للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ عُمُرُهُ عِشْرِينَ سَنَةً وَتَارِيخُ الْوَقْفِ مِائَةُ سَنَةٍ فَيَتَيَقَّنُ الْقَاضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ فَالْإِفْصَاحُ كَالسُّكُوتِ إلَيْهِ أَشَارَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ شَهِدَا عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَقَالَا أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ مَنْ تَثِقُ بِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْخَصَّافُ أَيْضًا جَوَّزَ ذَلِكَ وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ اهـ.

وَمَعْنَى التَّفْسِيرِ لِلْقَاضِي أَنَّهُ شَهِدَ بِالتَّسَامُعِ أَنْ يَقُولَا شَهِدْنَا؛ لِأَنَّا سَمِعْنَا مِنْ النَّاسِ أَمَّا إذَا قَالَا لَمْ نُعَايِنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ اشْتَهَرَ عِنْدَنَا جَازَتْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْيَنَابِيعِ تَفْسِيرُهُ أَنْ يَقُولَ فِي النِّكَاحِ لَمْ أَحْضُرْ الْعَقْدَ وَفِي غَيْرِهِ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَوْ سَمِعْت وَنَحْوَهُ وَفِي الْمُحِيطِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُنْتَقَى إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ فَهِيَ مِيرَاثٌ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَا هَذَا الْمُدَّعِي مَاتَ وَهَذِهِ الدَّارُ كَانَتْ لَهُ يَوْمَ مَاتَ أَوْ شَهْرَ مَاتَ أَوْ سَنَةَ مَاتَ فَهُوَ جَائِزٌ لَهُ وَلَوْ رَآهُ عَلَى حِمَارٍ يَوْمًا لَمْ يَشْهَدْ أَنَّهُ لَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَكِبَهُ بِالْعَارِيَّةِ وَلَوْ رَآهُ عَلَى حِمَارٍ خَمْسِينَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَهُ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً مُدَّةً كَثِيرَةً إلَّا بِالْمِلْكِ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَايَنَ الشَّاهِدُ دَابَّةً تَتْبَعُ دَابَّةً وَتَرْضَعُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ وَالنِّتَاجِ شَهِدَا أَنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا وَلَمْ يُدْرِكَا الْمَيِّتَ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِمِلْكٍ لَمْ يُعَايِنَا سَبَبَهُ وَلَا رَأَيَاهُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ) يُقَالُ قَبِلْت الْقَوْلَ إذَا حَمَلْته عَلَى الصِّدْقِ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُرَادُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي وَمَنْ لَا يَجِبُ لَا مَنْ يَصِحُّ قَبُولُهَا وَمَنْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا ذَكَرَهُ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ الْفَاسِقُ وَهُوَ لَوْ قُضِيَ بِشَهَادَتِهِ صَحَّ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَالْأَصْلِ لَكِنْ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ إذَا قُضِيَ بِشَهَادَةِ الْأَعْمَى أَوْ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ إذَا تَابَ أَوْ بِشَهَادَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَعَ آخَرَ لِصَاحِبِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ أَوْ عَكْسِهِ نَفَذَ حَتَّى لَا يَجُوزَ لِلثَّانِي إبْطَالُهُ وَإِنْ رَأَى بُطْلَانَهُ اهـ.

فَالْمُرَادُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ حِلِّهِ وَذَكَرَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي اخْتِلَافًا فِي النَّفَادِ بِشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ بَعْدَ التَّوْبَةِ (قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى) ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ يَفْتَقِرُ إلَى التَّمْيِيزِ بِالْإِشَارَةِ بَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلَا يُمَيِّزُ الْأَعْمَى إلَّا بِالنَّغْمَةِ وَفِيهِ شُبْهَةٌ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهَا بِجِنْسِ الشُّهُودِ وَالنِّسْبَةُ لِتَعْرِيفِ الْغَائِبِ دُونَ الْحَاضِرِ وَصَارَ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْأَعْمَى وَقْتَ الشَّهَادَةِ قَبْلَ التَّحَمُّلِ أَوْ بَعْدَهُ وَمَا إذَا عَمَى بَعْدَ الْأَدَاءِ قَبْلَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا عَدَمُ الْقَضَاءِ بِهَا؛ لِأَنَّ قِيَامَ أَهْلِيَّتِهَا شَرْطٌ وَقْتَ الْقَضَاءِ لِصَيْرُورَتِهَا حُجَّةً عِنْدَهُ وَصَارَ كَمَا إذَا خَرِسَ أَوْ جُنَّ أَوْ فَسَقَ بِخِلَافِ مَوْتِ الشَّاهِدِ وَغَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ بِالْمَوْتِ قَدْ انْتَهَتْ وَبِالْغَيْبَةِ مَا بَطَلَتْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَشَمِلَ مَا كَانَ طَرِيقُهُ السَّمَاعَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلِزُفَرَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الْإِمَامِ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَاخْتَارَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَعَزَاهُ إلَى النِّصَابِ جَازَ مَا بِهِ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافٍ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَخْرَسِ بِالْأَوْلَى سَوَاءٌ كَانَتْ بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ.

