِحُّ بَيْعُهَا مُتَفَاضِلًا وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا مِنْ الضَّأْنِ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ لِاخْتِلَافِ الْأَسْمَاءِ، وَالصُّوَرِ، وَالْمَقَاصِدِ.

قَوْلُهُ (وَالْخُبْزُ بِالْبُرِّ أَوْ بِالدَّقِيقِ مُتَفَاضِلًا) لِأَنَّ الْخُبْزَ بِالصَّنْعَةِ صَارَ جِنْسًا آخَرَ حَتَّى يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَكِيلًا، وَالْبُرُّ، وَالدَّقِيقُ مَكِيلَانِ فَلَمْ يَجْمَعْهُمَا الْقَدْرُ وَلَا الْجِنْسُ حَتَّى جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ نَسِيئَةً إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ هِيَ الْمُتَأَخِّرَةَ لِإِمْكَانِ ضَبْطِهَا، وَإِنْ كَانَ الْخُبْزُ هُوَ الْمُتَأَخِّرَ فَالسَّلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِالطَّحْنِ، وَالْعَجْنِ، وَالنُّضْجِ، وَاخْتُلِفَ عَلَى قَوْلِهِمَا فَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ عَلَى قِيَاسِ السَّلَمِ بِاللَّحْمِ، وَبِهِ يُفْتَى لِلتَّعَامُلِ، وَفِي الْحَاوِي يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالْجُبْنِ اهـ.

قَوْلُهُ (لَا بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ أَوْ بِالسَّوِيقِ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِأَحَدِهِمَا مُتَفَاضِلًا، وَلَا مُتَسَاوِيًا لِأَنَّهُ جِنْسٌ مِنْ وَجْهٍ، وَإِنْ خُصَّ بِاسْمٍ آخَرَ فَيَحْرُمُ لِشُبْهَةِ الرِّبَا، وَالْمِعْيَارُ فِيهِمَا الْكَيْلُ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَوٍّ لَهُمَا بِخِلَافِ بَيْعِ دُهْنِ السِّمْسِمِ بِالسِّمْسِمِ حَيْثُ يَجُوزُ لِأَنَّ الْمِعْيَارَ فِيهِ الْوَزْنُ، وَهُوَ مُسَوٍّ، وَالسَّوِيقُ مَا يُجْرَشُ مِنْ الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَغَيْرِهِمَا ذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ فِي بَابِ مَنْ مَضْمَضَ مِنْ السَّوِيقِ.

وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى جَوَازِ بَيْعِ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ مُتَسَاوِيًا وَلَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا لِاتِّحَادِ الِاسْمِ وَالصُّورَةِ وَالْمَعْنَى، وَلَا عِبْرَةَ بِاحْتِمَالِ التَّفَاضُلِ كَمَا فِي الْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْفَضْلِ بِمَا إذَا كَانَا مَكْبُوسَيْنِ، وَإِلَّا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَاعَهُ بِمِثْلِهِ مُوَازَنَةً فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَبَيْعُ الْمَنْخُولِ بِغَيْرِ الْمَنْخُولِ لَا يَجُوزُ إلَّا مُتَسَاوِيًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَقَيَّدَ بِالْبُرِّ لِأَنَّ بَيْعَ الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا عِنْدَهُ، وَجَازَ عِنْدَهُمَا مُطْلَقًا لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَلَكِنْ يَدًا بِيَدٍ لِأَنَّ الْقَدْرَ يَجْمَعُهُمَا، وَلَهُ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَجْزَاءِ الْحِنْطَةِ، وَبَيْعُ الْمَقْلِيَّةِ بِالْمَقْلِيَّةِ، وَالسَّوِيقِ بِالسَّوِيقِ مُتَسَاوِيًا جَائِزٌ لِاتِّحَادِ الِاسْمِ.

قَوْلُهُ (وَالزَّيْتُونُ بِالزَّيْتِ، وَالسِّمْسِمُ بِالشَّيْرَجِ حَتَّى يَكُونَ الزَّيْتُ، وَالشَّيْرَجُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الزَّيْتُونِ، وَالسِّمْسِمِ) أَيْ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَكَذَا بَيْعُ الزَّيْتِ الْمَطْبُوخِ بِغَيْرِ الْمَطْبُوخِ) قَدَّمَ عَنْ الْفَتْحِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَعِلَّتُهُ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ رِطْلِ زَيْتٍ غَيْرِ مَطْبُوخٍ بِرِطْلٍ مَطْبُوخٍ مُطَيَّبٍ لِأَنَّ الطَّيِّبَ زِيَادَةٌ.

(قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ عَلَى قَوْلِهِمَا) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْخُبْزُ نَسِيئَةً يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُف، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَيَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ مَا هُنَا عَنْ النِّهَايَةِ مَعْزِيَّا إلَى الْمَبْسُوطِ، وَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْفَتْحِ عَنْ الْكَافِي عَنْ ابْنِ رُسْتُمَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَيْنِ تَأَمَّلْ.

[بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ أَوْ بِالسَّوِيقِ]

(قَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسَوٍّ لَهُمَا) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ أَلَا تَرَى أَنَّ الْبُرَّ إذَا طُحِنَ يَزِيْدُ عَلَيْهِ، وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الْحَال، وَظَهَرَتْ بِالطَّحْنِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ بِالْبُرِّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ بَيْعَ الدَّقِيقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>