للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّمَنِ إلَى آخِرِهِ، وَثَبَتَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَمَا شَرَحَ عَلَيْهِ الْعَيْنِيُّ.

[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ]

وَلَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً عِنْدَ الزَّيْلَعِيِّ فَتَرَكَهُ، وَهُوَ نِسْبَةٌ إلَى الْفُضُولِيِّ جَمْعِ الْفَضْلِ أَيْ الزِّيَادَةِ، وَفِي الْمُغْرِبِ، وَقَدْ عَلِمْت جَمْعَهُ عَلَى مَا لَا خَيْرَ فِيهِ حَتَّى قِيلَ

فُضُولٌ بِلَا فَضْلٍ ... وَسِنٌّ بِلَا سِنٍّ

وَطُولٌ بِلَا طُولٍ ... وَعَرْضٌ بِلَا عَرْضٍ

ثُمَّ قِيلَ لِمَنْ يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ فُضُولِيٌّ، وَهُوَ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ مَنْ لَيْسَ بِوَكِيلٍ، وَبِفَتْحِ الْفَاءِ خَطَأٌ. اهـ.

وَقِيلَ الْفُضُولِيُّ مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ شَرْعِيٍّ كَالْأَجْنَبِيِّ يُزَوِّجُ أَوْ يَبِيعُ، وَلَمْ يَرِدْ فِي النِّسْبَةِ إلَى الْوَاحِدِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسَ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْغَلَبَةِ كَالْعِلْمِ لِهَذَا الْمَعْنَى فَصَارَ كَالْأَنْصَارِيِّ وَالْأَعْرَابِيِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ غَلَبَ فِي الِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يَعْنِيهِ، وَمَا لَا وِلَايَةَ لَهُ فِيهِ فَقَوْلُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ لِمَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ فُضُولِيٌّ يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ اهـ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَفْسَخَهُ، وَيُجِيزَهُ إنْ بَقِيَ الْعَاقِدَانِ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، وَلَهُ، وَبِهِ لَوْ عَرَضًا) يَعْنِي أَنَّهُ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ بِالشَّرَائِطِ الْأَرْبَعَةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَنْعَقِد لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَيَلْغُو لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ بِالْمِلْكِ أَوْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَقَدْ فُقِدَا وَلَا انْعِقَادَ إلَّا بِالْقُدْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَنَا أَنَّهُ تَصَرُّفُ تَمْلِيكٍ، وَقَدْ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ فِي مَحِلِّهِ، وَهُوَ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِهِ إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ مَعَ تَخَيُّرِهِ بَلْ فِيهِ نَفْعُهُ حَيْثُ يُكْفَى مُؤْنَةَ طَلَبِ الْمُشْتَرِي، وَحُقُوقَ الْعَقْدِ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلَى الْمَالِكِ، وَفِيهِ نَفْعُ الْعَاقِدِ بِصَوْنِ كَلَامِهِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَفِيهِ نَفْعُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ أَقْدَمَ عَلَيْهِ طَائِعًا، وَلَوْلَا النَّفْعُ لَمَا أَقْدَمَ فَتَثْبُتُ الْقُدْرَةُ الشَّرْعِيَّةُ تَحْصِيلًا لِهَذِهِ الْوُجُوهِ كَيْفَ، وَأَنَّ الْإِذْنَ ثَابِتٌ دَلَالَةً لِأَنَّ الْعَاقِلَ يَأْذَنُ فِي التَّصَرُّفِ النَّافِعِ، وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِهِمْ بِحَدِيثِ «عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ فَبَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَ بِالشَّاةِ، وَالدِّينَارِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَتِك» ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عُرْوَةَ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي النِّهَايَةِ.

وَإِنَّمَا شَرْطُ قِيَامِ الْمَبِيعِ، وَالْمُتَعَاقِدَيْنِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُصْرَفُ فِي الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِهِ، وَذَلِكَ بِقِيَامِهَا كَمَا فِي الْإِنْشَاءِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا أَيْ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِهِ أَيْضًا لِكَوْنِهِ مَبِيعًا، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ قِيَامُ الْمَعْقُودِ لَهُ، وَهُوَ الْمَالِكُ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ فَلَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ غَيْرِهِ فَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ لَمْ يَنْفُذْ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ بِخِلَافِ الْقِسْمَةِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهَا تَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ عِنْدَ الثَّانِي كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْإِجَازَةِ مِنْ بَقَاءٍ، وَعَدَمِهِ جَازَ الْبَيْعُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يَعْلَمْ قِيَامَهُ عِنْدَهَا لِأَنَّ الشَّكَّ وَقَعَ فِي شَرْطِ الْإِجَازَةِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ، وَقَيَّدَ بِالْبَيْعِ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفَ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ أَمَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ إذَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَإِذَا أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَكَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْفُضُولِيِّ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ، وَلَوْ لَمْ يُجِزْ الْمَالِكُ وَهَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْفُضُولِيِّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَصَرَّحَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ سَوَاءٌ هَلَكَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا كَانَ مَمْلُوكًا لِلْفُضُولِيِّ، وَإِجَازَةُ الْمَالِكِ إجَازَةُ نَقْدٍ لَا إجَازَةُ عَقْدٍ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعِوَضُ مُتَعَيِّنًا كَانَ شِرَاءً مِنْ وَجْهٍ، وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ بَلْ يَنْفُذُ عَلَى الْمُبَاشِرِ إنْ وَجَدَ نَفَاذًا فَيَكُونُ مِلْكًا لَهُ، وَبِإِجَازَةِ الْمَالِكِ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بَلْ تَأْثِيرُ إجَازَتِهِ فِي النَّقْدِ لَا فِي

ــ

[منحة الخالق]

(فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ)

(قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَ) أَيْ أَبُو يُوسُفَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ إذَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْوَارِثُ ابْنَ الْمَيِّتِ، وَقَدْ وَطِئَهَا أَبُوهُ أَوْ كَانَتْ أُخْتَهُ رَضَاعًا أَوْ وَرِثَهَا جَمَاعَةٌ قَدْ أَجَازُوا كُلُّهُمْ فَلَوْ بَعْضَهُمْ لَمْ يَجُزْ أَمَّا لَوْ وَرِثَهَا مَنْ تَحِلُّ لَهُ يَبْطُلُ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ نِكَاحِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ طَرَأَ حِلٌّ بَاتٌّ عَلَى مَوْقُوفٍ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ) قَالَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ لَكِنَّ مَا صَحَّحَهُ فِي الْقُنْيَةِ اعْتَمَدَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَبْدُ الْبَرِّ فِي شَرْحِهِ لِلنَّظْمِ الوهباني (قَوْلُهُ وَإِجَازَةُ الْمَالِكِ إجَازَةُ نَقْدٍ لَا عَقْدٍ) أَيْ إجَازَةُ أَنْ يَنْقُدَ الْبَائِعُ مَا بَاعَ ثَمَنًا لِمَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ لَا إجَازَةُ عَقْدٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ عَلَى الْفُضُولِيِّ هِدَايَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>