للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّهُ سَمِعَ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ أَنَّ الدِّرْهَمَ مِنْهَا يُسَاوِي نِصْفًا وَثَلَاثَةَ فُلُوسٍ فَلْيُعَوَّلْ عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يُوجَدْ خِلَافُهُ. اهـ.

وَقَدْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا وَلَكِنَّ الْأَدْنَى مُتَيَقَّنٌ بِهِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَلَكِنَّ الْأَوْفَقَ بِفُرُوعِ مَذْهَبِنَا وُجُوبُ دِرْهَمٍ وَسَطٍ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ دَعْوَى النَّقْرَةِ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمِ نَقْرَةٍ وَلَمْ يَصِفْهَا صَحَّ الْعَقْدُ فَلَوْ ادَّعَتْ مِائَةَ دِرْهَمٍ مَهْرًا وَجَبَ لَهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَسَطٌ اهـ. فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ (وَصَحَّ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَكُرِّ بُرٍّ وَشَعِيرٍ بِضَعْفِهِمَا) أَيْ بِأَنْ يَبِيعَهُمَا بِكُرَّيْ بُرٍّ وَكُرَّيْ شَعِيرٍ وَإِنَّمَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ كُلُّ جِنْسٍ مُقَابِلًا بِخِلَافِ جِنْسِهِ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ وَلَوْ صُرِفَ إلَى جِنْسِهِ فَسَدَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي مُطْلَقَ الْمُقَابَلَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِقَيْدٍ لَا مُقَابَلَةِ الْكُلِّ بِالْكُلِّ شَائِعًا وَلَا فَرْدًا مُعَيَّنًا فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ نِصْفَ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى نَصِيبِهِ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ وَكَانْصِرَافِ النَّقْدِ إلَى الْمُتَعَارَفِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا مَا لَوْ اشْتَرَى قَلْبًا بِعَشَرَةٍ وَثَوْبًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُمَا مُرَابَحَةً بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُ الرِّبْحِ إلَى الثَّوْبِ؛ لِأَنَّا لَوْ صَرَفْنَاهُ لَصَارَ تَوْلِيَةً فِي الْقَلْبِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُرَابَحَةِ فَكَانَ إبْطَالًا لَهُ، وَكَذَا لَا يَرِدُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ النَّقْدِ مَعَ آخَرَ مِنْ الْبَائِعِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْمُشْتَرَى بِأَلْفٍ؛ لِأَنَّ طَرِيقَ التَّصْحِيحِ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِإِمْكَانِ صَرْفِ الْأَلْفِ وَمِائَةٍ إلَيْهِ أَوْ مِائَتَيْنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّورِ وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الطُّرُقَ مُتَعَدِّدَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لِجَوَازِ أَنْ يُصْرَفَ الدِّينَارُ إلَى الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ إلَى الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارُ إلَى الدِّرْهَمِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ الدِّرْهَمَانِ إلَى الدِّينَارَيْنِ وَالدِّينَارُ إلَى الدِّرْهَمِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَقَلُّ تَغْيِيرًا فَكَانَ أَوْلَى وَكَذَا لَا يَرِدُ عَلَيْنَا مَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ، وَقَالَ بِعْتُك أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِلتَّنْكِيرِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِصَرْفِهِ إلَى عَبْدِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَيْعَ أُضِيفَ إلَى مُنَكَّرٍ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْمُعَيَّنِ لِلتَّضَادِّ إذْ الْمُنَكَّرُ لَيْسَ بِمَحِلٍّ لِلْبَيْعِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ مِنْ مَكِّيًا النَّكِرَةِ فَإِنَّ زَيْدًا يَصْدُقُ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ عَبْدِي أَوْ حِمَارِي حُرٌّ أَنَّهُ يُعْتَقُ الْعَبْدُ وَيُجْعَلُ اسْتِعَارَةُ الْمُنَكَّرِ لِلْمُعَرَّفِ، وَكَذَا مَا قِيلَ إنَّ تَصْحِيحَ الْعَقْدِ يَجِبُ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ وَهُوَ لَمْ يُضَفْ إلَى الْمُعَيَّنِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أُورِدَ عَلَى دَفْعِ النُّقُوضِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْخَطَّ لَهُ جَوَابٌ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّك النَّقْضُ فِي إثْبَاتِ الْمَطْلُوبِ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ خَطَأٌ فِي مَحَلٍّ آخَرَ إذَا اعْتَرَفَ بِخَطَئِهِ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ خَطَأً فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ. اهـ.

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَا إذَا بَاعَ دِرْهَمًا وَثَوْبًا بِدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ وَافْتَرَقَا بِلَا قَبْضٍ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ انْعَقَدَ صَحِيحًا وَإِنَّمَا طَرَأَ الْفَسَادُ بِالِافْتِرَاقِ وَالصَّرْفُ لِدَفْعِ الْفَسَادِ وَقَدْ انْعَقَدَ بِلَا فَسَادٍ وَكَلَامُنَا لَيْسَ فِي الْفَسَادِ الطَّارِئِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ بَاعَ عَشَرَةً وَثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَثَوْبٍ وَافْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الدِّرْهَمِ وَلَوْ صَرَفَ الْجِنْسَ إلَى خِلَافِ جِنْسِهِ لَمْ يَبْطُلْ وَلَكِنْ قِيلَ فِي الْعُقُودِ يَحْتَالُ لِلتَّصْحِيحِ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا يَحْتَالُ لِلْبَقَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ. اهـ.

وَفِي الْإِيضَاحِ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ حَقِيقَةَ الْبَيْعِ إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى إبْدَالٍ وَجَبَ قِسْمَةُ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَتَظْهَرُ الْفَائِدَةُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ مِمَّا لَا رِبَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَفَاوَتُ فَالْقِسْمَةُ عَلَى الْأَجْزَاءِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَفَاوَتُ فَالْقِسْمَةُ عَلَى الْقِيمَةِ، وَأَمَّا مَا فِيهِ الرِّبَا فَإِنَّمَا تَجِبُ الْقِسْمَةُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ الْعَقْدُ مِثَالُهُ بَاعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَدِينَارٍ يَصِحُّ الْعَقْدُ فَإِنَّ الْخَمْسَةَ بِالْخَمْسَةِ وَالْخَمْسَةَ الْأُخْرَى بِالدِّينَارِ وَكَذَا لَوْ قَابَلَ جِنْسَيْنِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ. اهـ.

وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي تَلِي هَذِهِ وَهِيَ. قَوْلُهُ (وَأَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدِينَارٍ) أَيْ صَحَّ بَيْعٌ فَتَكُونُ الْعَشَرَةُ

ــ

[منحة الخالق]

قَدَّمْنَا فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ عَنْ النَّهْرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَلَّامَةُ عَصْرِهِ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ. - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

[بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَكُرِّ بُرٍّ وَشَعِيرٍ بِضَعْفِهِمَا]

(قَوْلُهُ: وَالصَّرْفُ لِدَفْعِ الْفَسَادِ) أَيْ صَرْفُ الْجِنْسِ إلَى خِلَافِ جِنْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>