للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيَّامِهَا مَا يَكُونُ حَيْضًا وَبَعْدَ أَيَّامِهَا مَا لَا يَكُونُ حَيْضًا يَكُونُ الْكُلُّ حَيْضًا رِوَايَةً وَاحِدَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ بَيَّنَ الْإِبْدَالَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَطَالَ فِيهِ فَمَنْ رَامَهُ فَلْيُرَاجِعْهَا وَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ هُوَ الِانْتِقَالُ مِنْ حَيْثُ الْمَكَانُ وَمَا تَقَدَّمَ هُوَ انْتِقَالُ الْعَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ انْقَطَعَ دُونَ عَادَتِهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْعَادَةُ كَمَا تَنْتَقِلُ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ الْمُخَالِفِ لِلدَّمِ الْمَرْئِيِّ فِي أَيَّامِهَا مَرَّتَيْنِ فَكَذَلِكَ تَنْتَقِلُ بِطُهْرِ أَيَّامِهَا مَرَّتَيْنِ قَيَّدَ بِكَوْنِهَا مُعْتَادَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِأَنْ كَانَتْ تَرَى شَهْرًا سِتًّا وَتَرَى شَهْرًا سَبْعًا فَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَإِنَّهَا تَأْخُذُ فِي حَقِّ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالرَّجْعَةِ بِالْأَقَلِّ وَفِي حَقِّ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْغَشَيَانِ بِالْأَكْثَرِ فَعَلَيْهَا إذَا رَأَتْ سِتَّةَ أَيَّامٍ فِي الِاسْتِمْرَارِ أَنْ تَغْتَسِلَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ لِتَمَامِ السَّادِسِ وَتُصَلِّي فِيهِ وَتَصُومُ إنْ كَانَ دَخَلَ عَلَيْهَا شَهْرُ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ السَّابِعُ حَيْضًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ حَيْضًا فَوَجَبَ احْتِيَاطًا

فَإِذَا جَاءَ الثَّامِنُ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ ثَانِيًا وَتَقْضِي الْيَوْمَ الَّذِي صَامَتْهُ فِي السَّابِعِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا حَائِضًا فِيهِ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةً فَحَاضَتْ سِتَّةً، ثُمَّ حَاضَتْ أُخْرَى سَبْعَةً، ثُمَّ حَاضَتْ أُخْرَى سِتَّةً فَعَادَتُهَا سِتَّةً بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى يُبْنَى الِاسْتِمْرَارُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُبْنَى الِاسْتِمْرَارُ عَلَى الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَقَدْ رَأَتْ السِّتَّةَ مَرَّتَيْنِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْمَبْسُوطِ وَمِنْهُمْ كَصَاحِبِ الْمُحِيطِ وَالْمُصَفَّى جَعَلَ هَذَا نَظِيرَ الْعَادَةِ الْجَعْلِيَّةِ وَأَنَّهَا نَوْعَانِ أَصْلِيَّةٌ وَهِيَ أَنْ تَرَى دَمَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ وَطُهْرَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ عَلَى الْوَلَاءِ أَوْ أَكْثَرَ وَإِنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِيهَا وَالْجَعْلِيَّةُ تَنْتَقِلُ بِرُؤْيَةِ الْمُخَالِفِ مَرَّةً وَاحِدَةً اتِّفَاقًا وَهِيَ أَنْ تَرَى أَطْهَارًا مُخْتَلِفَةً وَدِمَاءً مُخْتَلِفَةً بِأَنْ رَأَتْ فِي الِابْتِدَاءِ خَمْسَةً دَمًا وَسَبْعَةَ عَشَرَ طُهْرًا، ثُمَّ أَرْبَعَةً وَسِتَّةَ عَشَرَ، ثُمَّ ثَلَاثَةً وَخَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ يُبْنَى عَلَى أَوْسَطِ الْأَعْدَادِ فَتَدَعُ مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ أَرْبَعَةً وَتُصَلِّي سِتَّةَ عَشَرَ وَذَلِكَ دَأْبُهَا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مُزَاحِمٍ تَبْنِي عَلَى أَقَلِّ الْمَرْئِيَّيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فَتَدَعُ ثَلَاثَةً وَتُصَلِّي خَمْسَةَ عَشَرَ فَهَذِهِ عَادَتُهَا جَعْلِيَّةٌ لَهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِمْرَارِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ جَعْلِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا جُعِلَتْ عَادَةً لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْعَادَةِ الْجَعْلِيَّةِ إذَا طَرَأَتْ عَلَى الْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ هَلْ تُنْتَقَضُ الْأَصْلِيَّةُ قَالَ أَئِمَّةُ بَلْخٍ لَا؛ لِأَنَّهَا دُونَهَا

