للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا إذَا رَضِيَ الْخَصْمَانِ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ. التَّاسِعَةُ الْمُحَكَّمُ إذَا ارْتَدَّ انْعَزَلَ فَإِذَا أَسْلَمَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْكِيمٍ جَدِيدٍ بِخِلَافِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. الْعَاشِرَةُ لَوْ رَدَّ الْمُحَكَّمُ الشَّهَادَةَ بِتُهْمَةٍ ثُمَّ اخْتَصَمَا إلَى آخَرَ أَوْ قَاضٍ فَزُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ يَقْضِي؛ لِأَنَّ الْمُحَكَّمَ لَمْ يَكُنْ قَاضِيًا فِي حَقِّ غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ رَدُّ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا اتَّصَلَ بِهَا رَدُّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّعَايَا فَكَانَ لِلْقَاضِي إبْطَالُ هَذَا الرَّدِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّ قَاضٍ شَهَادَتَهُ لِلتُّهْمَةِ لَا يَقْبَلُهَا قَاضٍ آخَرُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالرَّدِّ نَفَذَ عَلَى الْكِفَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مَا فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ مِنْ وَارِثٍ إلَى الْبَاقِي وَالْمَيِّتِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى عِنْدَ الْمُحَكَّمِ رَجُلٌ عَلَى وَارِثٍ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَحَكَمَ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَارِثِ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَلَا عَلَى الْمَيِّتِ لِعَدَمِ رِضَاهُمْ بِتَحْكِيمِهِ بِخِلَافِ حُكْمِ الْقَاضِي. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ بِالْعَيْبِ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ إلَّا بِرِضَا بَائِعٍ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ عَلَى وَكِيلٍ بِعَيْبِ الْمَبِيعِ إلَى مُوَكِّلِهِ وَهُمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ لَا يَصِحُّ حُكْمُهُ عَلَى وَصِيٍّ صَغِيرٍ بِمَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا حَكَمَ الْوَصِيُّ عَلَى الصَّغِيرِ وَمَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ فَحَكَمَ بِمَا هُوَ ضَرَرٌ عَلَى الصَّغِيرِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ صُلْحِ الْوَصِيِّ، وَإِنْ كَانَ فِي حُكْمِهِ نَفْعٌ لِلصَّغِيرِ يَصِحُّ حُكْمُهُ. اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي التَّلْخِيصِ وَشَرْحِهِ لَوْ حَكَّمَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَغَرِيمٌ لَهُ رَجُلًا فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا وَأَلْزَمَ الشَّرِيكَ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ نَفَذَ حُكْمُهُ عَلَى الشَّرِيكِ وَتَعَدَّى إلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ بِمَنْزِلَةِ الصُّلْحِ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ وَالصُّلْحُ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ رَاضِيًا بِالصُّلْحِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ الْقَضَاءَ يَتَعَدَّى إلَى الْكَافَّةِ فِي أَرْبَعٍ: الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَلَاءِ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِحُكْمِهَا مِنْ الْمُحَكَّمِ وَيَجِبُ أَنْ لَا يَتَعَدَّى فَتُسْمَعَ دَعْوَى الْمِلْكِ فِي الْمَحْكُومِ بِعِتْقِهِ مِنْ الْمُحَكَّمِ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلِيَ الْمُحَكَّمُ الْحَبْسَ وَلَمْ أَرَهُ وَكَذَا لَمْ أَرَ حُكْمَ قَبُولِهِ الْهِدَايَةَ وَإِجَابَةَ الدَّعْوَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَا لَهُ لِانْتِهَاءِ التَّحْكِيمِ بِالْفَرَاغِ إلَّا أَنْ يُهْدِيَ إلَيْهِ وَقْتَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ لَا يَتَقَيَّدُ بِبَلَدِ التَّحْكِيمِ وَلَهُ الْحُكْمُ فِي الْبِلَادِ كُلِّهَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ.

السَّادِسَ عَشَرَ مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْمُحَكَّمُ الْقَاضِيَ لَوْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِخُصُوصِهِ فُلَانٍ إلَى قَاضِي الْكُوفَةِ وَالْآخَرُ إلَى قَاضِي الْبَصْرَةِ تُقْبَلُ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ إلَى الْفَقِيهِ فُلَانٍ فَشَهِدَ الْآخَرُ بِهِ إلَى الْفَقِيهِ فُلَانٍ وَآخَرَ لَمْ تُقْبَلْ كَمَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْفَرْقُ فِي شَرْحِهِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. السَّابِعَ عَشَرَ الصَّحِيحُ أَنَّ حُكْمَهُ بِالْوَقْفِ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ إلَى مُوَافِقٍ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ ابْتِدَاءً بِلُزُومِهِ لَا أَنَّهُ يُمْضِيهِ.

