للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا إذَا تَقَاصَّا بِدَلِيلِ مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ الْبَدَائِعِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطُ مَا إذَا قُبِضَ، ثُمَّ اُنْتُقِضَ الْقَبْضُ لِمَعْنًى أَوْجَبَهُ أَنَّهُ يُبْطِلُ السَّلَمَ وَبَيَانُهُ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يُوجَدَ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا وَكُلٌّ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوْ بَعْدَهُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ، وَكَذَا بَدَلُ الصَّرْفِ عَلَى هَذِهِ التَّفَاصِيلِ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَوُجِدَ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا فَإِنْ لَمْ يُجْزِ الْمُسْتَحَقُّ وَلَمْ يَرْضَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْعَيْبِ بَطَلَ السَّلَمُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَوْ قَبْلَهُ وَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحَقُّ وَرَضِيَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْعَيْبِ جَازَ مُطْلَقًا وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى النَّاقِدِ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فَإِنْ وَجَدَهُ مُسْتَحَقًّا وَأُجِيزَ مُضِيُّ السَّلَمِ مُطْلَقًا وَلَا سَبِيلَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمَقْبُوضِ وَيَرْجِعُ عَلَى النَّاقِدِ بِمِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فَاسْتُبْدِلَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِنْ بَعْدَهُ بَطَلَ وَإِنْ وَجَدَهُ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا فَإِنْ كَانَتْ زُيُوفًا فَرَضِيَ بِهَا صَحَّ مُطْلَقًا بِخِلَافِ السَّتُّوقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَاسْتَبْدَلَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِنْ بَعْدَهُ بَطَلَ عِنْدَ الْإِمَامِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اسْتَبْدَلَهَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ لَا هَذَا إذَا وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً فَإِنْ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا فَإِنْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ بَطَلَ سَوَاءٌ تَجُوزُ بِهَا أَوْ لَا وَإِنْ اُسْتُبْدِلَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَتَمَامُ التَّفْرِيعَاتِ فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الصُّغْرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إذَا أَتَى بِشَيْءٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَالَ وَجَدْته زُيُوفًا فَالْقَوْلُ لَهُ. اهـ.

وَفِي الْإِيضَاحِ اسْتَحْسَنَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْيَسِيرِ فَقَالَ يَرُدُّهَا وَيَسْتَبْدِلُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَفِي تَحْدِيدِ الْكَثِيرِ رِوَايَتَانِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ. اهـ.

وَفِيهِ لَوْ وَجَدَ الْبَعْضَ نَبَهْرَجَةً أَوْ مُسْتَحَقَّةً فَاخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ هُوَ ثُلُثُ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ نِصْفُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ كَانَتْ سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا فَاخْتَلَفَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَبَيَانُهُ فِيهِ اهـ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ أَسْلَمَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ بُرٍّ مِائَةً دَيْنًا عَلَيْهِ وَمِائَةً نَقْدًا فَالسَّلَمُ فِي الدَّيْنِ بَاطِلٌ) أَيْ فِي حِصَّتِهِ لِكَوْنِهِ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَصَحَّ فِي حِصَّةِ النَّقْدِ لِوُجُودِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ بِقَدْرِهِ وَلَا يَشِيعُ الْفَسَادُ؛ لِأَنَّهُ طَارِئٌ إذْ السَّلَمُ وَقَعَ صَحِيحًا فِي الْكُلِّ وَلِذَا لَوْ نَقَدَ الْكُلَّ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ صَحَّ وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْمِائَتَيْنِ اتِّفَاقِيٌّ بَلْ كَذَلِكَ إذَا أَضَافَهُ إلَى مِائَتَيْنِ مُطْلَقًا، ثُمَّ جَعَلَ الْمِائَةَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قِصَاصًا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَجْمَعُهُمَا وَهُوَ كَوْنُ الْفَسَادِ طَارِئًا إذْ الدَّيْنُ لَا يَتَعَيَّنُ بِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذِهِ الْمِائَةَ وَالْمِائَةَ الَّتِي لِي عَلَى فُلَانٍ يَبْطُلُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ نَقَدَ الْكُلَّ لِاشْتِرَاطِ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِدِ وَهُوَ مُفْسِدٌ مُقَارَنٌ فَتَعَدَّى وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الدَّيْنِ مِنْ جِنْسِ النَّقْدِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ لَوْ اخْتَلَفَ بِأَنْ كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَسْلَمَهَا إلَيْهِ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ فِي أَكْرَارٍ مَعْلُومَةٍ لَمْ يَجُزْ فِي الْكُلِّ، أَمَّا الدَّيْنُ فَظَاهِرٌ.

وَأَمَّا عَدَمُ حِصَّةِ الْعَيْنِ فَلِجَهَالَةِ مَا يَخُصُّهُ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ فِي حِصَّةِ الْعَيْنِ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ إعْلَامِ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ جَعَلَ الدَّيْنَ عَلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْعَلْهُ، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بِأَنْ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُ رَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَجِبَ الدَّيْنُ الْآخَرُ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَإِمَّا بِعَقْدٍ سَابِقٍ عَلَى الْمُسْلِمِ أَوْ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ بِأَنْ كَانَ رَبُّ السَّلَمِ بَاعَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى أَسْلَمَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرٍّ فَإِنْ تَرَاضَيَا بِالْمُقَاصَّةِ صَارَ قِصَاصًا وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا لَا يَصِيرُ قِصَاصًا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُوجِبٌ لِلْقَبْضِ حَقِيقَةً لَوْلَا الْمُقَاصَّةُ فَإِذَا تَقَاصَّا تَبَيَّنَ أَنَّهُ انْعَقَدَ مُوجِبًا قَبْضًا بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ، وَقَدْ وُجِدَ وَإِنْ وَجَبَ بِعَقْدٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ السَّلَمِ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا وَإِنْ جَعَلَاهُ قِصَاصًا هَذَا إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بِالْعَقْدِ فَإِنْ وَجَبَ بِالْقَبْضِ كَالْغَصْبِ وَالْقَرْضِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ قِصَاصًا جَعَلَاهُ أَوْ لَا بَعْدَ أَنْ كَانَ وُجُوبُ الدَّيْنِ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْعَقْدِ هَذَا إذَا تَسَاوَى الدَّيْنَانِ، فَأَمَّا إذَا تَفَاضَلَا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ وَالْآخَرُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى النَّاقِدِ) أَيْ عَلَى الدَّافِعِ. (قَوْلُهُ: اسْتَبْدَلَهَا فِي الْمَجْلِسِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ مَجْلِسِ الرَّدِّ.

[أَسْلَمَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ بُرٍّ مِائَةً دَيْنًا عَلَيْهِ وَمِائَةً نَقْدًا]

(قَوْلُهُ: بَلْ كَذَلِكَ إذَا أَضَافَهُ إلَى مِائَتَيْنِ مُطْلَقًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ اُنْظُرْهُ مَعَ مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ جَعَلَ الدَّيْنَ عَلَيْهِ رَأْسَ مَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْعَلْهُ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ إلَخْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَيْ الَّذِي يَأْتِي مُقَابِلُ الصَّحِيحِ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْبَدَائِعِ تَأَمَّلْ. اهـ.

قُلْتُ: وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ تَفَاصِيلُ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى بَعْضٍ مِنْهَا تَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>