للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِسْقَاطَاتِ لَكِنْ لَا يَحْلِفُ بِهِ، فَلَوْ حَذَفَ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا لَدَخَلَ وَلَدَخَلَ تَعْلِيقُ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِكَوْنِهِ إسْقَاطًا لَكِنْ لَا يَحْلِفُ بِهِ، وَقَدْ فَاتَ الْمُصَنِّفَ الرَّهْنُ فَإِنَّهُ مِمَّا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفَاتَهُ أَيْضًا مَسْأَلَةُ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْهِبَةَ يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ الْمُلَائِمِ نَحْوَ وَهَبْتُك عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي كَذَا، كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَعَلَى هَذَا فَمَا ذَكَرَهُ الْكَرْدَرِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ مَعْزِيًّا إلَى النَّاصِحِيِّ لَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَقَدْ مَلَكْتهَا مِنْك يَصِحُّ وَمَعْنَاهُ إذَا قَبَضَهُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ. اهـ.

مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ مُلَائِمٌ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْبُيُوعِ وَتَعْلِيقُ الْهِبَةِ بِإِنْ بَاطِلٌ وَبِعَلَى أَنْ مُلَائِمًا كَهِبَتِهِ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ يَجُوزُ وَإِنْ مُخَالِفًا بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّتْ الْهِبَةُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا تَعْلِيقُ دَعْوَةِ الْوَلَدِ صَحِيحٌ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَتْ جَارِيَتِي حَامِلًا فَمَتَى صَحَّ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَيْسَ مِمَّا ذَكَرَهُ وَكَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ الْكَفَالَةَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ وَلَا الشَّارِحُ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْجَائِزِ وَمَا لَا يَجُوزُ وَتَقْيِيدُهُ بِالْفَاسِدِ يُخْرِجُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِذِكْرِ الشَّرْطِ الْجَائِزِ يُفْسِدُهُ الْفَاسِدُ مِنْ الشَّرْطِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ عَلَى مَالٍ وَالْقِسْمَةِ وَعَقْدٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَائِزِ، فَالْفَاسِدُ مِنْ الشَّرْطِ لَا يُبْطِلُهُ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ فَالْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِبَدَلٍ مَنْطُوقٍ مَعْلُومٍ يَجْرِي فِيهِ التَّمْلِيكُ وَالتَّمَلُّكُ وَالثَّانِي يَصِحُّ بِبَدَلٍ وَبِدُونِهِ وَبِبَدَلٍ مَجْهُولٍ وَحَرَامٍ وَحَلَالٍ وَعَقْدٍ يَتَعَلَّقُ بِالْجَائِزِ مِنْهُ وَالْفَاسِدُ مِنْهُ عَلَى نَوْعَيْنِ نَوْعٌ يُفْسِدُهُ وَنَوْعٌ لَا وَهُوَ الْكِتَابَةُ إلَى آخِرِ مَا فِيهَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا يَجُوزُ إضَافَتُهُ إلَى زَمَانٍ وَمَا لَا يَجُوزُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ فَإِذَا وَصَلْنَا إلَيْهِ شَرَحْنَاهُ بِأَتَمَّ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَنُنَبِّهُ عَلَى مَا فَاتَهُمَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(كِتَابُ الصَّرْفِ) .

تَقَدَّمَ وَجْهُ تَأْخِيرِهِ وَالْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ الْأَوَّلُ فِي مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ ذُكِرَ فِي الْقَامُوسِ أَنَّ صَرْفَ

ــ

[منحة الخالق]

قَالَ سَلَّمْت لَك شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ إنْ كُنْت اشْتَرَيْت لِنَفْسِك فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِهِ كَانَ الشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَى هَذِهِ مَسْأَلَةٌ إشْكَالًا وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي بَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَكِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ إسْقَاطِهِ بِالشَّرْطِ وَلَا يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ إلَى الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ إسْقَاطًا مَحْضًا، وَلِهَذَا لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ فَأَسْقَطَ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الشُّفْعَةِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ لَيْسَ بِإِسْقَاطٍ مَحْضٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ إسْقَاطًا لَصَحَّ مَعَ الْإِكْرَاهِ اعْتِبَارًا بِعَامَّةِ الْإِسْقَاطَاتِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي إكْرَاهِ الْمَبْسُوطِ. اهـ.

وَعَلَيْهِ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ قَبْلَ الشِّرَاءِ كَمَا لَا يَصِحُّ التَّنْجِيزُ قَبْلَهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّهَا تَقَعُ كَثِيرًا لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ فِيهَا، وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الظَّفَرَ بِهَا فِي كَلَامِهِمْ فَهُوَ الْمُوَفِّقُ وَالْمُعِينُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ فَاتَ الْمُصَنِّفُ الرَّهْنُ) فِيهِ أَنَّ الرَّهْنَ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَتَقَدَّمَ مَشْرُوحًا وَقَوْلُهُ وَفَاتَهُ أَيْضًا مَسْأَلَةُ الْإِسْلَامِ سَيَأْتِي عَنْ الْغَزِّيِّ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ نَقْلًا عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ الَّذِي فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ إذَا قَالَ ذِمِّيٌّ أَنَا مُسْلِمٌ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا مُسْلِمٌ ثُمَّ فَعَلَهُ أَوْ تَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَا غَيْرَ هَلْ يَصِيرُ مُسْلِمًا أَجَابَ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَذَا أَفْتَى عُلَمَاؤُنَا، ثُمَّ ذَكَرَ اخْتِيَارَهُ فِي ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.

وَهُوَ كَمَا لَا يَخْفَى لَا يُفِيدُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فَإِنَّ إفْتَاءَهُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لَيْسَ مَبْنَاهَا عَلَى التَّعْلِيقِ وَإِنَّمَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الذِّمِّيِّ أَنَا مُسْلِمٌ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَيْسَ بِإِسْلَامٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّبَرِّي كَمَا عَلِمْت تَفَاصِيلَهُ فِي الْكُتُبِ الْمَبْسُوطَةِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ عَدَمُ صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى بِعَدَمِ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْهِبَةَ إلَخْ) أَيْ يَرُدُّ عَلَى الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيِّ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَقَدْ فَاتَ الْمُصَنِّفَ إلَخْ وَلَا يَصِحُّ إرْجَاعُ الضَّمِيرِ لِلْمُصَنِّفِ لِمَا قَدْ مَرَّ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ مَا جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَا تُفْسِدُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ وَالْمُصَنِّفُ عَدَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مِمَّا لَا تُفْسِدُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ جَوَازُ تَعْلِيقِهَا وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا أَنَّ تَعْلِيقَ الْوَصِيَّةِ وَالْإِيصَاءِ جَائِزٌ وَكَذَا تَعْلِيقُ الْعَزْلِ عَنْ الْقَضَاءِ وَكَذَا تَعْلِيقُ الْحَوَالَةِ وَالْوَكَالَةِ فَهَذِهِ قَدْ فَاتَتْ الشَّارِحَ أَيْضًا وَذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِمَّا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ إذْنُ الْقِنِّ وَكَذَا تَعْلِيقُ النِّكَاحِ وَالْبَرَاءَةِ بِشَرْطٍ كَائِنٍ حَالٍّ، وَلَوْ قَالَ بِعْته إنْ رَضِيَ فُلَانٌ جَازَ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ. اهـ. لَكِنْ إذَا وَقَّتَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ.

[كِتَابُ الصَّرْفِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>