(قَوْلُهُ وَالْمَمْلُوكُ وَالصَّبِيُّ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْوِلَايَةِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُمَا عَلَى نَفْسِهِمَا فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمَا عَلَى غَيْرِهِمَا وِلَايَةٌ وَقَدَّمْنَا وَسَيَأْتِي أَنَّ

ــ

[منحة الخالق]

بِالتَّسَامُعِ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى وَإِنَّمَا أَكْثَرْت النَّقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا لِمُحَرِّرِهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ التُّرْكُمَانِيِّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُمَا وَلِلْمُؤْمِنِينَ اهـ. ذَكَرَهُ فِي مَجْمُوعَتِهِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُبْرَى وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت.

[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

(بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ) (قَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ) أَقُولُ: لَعَلَّ مَا فِي الْخِزَانَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْقَاضِي يَرَى ذَلِكَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ حَتَّى لَا يَجُوزَ لِلثَّانِي إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي إلَخْ) أَيْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ فِي بَحْثِ الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدِ فِيهِ وَنَصُّهُ قَضَى بِشَهَادَةِ مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَكَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُمَا عَبْدَانِ أَوْ كَافِرَانِ أَوْ أَعْمَيَانِ وَقِيلَ يَنْفُذُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ إذَا قَضَى بِشَهَادَةِ مَحْدُودِينَ قَدْ تَابَا ثُمَّ عُزِلَ أَوْ مَاتَ وَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا يَرَاهُ أَمْضَى الْقَضَاءَ الْأَوَّلَ اهـ.

أَقُولُ: وَسَيَأْتِي بَعْدَ سَبْعَةِ أَوْرَاقٍ عَدَمُ نَفَاذِ الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَهَلْ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي شَهَادَةِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ صَارَتْ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَلَمْ أَرَهَا؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ التُّهْمَةُ لَا الْفِسْقُ عَلَى مَا يُحَرِّرُهُ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا سَيَأْتِي فِي شَهَادَةِ الْعَدُوِّ وَهَذِهِ مِثْلُهَا (قَوْلُهُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْأَعْمَى وَقْتَ الشَّهَادَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ عُمِيَ بَعْدَ الْأَدَاءِ قَبْلَ الْقَضَاءِ يَقْضِي بِشَهَادَتِهِ قَالَ فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَقَوْلُهُ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ مَا كَانَ طَرِيقُهُ السَّمَاعَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ كَالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِالشُّهْرَةِ وَالتَّسَامُعِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ عِبَارَةُ الْفَتْحِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ فِيمَا طَرِيقُهُ السَّمَاعُ وَمَا لَا يَكْفِي فِيهِ السَّمَاعُ إذَا كَانَ بَصِيرًا وَقْتَ التَّحَمُّلِ أَعْمَى عِنْدَ الْأَدَاءِ إذَا كَانَ يَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْخُلَاصَةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ رَاجَعْنَا الْخُلَاصَةَ فَلَمْ نَجِدْ فِيهَا مَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَاخْتِيَارَهُ فَرَاجِعْهَا وَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْوِلَايَة إلَخْ) قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ الْوَكَالَةُ وِلَايَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ أَوَائِلِ عَزْلِ الْوَكِيلِ وَالْعَبْدُ مَحْجُورًا كَانَ أَوْ مَأْذُونًا تَجُوزُ وَكَالَتُهُ فَتَأَمَّلْ فِي جَوَابِهِ اهـ.

وَمِثْلُهُ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ يَعْقِلُ وَقَدْ يُقَالُ وِلَايَتُهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>