للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْكَفِيلُ عُومِلَ بِإِقْرَارِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَخَرَجَ عَنْ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مَا إذَا تَكَفَّلَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ دُونَ الْكَفِيلِ لِكَوْنِهَا صَارَتْ مَجَازًا عَنْ الْحَوَالَةِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَاعَ الْمَدْيُونُ بَيْعَ وَفَاءٍ بَرِئَ كَفِيلُهُ فَلَوْ تَفَاسَخَا لَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ اهـ.

وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ إذَا عَادَ إلَى الْأَصِيلِ بِمَا هُوَ فَسْخٌ لَا يَعُودُ عَلَى الْكَفِيلِ، وَسَيَأْتِي عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة بَيَانُهُ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْأَصِيلِ الْبَرَاءَةَ فَإِنْ رَدَّهَا ارْتَدَّتْ وَهَلْ يَعُودُ الدَّيْنُ عَلَى الْكَفِيلِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ وَمَوْتُ الْأَصِيلِ كَقَبُولِهِ وَإِنَّمَا قَالَ أَوْ أَخَّرَ عَنْهُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ عَنْ الْأَصِيلِ لَا بِتَأْخِيرِ الطَّالِبِ كَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ إذَا لَزِمَهُ شَيْءٌ بَعْدَ عِتْقِهِ فَكَفَلَ بِهِ إنْسَانٌ فَإِنَّ الْأَصِيلَ تَتَأَخَّرُ الْمُطَالَبَةُ عَنْهُ إلَى إعْتَاقِهِ وَيُطَالَبُ كَفِيلُهُ لِلْحَالِّ وَمِنْهُ الْمُكَاتَبُ إذَا صَالَحَ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ وَكَفَلَ بِهِ رَجُلٌ ثُمَّ عَجَزَ تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ عَنْ الْأَصِيلِ دُونَ الْكَفِيلِ وَالْمَسْأَلَتَانِ، فِي الْخَانِيَّةِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ الْأَصِيلَ إنَّمَا تَأَخَّرَتْ عَنْهُ لِإِعْسَارِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْأَصِيلَ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا لَيْسَ لِلطَّالِبِ مُطَالَبَتُهُ وَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ لَوْ مُوسِرًا، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ أَجَّلَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ فَلَمْ يَقْبَلْ صَارَ حَالًّا عَلَيْهِمَا وَلَوْ أَجَّلَهُ شَهْرًا ثُمَّ سَنَةً دَخَلَ الشَّهْرُ فِي السَّنَةِ وَالْآجَالُ إذَا اجْتَمَعَتْ انْقَضَتْ بِمَرَّةٍ. اهـ.

وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ إبْرَاءَ الْأَصِيلِ وَتَأْجِيلَهُ يَرْتَدَّانِ بِالرَّدِّ وَإِبْرَاءَ الْكَفِيلِ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَأَمَّا تَأْجِيلُهُ فَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. اهـ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَنْعَكِسُ) أَيْ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ وَلَا التَّأْخِيرُ عَنْهُ يُوجِبُ التَّأْخِيرَ عَنْ الْأَصِيلِ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةَ. وَبَقَاءُ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصِيلِ بِدُونِهِ جَائِزٌ قَيَّدَ بِالتَّأْخِيرِ أَيْ التَّأْجِيلِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا الدَّيْنَ حَالَ وُجُودِ الْكَفَالَةِ فَصَارَ الْأَجَلُ دَاخِلًا فِيهِ، أَمَّا هَاهُنَا بِخِلَافِهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ أَطْلَقَهُ فِي بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ فَشَمِلَ مَا إذَا قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَشَارَ بِاقْتِصَارِهِ عَلَى عَدَمِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ إلَى أَنَّ الْكَفِيلَ إذَا أَبْرَأَهُ الطَّالِبُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبَهُ الدَّيْنَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْكَفِيلِ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَوْ كَانَ الْإِبْرَاءُ وَالْهِبَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَبِلَ الْوَارِثُ صَحَّ فَإِنْ رَدَّ وَرَثَتُهُ ارْتَدَّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَبَطَلَ الْإِبْرَاءُ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ لَهُمْ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ كَمَا لَوْ أَبْرَأَهُ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ مَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَوْ أَحَالَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَلَى رَجُلٍ فَقَبِلَ الطَّالِبُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَالْأَصِيلُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ حَصَلَتْ بِأَصْلِ الدَّيْنِ وَالدَّيْنُ أَصْلُهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَتَضَمَّنَتْ الْحَوَالَةُ بَرَاءَتَهُمَا وَلَوْ اشْتَرَطَ الطَّالِبُ وَقْتَ الْحَوَالَةِ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ خَاصَّةً بَرِئَ الْكَفِيلُ وَلَا يَبْرَأُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَلِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ بِدَيْنِهِ أَيَّهُمَا شَاءَ إنْ شَاءَ الْأَصِيلَ وَإِنْ شَاءَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْكَفِيلِ حَتَّى يَتْوَى الْمَالُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ. اهـ.

وَكَذَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ إذَا مَاتَ الطَّالِبُ وَالْكَفِيلُ وَارِثُهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَبَقِيَ الْمَالُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ

ــ

[منحة الخالق]

أَفْتَى بِهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ.

[يَبْرَأ الْكَفِيلُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ]

(قَوْلُهُ: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ تَقَدَّمَ فِي الْكَفَالَةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. اهـ.

قُلْتُ: وَسَيَأْتِي قَرِيبًا فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يَنْعَكِسُ مَا يُخَالِفُهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْأَصِيلِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ وَهَبَ الطَّالِبُ الْمَالَ مِنْ الْمَطْلُوبِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَمَاتَ قَبْلَ الرَّدِّ فَهُوَ بَرِيءٌ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَرَدَّ الْهِبَةَ فَرَدُّهُ صَحِيحٌ وَالْمَالُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَالْكَفِيلِ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ رَدَّ الْإِبْرَاءَ هَلْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَبْرَأُ فَهَذَا الْقَائِلُ سَوَّى بَيْنَ الْهِبَةِ وَبَيْنَ الْإِبْرَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ اهـ.

فَقَوْلُهُ فِي الشَّرْحِ وَهَلْ يَعُودُ الدَّيْنُ عَلَى الْكَفِيلِ أَيْ بَعْدَ رَدِّ الْأَصِيلِ الْبَرَاءَةَ. (قَوْلُهُ: وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ أَجَّلَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ تَأْيِيدٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ فِي الْإِبْرَاءِ الْمَرْدُودِ أَنَّ الدَّيْنَ يَعُودُ عَلَى الْكَفِيلِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ وَإِبْرَاءُ الْكَفِيلِ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إلَخْ) ذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الْفَتْحِ وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَبَطَلَ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ نَقَلَ مِثْلَهُ عَنْ الْهِدَايَةِ أَيْضًا ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ لِلْكَفِيلِ أَخْرَجْتُك عَنْ الْكَفَالَةِ فَقَالَ الْكَفِيلُ لَا أَخْرُجُ لَمْ يَصِرْ خَارِجًا قَالَ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ فَثَبَتَ أَنَّ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ أَيْضًا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ.

أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَخْرَجْتُك لَيْسَ إبْرَاءً بَلْ هُوَ فِي مَعْنَى الْإِقَالَةِ لِعَقْدِ الْكَفَالَةِ وَالْإِقَالَةُ تَتِمُّ بِالْمُتَعَاقِدِينَ فَحَيْثُ لَمْ يَقْبَلْهَا الْكَفِيلُ بَطَلَتْ فَتَبْقَى الْكَفَالَةُ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ فَإِنَّهُ مَحْضُ إسْقَاطٍ فَيَتِمُّ بِالْمُسْقِطِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ عَلَى نَظْمِ الْكَنْزِ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا مَعْنَى لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِبْرَاءِ بِمَعْنَى الْإِسْقَاطِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ إنَّمَا بَرِئَ

<<  <  ج: ص:  >  >>