وَقَالَ أَئِمَّةُ بُخَارَى نَعَمْ؛ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَتَكَرَّرَ فِي الْجَعْلِيَّةِ خِلَافَ مَا كَانَ فِي الْأَصْلِيَّةِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ مَتَى كَانَتْ عَادَتُهَا الْأَصْلِيَّةُ فِي الْحَيْضِ خَمْسَةً فَلَا تَثْبُتُ الْعَادَةُ الْجَعْلِيَّةُ إلَّا بِرُؤْيَةِ سِتَّةٍ وَسَبْعَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَيَتَكَرَّرُ فِيهَا خِلَافُ الْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ مِرَارًا فَالْعَادَةُ الْأَصْلِيَّةُ تَنْتَقِلُ بِالتَّكْرَارِ بِخِلَافِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْعَادَةُ تَنْتَقِلُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ بِعَدَمِ رُؤْيَةِ مَكَانِهَا مَرَّةً وَبِطُهْرٍ صَحِيحٍ صَالِحٍ لِنَصْبِ الْعَادَةِ يُخَالِفُ الْأَوَّلَ مَرَّةً وَدَمٌ صَالِحٌ مُخَالِفٌ مَرَّةً وَعِنْدَهُمَا بِتَكَرُّرِ هَذِهِ الْأُمُورِ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْوَلَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُبْتَدَأَةً فَحَيْضُهَا عَشَرَةٌ وَنِفَاسُهَا أَرْبَعُونَ) أَيْ لَوْ كَانَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ ابْتَدَأَتْ مَعَ الْبُلُوغِ مُسْتَحَاضَةً أَوْ مَعَ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ فَحَيْضُهَا وَنِفَاسُهَا الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّحَّةُ فَلَا يُحْكَمُ بِالْعَارِضِ إلَّا بِيَقِينٍ وَتَتْرُكُ الصَّلَاةَ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ عَلَى الصَّحِيحِ كَصَاحِبَةِ الْعَادَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ مَا لَمْ تَسْتَمِرَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَتَثْبُتُ عَادَةُ هَذِهِ الْمُبْتَدَأَةِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَلَوْ رَأَتْ خَمْسَةً دَمًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ فَإِنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ خَمْسَةً، ثُمَّ تُصَلِّي خَمْسَةَ عَشَرَ وَذَلِكَ عَادَتُهَا؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ عَنْ حَالَةِ الصِّغَرِ فِي النِّسَاءِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْمُعْتَادَةِ، ثُمَّ الْعَادَةُ فِي حَقِّ الْمُبْتَدَأَةِ أَيْضًا نَوْعَانِ أَصْلِيَّةٌ وَجَعْلِيَّةٌ فَالْأُولَى عَلَى

ــ

[منحة الخالق]

أَنَّ الْحُكْمَ مَوْقُوفٌ كَمَا قَالَ فِي الْمُتَقَدِّمِ عَلَى أَيَّامِهَا وَفِي رِوَايَةٍ يَكُونُ حَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ صَاحِبَيْهِ، غَيْرَ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقُولُ لَا يَكُونُ عَادَةً وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَكُونُ عَادَةً. اهـ.

وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْإِجْمَالِ وَأَنَّ الصَّوَابَ اسْتِثْنَاءُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْأُولَى وَتَقْيِيدُهَا بِأَنْ لَا تَتَجَاوَزَ الْعَشَرَةَ.

(قَوْلُهُ: يَكُونُ الْكُلُّ حَيْضًا رِوَايَةً وَاحِدَةً عَنْ الْإِمَامِ) أَيْ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى أَنْ تَرَى مِثْلَهُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَبِهَذَا مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ السِّرَاجِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي وَجْهِ النَّظَرِ فِي كَلَامِ صَاحِبِ فَتْحِ الْقَدِيرِ سَاقِطٌ أَصْلًا فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: كَذَا فِي السِّرَاجِ) أَقُولُ: ذَكَرَ فِي السِّرَاجِ أَوَّلًا أَنَّ الِانْتِقَالَ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَرَّتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ قَالَ وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ إذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ، ثُمَّ قَالَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا إذَا رَأَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَى مَا تَوَالَى عَلَيْهِ الدَّمُ مَرَّتَيْنِ، وَكَذَا إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا دُونَ عَادَتِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْهُ.

. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا نَوْعَانِ) أَيْ جَعَلَ الْعَادَةَ مُطْلَقًا نَوْعَيْنِ: أَصْلِيَّةٌ وَهِيَ أَنْ تَرَى دَمَيْنِ إلَخْ. وَجَعْلِيَّةٌ وَهِيَ أَنْ تَرَى أَطْهَارًا إلَخْ.

وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِيهَا أَيْ الْخِلَافُ السَّابِقُ بَيْنَ الْإِمَامَيْنِ وَأَبِي يُوسُفَ فِي نَقْلِ الْعَادَةِ بِمَرَّةٍ أَوْ لَا كَذَا يُفْهَمُ مِنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ

[حَيْض الْمُبْتَدَأَة وَنِفَاسهَا]

(قَوْلُهُ: وَتَتْرُكُ الصَّلَاةَ) أَيْ الْمُبْتَدَأَةُ. (قَوْلُهُ: لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ) كَذَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>