للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَرَفَهُ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ قَالَ نَصِيرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي تَعْدِيلَهُ وَلِابْنِ سَلَمَةَ فِيهِ قَوْلَانِ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ فِي ثَلَاثَةٍ شَهِدُوا وَالْقَاضِي يَعْرِفُ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ بِالْعَدَالَةِ وَلَا يَعْرِفُ الثَّالِثَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ تَعْدِيلَهُمَا لَوْ شَهِدَ هَذَا الثَّالِثُ شَهَادَةً أُخْرَى وَلَا يَقْبَلُ تَعْدِيلَهُمَا فِي الشَّهَادَةِ الْأُولَى وَهُوَ كَمَا قَالَ نَصِيرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ.

وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا عَدَّلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ فَإِنَّهُ قَبْلَ الدَّعْوَى لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ كَذِبٌ فِي إنْكَارِهِ وَقْتَ التَّعْدِيلِ وَكَانَ الْفِسْقُ الطَّارِئَ عَلَى الْمُعَدَّلِ قَبْلَ الْقَضَاءِ كَالْمُقَارِنِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا يَسْأَلُ رَجُلًا لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُفْلِسٌ لَا تُقْبَلُ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ مِنْ دَفْعِ الدَّعَاوَى مَعْزِيًّا إلَى الْأُوزْجَنْدِيِّ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ لِي دَفْعٌ لَا يَكُونُ تَعْدِيلًا لِلشُّهُودِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بِالطَّعْنِ فِي الشَّاهِدِ اهـ.

قُلْتُ: بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جَوَابِ دَعْوَى الْوَكِيلِ بِالدَّيْنِ دَفَعْته إلَى الْمُوَكِّلِ أَوْ أَبْرَأَنِي فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا بِالْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ كَمَا سَيَأْتِي فِيهَا

[وَالْوَاحِدُ يَكْفِي لِلتَّزْكِيَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالتَّرْجَمَةِ الشَّهَادَةُ]

(قَوْلُهُ وَالْوَاحِدُ يَكْفِي لِلتَّزْكِيَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالتَّرْجَمَةِ) وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ إلَّا اثْنَانِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي تَنْبَنِي عَلَى ظُهُورِ الْعَدَالَةِ وَهُوَ بِالتَّزْكِيَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَالْعَدَالَةِ وَتُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ فِي الْمُزَكَّى فِي الْحُدُودِ وَلَهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَمَجْلِسُ الْقَضَاءِ وَاشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ أَمْرٌ تَحَكُّمِيٌّ أَيْ تَعَبُّدِيٌّ فِي الشَّهَادَةِ فَلَا يَتَعَدَّاهَا وَمَحَلُّ الِاخْتِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرْضَ الْخَصْمُ بِتَزْكِيَةِ وَاحِدٍ فَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ بِتَزْكِيَةِ وَاحِدٍ فَزَكَّى جَازَ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَأَطْلَقَ فِي التَّزْكِيَةِ وَالْمُرَادُ تَزْكِيَةُ السِّرِّ وَلَوْ قَالَ الْوَاحِدُ الْعَدْلُ الْمُسْلِمُ لَكَانَ أَوْلَى لِاشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِيهَا وَالْإِسْلَامِ فِي الْمُزَكِّي لَوْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَطْلَقَ فِي الْوَاحِدِ فَشَمِلَ الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ وَالْأَعْمَى وَالْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ إذَا تَابَ وَالصَّبِيَّ وَأَحَدَ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَالْوَالِدَ لِوَلَدِهِ وَعَكْسَهُ وَالْعَبْدَ لِمَوْلَاهُ وَعَكْسَهُ وَخَرَجَ مِنْ كَلَامِهِ تَزْكِيَةُ الشَّاهِدِ بِحَدِّ الزِّنَا فَلَا بُدَّ فِي الْمُزَكِّي فِيهَا مِنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَدِ الْأَرْبَعَةِ إجْمَاعًا وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمَ تَزْكِيَةِ الشَّاهِدِ بِبَقِيَّةِ الْحُدُودِ وَمُقْتَضَى مَا قَالُوهُ اشْتِرَاطُ رَجُلَيْنِ لَهَا.

