للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِالْمَالِ وَلَوْ مَجْهُولًا إذَا كَانَ دَيْنًا صَحِيحًا) أَيْ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَجْهُولًا وَصِحَّتُهَا بِالْإِجْمَاعِ وَصَحَّتْ مَعَ جَهَالَةِ الْمَالِ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّوَسُّعِ، وَلِذَا جَازَ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إجْمَاعُهُمْ عَلَى صِحَّتِهَا بِالدَّرْكِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَمْ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْمَبِيعِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَالدَّيْنُ الصَّحِيحُ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَلَمْ تَصِحَّ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِدُونِهِمَا بِالتَّعْجِيزِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ بِبَدَلِ السِّعَايَةِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إذْ هُوَ لَا يَقْبَلُ التَّعْجِيزَ، وَكَذَا لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِدَيْنٍ هُوَ عَلَى ابْنِ الْمُكَاتَبِ أَوْ عَبْدِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي مُكَاتَبَتِهِ فَهُوَ مُكَاتِبٌ لِمَوْلَاهُ، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِخِلَافِ أَرْشِ الشَّجَّةِ وَقَطْعِ الطَّرَفِ فَإِنَّهُ دَيْنٌ صَحِيحٌ فَصَحَّتْ بِهِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمَا نُوقِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَفَلْت لَك بَعْضَ مَالِك عَلَى فُلَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَمْنُوعٌ بَلْ يَصِحُّ عِنْدَنَا وَالْخِيَارُ لِلضَّامِنِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ أَيَّ مِقْدَارٍ شَاءَ. اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَعْلُومَ الذَّاتِ فِي أَنْوَاعِ الْكَفَالَاتِ أَوْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ كَفَلَ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ غَيْرَ عَيْنٍ بِأَنْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ أَلْفٌ جَازَ وَعَلَيْهِ أَحَدُهُمَا أَيُّهُمَا شَاءَ، وَكَذَا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ أَوْ بِنَفْسِ رَجُلٍ جَازَ آخَرُ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ جَازَ وَيَبْرَأُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى الطَّالِبِ وَلَوْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَا لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَوْ بِمَا يُدْرِكُهُ فِي هَذَا الْبَيْعِ جَازَ. اهـ.

قَيَّدَ بِجَهَالَةِ الْمَالِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ جَهَالَةِ الْأَصِيلِ وَالْمَكْفُولِ فَإِنَّهَا مَانِعَةٌ حَتَّى لَوْ قَالَ مَنْ غَصَبَك مِنْ النَّاسِ أَوْ بَايَعَك أَوْ قَتَلَك فَأَنَا كَفِيلٌ لَك عَنْهُ أَوْ قَالَ مَنْ غَصَبْتَهُ أَنْتَ أَوْ قَتَلْته فَأَنَا كَفِيلٌ لَهُ عَنْك لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ كَفَالَةً يَسِيرَةً فِي الْمَكْفُولِ عَنْهُ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ كَفَلْت لِكُلٍّ بِمَا لَك عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ فَيَجُوزُ وَالتَّعْيِينُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ إنْ جَاءَ بِهِ لَكِنْ لَا نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ يَجُوزُ، كَمَا لَوْ قَالَ عِنْدَ الْقَاضِي كَفَلْت لِرَجُلٍ أَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْإِقْرَارِ لَا تَمْنَعُ صِحَّتَهُ وَيُقَالُ لَهُ أَيُّ رَجُلٍ أَتَيْت بِهِ وَقُلْت: إنَّهُ هَذَا وَحَلَفْت عَلَيْهِ بَرِئْت مِنْ الْكَفَالَةِ. اهـ.