(قَوْلُهُ وَبَطَلَ حُكْمُهُ لِأَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ كَحُكْمِ الْقَاضِي بِخِلَافِ حُكْمِهِ عَلَيْهِمْ) كَالشَّهَادَةِ قَيَّدَ بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِهِمْ وَالْأَعْمَامِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لَهُمْ جَائِزَةٌ وَكَذَا لِأَبِي امْرَأَةٍ وَزَوْجِ ابْنَتِهِ إذَا كَانَ حَيًّا لَا إنْ كَانَ مَيِّتًا وَأَفَادَ بِجَوَازِ حُكْمِهِ بِالْحِجَجِ الشَّرْعِيَّةِ كَمَا سَبَقَ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِخْبَارَ فَلَوْ أَخْبَرَ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَوْ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ وَهُمَا عَلَى حَالِهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَخْبَرَ بِالْحُكْمِ لَمْ يُقْبَلْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْمُحِيطِ حَكَّمَا رَجُلًا مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ وَقَالَا لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَنَا وَقَالَ الْمُحَكَّمُ حَكَمَتْ فَالْمُحَكَّمُ مُصَدَّقٌ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ وَلَا يُصَدَّقُ بَعْدَهُ اعْتِبَارًا بِالْإِنْشَاءِ وَقَالَ إنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ الْحُكُومَةِ بِأَحَدِ أَسْبَابٍ ثَلَاثَةٍ بِالْعَزْلِ أَوْ بِانْتِهَاءِ الْحُكُومَةِ نِهَايَتُهَا بِأَنْ كَانَ مُوَقَّتًا فَمَضَى الْوَقْتُ أَوْ بِخُرُوجِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ بِأَنْ عَمِيَ أَوْ ارْتَدَّ وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ غَابَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَبَرِئَ مِنْهُ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ حُبِسَ كَانَ عَلَى حُكْمِهِ وَكَذَا لَوْ وَلِيَ الْقَضَاءَ ثُمَّ عُزِلَ عَنْهُ فَهُوَ عَلَى حُكُومَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَزْلَ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْ السُّلْطَانِ وَكَذَا لَوْ حَكَمَ بَيْنَهُمَا فِي بَلَدٍ آخَرَ لِإِطْلَاقِ التَّحْكِيمِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ حَكَّمَا رَجُلَيْنِ فَشَهِدَ عِنْدَهُمَا رَجُلَانِ فَحَكَّمَا أَوْ لَمْ يُحَكِّمَا ثُمَّ مَاتَ الشَّاهِدَانِ أَوْ غَابَا لَيْسَ لِلْمُحَكَّمَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلِيَ الْمُحَكَّمُ الْحَبْسَ) قَدَّمْنَا أَوَّلَ فَصْلِ الْحَبْسِ أَنَّ صَدْرَ الشَّرِيعَةِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَلِيهِ وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَمْ أَرَهُ مَا نَصُّهُ وَفِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ مِنْ بَابِ التَّحْكِيمِ قَالَ وَفَائِدَةُ إلْزَامِ الْخَصْمِ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إنْ حَكَّمَا حَكَمًا فَالْحُكْمُ يُجْبِرُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَالْبَائِعَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَمَنْ امْتَنَعَ يَحْبِسُهُ اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَكَمَ يَحْبِسُ اهـ.

وَكَأَنَّهُ وَجَدَ بَعْدَ أَوْ الْمُرَادُ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ السَّادِسَ عَشَرَ إلَى آخِرِ الْقَوْلَةِ) وُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَمَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ بَعْدَ الْخَامِسَ عَشَرَ وَوُجِدَ فِي بَعْضِهَا فِي آخِرِ الْقَوْلَةِ الْآتِيَةِ وَالْأُولَى أَصْوَبُ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ فِي شَرْحِهِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ) وَهُوَ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ إلَى قَاضِي الْكُوفَةِ يَكُونُ وَكِيلًا بِهَا إلَى قَاضِي الْبَصْرَةِ وَكَذَا الْعَكْسُ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ نَفْسُ الْقَضَاءِ وَلَا يَخْتَلِفُ وَالتَّقْيِيدُ إنَّمَا يُرَاعَى إذَا كَانَ مُفِيدًا وَحُكْمُ الْحَكَمِ تَوَسُّطٌ وَالْمُتَوَسِّطُونَ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الذَّكَاءِ وَالذِّهْنِ فَالرِّضَا بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا حَكَمًا لِكَوْنِهِ عَالِمًا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ لَا يَكُونُ رِضًا بِالْآخِرِ فَقَدْ تَفَرَّدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ بِمَا شَهِدَ بِهِ.

[حُكْمُ المحكم لِأَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ]

(قَوْلُهُ وَكَذَا لِأَبِي امْرَأَتِهِ وَزَوْجِ ابْنَتِهِ) قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ كَذَا وُجِدَ بِخَطِّ الشَّيْخِ وَلَمْ يُنْقَلْ مَا قَالَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>