وَقَيَّدْنَا بِالتَّزْكِيَةِ السِّرَّ احْتِرَازًا عَنْ تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهَا جَمِيعُ مَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالْبَصَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا لَفْظَ الشَّهَادَةِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى الشَّهَادَةِ فِيهَا أَظْهَرُ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَكَذَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِيهَا عَلَى مَا قَالَهُ الْخَصَّافُ وَأَطْلَقَ فِي الرِّسَالَةِ فَشَمِلَ رَسُولَ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي وَرَسُولَ الْمُزَكِّي إلَى الْقَاضِي كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَا الْأَوَّلَ كَمَا زَعَمَهُ الشَّارِحُ وَأَطْلَقَ فِي التَّرْجَمَةِ فَشَمِلَ الْمُتَرْجِمَ عَنْ الشُّهُودِ أَوْ عَنْ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا الْأَوَّلَ كَمَا تَوَهَّمَهُ الشَّارِحُ قَالُوا وَالْأَحْوَطُ فِي الْكُلِّ اثْنَانِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا يُعْلِمُهُ أَنَّهُ يَسْأَلُ عَنْهُ وَعَلَّلَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ بِأَنَّهُ إذَا أَعْلَمَهُ رُبَّمَا خَدَعَ الْمُزَكِّيَ أَوْ أَخَافَهُ وَلَا يُعْلِمُهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْهُ سِرًّا إنَّمَا يَطْلُبُ مِنْهُ تَزْكِيَةَ الْعَلَانِيَةِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَخْتَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ مَنْ هُوَ أَخْبَرُ بِأَحْوَالِ النَّاسِ وَأَكْثَرُهُمْ اخْتِلَاطًا بِالنَّاسِ مَعَ عَدَالَتِهِ عَارِفًا بِمَا لَا يَكُونُ جَرْحًا وَمَا يَكُونُ جَرْحًا غَيْرَ طَمَّاعٍ وَلَا فَقِيرٍ كَيْ لَا يُخْدَعَ بِالْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي جِيرَانِهِ وَلَا أَهْلِ سُوقِهِ مَنْ يَثِقُ بِهِ سَأَلَ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِيهِمْ ثِقَةً اعْتَبَرَ فِيهِمْ تَوَاتُرَ الْأَخْبَارِ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَخَصَّ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِسُؤَالٍ مِنْ الْأَصْدِقَاءِ

وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَبُولِ قَوْلِ الْوَاحِدِ فِي التَّزْكِيَةِ إلَى قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الْجَرْحِ وَسَيَأْتِي وَلَيْسَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ التَّسْوِيَةُ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْوَاحِدِ وَبَيْنَ التَّزْكِيَةِ وَالتَّرْجَمَةِ فَرْقٌ فَإِنَّ التُّرْجُمَانَ لَوْ كَانَ أَعْمَى لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَيَجُوزُ عِنْدَ الثَّانِي وَقَدَّمْنَا أَنَّ تَزْكِيَةَ الْأَعْمَى جَائِزَةٌ وَلَا يَكُونُ الْمُتَرْجِمُ امْرَأَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخِزَانَةِ وَتَصْلُحُ لِلتَّزْكِيَةِ وَشَرَطَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُتَرْجِمِ عَنْ الشَّاهِدِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ أَعْجَمِيًّا وَعَنْ الْخَصْمِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَانَ عَارِفًا بِلِسَانِ الشَّاهِدِ وَالْخَصْمِ لَمْ تَجُزْ تَرْجَمَةُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ فِي الْوَاحِدِ فَشَمِلَ الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ وَالْأَعْمَى) سَيَأْتِي بِذِكْرِ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْأَعْمَى لَا تَجُوزُ تَرْجَمَتُهُمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِطْلَاقُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّزْكِيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>