وَأَطْلَقَ صِحَّتَهَا فَشَمِلَ كُلَّ مَنْ عَلَيْهِ الْمَالُ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا صَبِيًّا أَوْ بَالِغًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، وَكُلُّ مَنْ لَهُ الْمَالُ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْكَفَالَةُ لِلصَّبِيِّ التَّاجِرِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ عَلَيْهِ وَلِلصَّبِيِّ الْعَاقِلِ غَيْرِ التَّاجِرِ رِوَايَتَانِ وَدَخَلَ تَحْتَ الدَّيْنِ الصَّحِيحِ بَدَلُ الْعِتْقِ، فَإِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ فَكَفَلَهُ بِهِ رَجُلٌ جَازَ كَذَا

ــ

[منحة الخالق]

السُّكْرِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَزِّرَهُ لِلتُّهْمَةِ وَلَا يَكُونُ حَدًّا. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ التَّعْزِيرَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ وَلِذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى وَنَحْوِهَا.

[الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ]

(قَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ الصَّحِيحُ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ) دَخَلَ فِيهِ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ الْكَفَالَةُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَا مَبِيعٌ وَمِمَّنْ نَقَلَ صِحَّتَهُ الْوَالِدُ عَنْ شَرْحِ التَّكْمِلَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالنَّقْلِ عَزِيزٌ وَإِنْ كَانَ هُوَ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِمْ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: مَعَ أَنْ لَا يَسْقُطَ إذْ هُوَ لَا يَقْبَلُ التَّعْجِيزَ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَكَأَنَّهُ أُلْحِقَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَرْشِ الشَّجَّةِ وَقَطْعِ الطَّرَفِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَالْكَفَالَةُ بِالدِّيَةِ لَا تَصِحُّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَالدِّيَةِ لَا تَجُوزُ. اهـ.

وَنَقَلَهَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَلَمْ يَنْقُلْ فِيهِ خِلَافًا وَنَقَلَهَا صَاحِبُ النُّقُولِ عَنْ الْخُلَاصَةِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّعْيِينُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ) مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ عَنْ الْبَدَائِعِ حَيْثُ جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْكَفِيلِ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَصُّهُ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ كَفَلْت بِمَالَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ مَالَك عَلَى فُلَانٍ رَجُلٍ آخَرَ جَازَ؛ لِأَنَّهَا جَهَالَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي غَيْرِ تَعْلِيقٍ وَيَكُونُ الْخِيَارُ لِلْكَفِيلِ. اهـ.

وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِفُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ كَانَ جَائِزًا يَدْفَعُ أَيُّهُمَا شَاءَ الْكَفِيلُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ كَفَالَةً بِنَفْسِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ لَا نَعْرِفُهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ. اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة (وَ) لَوْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَفَلَ لِهَذَا الرَّجُلِ بِنَفْسِ رَجُلٍ نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ لَكِنْ لَا نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ قَالَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَلَا نَعْرِفُهُ لَا بِوَجْهِهِ وَلَا بِاسْمِهِ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ وَيُؤْخَذُ الْكَفِيلُ بِالْكَفَالَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ كَفَلَ لِهَذَا بِنَفْسِ رَجُلٍ ثُمَّ يُقَالُ بَيَّنَ أَيَّ رَجُلٍ فَإِنْ بَيَّنَ فَكَذَّبَهُ، وَقَالَ الْمَكْفُولُ بِهِ هَذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَبَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ إنْ صَدَّقَهُ الْمَكْفُولُ فِيمَا بَيَّنَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَيْهِ وَفِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ كَذَّبَهُ تُعْتَبَرُ فِيهِ الدَّعْوَى لِلْإِنْكَارِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي دَعْوَى الْكَفَالَةِ لَا تُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَذِكْرُ نَسَبِهِ، وَقَدْ قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يَصْلُحُ دَلِيلًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ) وَفِي إحْكَامَاتِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَفَلَ رَجُلٌ لِصَبِيٍّ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ تَاجِرًا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَلَوْ خَاطَبَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ وَقَبِلَ عَنْهُ تَوَقَّفَتْ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ فَإِنْ لَمْ يُخَاطِبْ أَجْنَبِيٌّ وَلَا وَلِيُّهُ وَإِنَّمَا خَاطَبَ الصَّبِيَّ عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ لَا تَصِحُّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَصِحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>