للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْجَوْهَرَةِ، وَفِي الْمُجْتَبَى مَعْزِيًّا إلَى الْكِفَايَةِ مُسْتَأْمِنٌ مِنَّا بَاشَرَ مَعَ رَجُلٍ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا فِي دَرَاهِمِ أَوْ مَنْ أَسْلَمَ هُنَاكَ شَيْئًا مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيمَا بَيْنَنَا كَالرِّبَوِيَّاتِ وَبَيْعِ الْمَيْتَةِ جَازَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(بَابُ الْحُقُوقِ)

كَانَ مِنْ حَقِّ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ إنْ تُذْكَرَ فِي الْفَصْلِ الْمُتَّصِلِ بِأَوَّلِ الْبُيُوعِ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ الْتَزَمَ تَرْتِيبَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ تَوَابِعُ فَيَلِيقُ ذِكْرُهَا بَعْدَ مَسَائِلِ الْبُيُوعِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَالْحُقُوقُ جَمْعُ حَقٍّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ الْحَقُّ خِلَافُ الْبَاطِلِ، وَهُوَ مَصْدَرُ حَقَّ الشَّيْءُ مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ، وَقَتَلَ إذَا وَجَبَ وَثَبَتَ، وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَرَافِق الدَّارِ حُقُوقُهَا. اهـ.

وَفِي الْبِنَايَةِ الْحَقُّ مَا يَسْتَحِقُّهُ الرَّجُلُ، وَلَهُ مَعَانٍ أُخَرُ مِنْهَا الْحَقُّ ضِدُّ الْبَاطِلِ. اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِلسَّيِّدِ نكركار الْحَقُّ هُوَ الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا رَيْبَ فِي وُجُودِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «السِّحْرُ حَقٌّ، وَالْعَيْنُ حَقٌّ» . اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْكَرْمَانِيِّ الْحَقُّ حَقِيقَةً هُوَ اللَّهُ تَعَالَى بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ حَقِيقَةً بِمَعْنَى لَمْ يُسْبَقْ بِعَدَمٍ، وَلَمْ يَلْحَقْهُ عَدَمٌ، وَإِطْلَاقُ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ مَجَازٌ، وَلِذَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «اللَّهُمَّ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُك الْحَقُّ، وَقَوْلُك الْحَقُّ» بِالتَّعْرِيفِ فِي الثَّلَاثَةِ ثُمَّ قَالَ وَلِقَاؤُك حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ بِالتَّنْكِيرِ. اهـ.

وَذَكَرَ الْأُصُولِيُّونَ أَنَّ الْأَحْكَامَ أَرْبَعَةٌ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى خَالِصَةً، وَحُقُوقُ الْعِبَادِ خَالِصَةً، وَمَا اجْتَمَعَا فِيهِ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى غَالِبٌ كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَمَا اجْتَمَعَا فِيهِ وَحَقُّ الْعِبَادِ غَالِبٌ كَالْقِصَاصِ قَالُوا، وَالْمُرَادُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مَا تَعَلَّقَ نَفْعُهُ بِالْعُمُومِ، وَإِنَّمَا نُسِبَ إلَى اللَّهِ تَعْظِيمًا لِأَنَّهُ مُتَعَالٍ عَنْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لَهُ تَعَالَى بِجِهَةِ التَّخْلِيقِ لِأَنَّ الْكُلَّ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ الْعُلْوُ لَا يَدْخُلُ بِشِرَاءِ بَيْتٍ بِكُلِّ حَقٍّ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى بَيْتًا فَوْقَهُ بَيْتٌ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْعُلْوُ، وَلَوْ قَالَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ يَصْلُحُ لِلْبَيْتُوتَةِ، وَالْعُلْوُ مِثْلُهُ، وَالشَّيْءُ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِمِثْلِهِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ عُلْوُ الدَّارِ وَغَيْرِهَا خِلَافُ السُّفْلِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا. اهـ.

وَأُورِدَ الْمُسْتَعِيرُ لَهُ أَنْ يُعِيرَ مَا لَا يَخْتَلِفُ، وَالْمُكَاتَبُ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِطَرِيقِ الِاسْتِتْبَاعِ بَلْ لَمَّا مَلَكَ الْمُسْتَعِيرُ الْمَنْفَعَةَ بِغَيْرِ بَدَلٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُمَلِّكَ مَا مَلَكَ كَذَلِكَ، وَالْمُكَاتَبُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ لَمَّا صَارَ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ كِتَابَةَ عَبْدِهِ مِنْ أَكْسَابِهِ قَوْلُهُ (وَبِشِرَاءِ مَنْزِلٍ إلَّا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ) أَيْ لَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ بِشِرَاءِ مَنْزِلٍ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لَفْظًا مِنْ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ لَهُ شَبَهٌ بِالدَّارِ، وَبِالْبَيْتِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَى بُيُوتٍ وَصَحْنٍ مُسَقَّفٍ وَمَطْبَخٍ يَسْكُنُ فِيهِ الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ مَعَ ضَرْبِ قُصُورٍ فِيهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إصْطَبْلٌ فَلِشَبَهِ الدَّارِ يَدْخُلُ بِذِكْرِ التَّوَابِعِ، وَلِشَبَهِ الْبَيْتِ لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ تَوْفِيرًا عَلَيْهِمَا حَظَّهُمَا، وَفِي الْكَافِي أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى عُرْفِ الْكُوفَةِ، وَفِي عُرْفِنَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ بَاعَ بِاسْمِ الْبَيْتِ أَوْ الْمَنْزِلِ أَوْ الدَّارِ، وَالْأَحْكَامُ تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ، وَفِي كُلِّ عَصْرٍ عُرْفُ أَهْلِهِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ اعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ فِي الْعَادَةِ يُذْكَرُ فِيمَا هُوَ تَبَعٌ لِلْمَبِيعِ، وَلَا بُدَّ لِلْمَبِيعِ مِنْهُ، وَلَا يُقْصَدُ إلَّا لِأَجْلِ الْمَبِيعِ كَالطَّرِيقِ وَالشِّرْبِ لِلْأَرْضِ، وَالْمَرَافِقُ عِبَارَةٌ عَمَّا يُرْتَفَقُ بِهِ، وَيَخْتَصُّ بِمَا هُوَ مِنْ التَّوَابِعِ كَالشِّرْبِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ، وَقَوْلُهُ كُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ يُذْكَرُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ مِمَّا يَتَّصِلُ بِالْمَبِيعِ. اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ الْمَرَافِقُ جَمْعُ مِرْفَقٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ لَا غَيْرُ كَالْمَطْبَخِ وَالْكَنِيفِ، وَنَحْوِهِ عَلَى التَّشْبِيهِ بِاسْمِ الْآلَةِ بِخِلَافِ الْمَرْفِقِ فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّ فِيهِ لُغَتَيْنِ فَتْحُ الْمِيمِ، وَكَسْرُ الْفَاءِ كَمَسْجِدٍ، وَبِالْعَكْسِ، وَكَذَا الْمَرْفِقُ بِمَعْنَى مَا ارْتَفَقَتْ بِهِ اهـ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرْفِقَ مُطْلَقًا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ بَاشَرَ مَعَ رَجُلٍ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْمُجْتَبَى مُسْتَأْمِنٌ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا فِي دَارِهِمْ أَوْ مَنْ أَسْلَمَ هُنَاكَ بَاشَرَ مَعَهُمْ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَجُوزُ إلَخْ، وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ بِأَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا عَائِدًا إلَى قَوْلِهِ مُسْتَأْمِنٌ لَا إلَى رَجُلٍ.

[بَابُ الْحُقُوقِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>