للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ رِضًا بِالْكِتَابَةِ وَلَا يَضْمَنَانِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُكَاتَبَةَ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِمَا بِفَضْلِ الْقِيمَةِ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُونَ مَا إذَا شَهِدَا عَلَى الْمُكَاتَبِ ثُمَّ رَجَعَا وَفِي الْمُحِيطِ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ مَوْلَاهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَأَنَّهُ قِيمَتُهُ وَقَالَ الْمَوْلَى: كَاتَبْتُهُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقُضِيَ ثُمَّ أَدَّاهَا ثُمَّ رَجَعُوا ضَمِنُوا أَلْفَ دِرْهَمٍ لِلْمُكَاتَبِ فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُكَاتَبُ الْكِتَابَةَ وَادَّعَاهَا الْمَوْلَى عَلَى أَلْفَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ وَيُقَالُ لِلْمُكَاتَبِ إنْ شِئْت فَامْضِ عَلَيْهَا أَوْ دَعْ. اهـ.

وَأَمَّا الثَّالِثُ فَفِي الْبَدَائِعِ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْمَوْلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ وَلَدَتْ مِنْهُ وَهُوَ يُنْكِرُ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَرَجَعَا فِي حَيَاتِهِ ضَمِنَا نُقْصَانَ قِيمَتِهَا بِأَنْ تُقَوَّمَ قِنَّةً وَأُمَّ وَلَدٍ لَوْ جَازَ بَيْعُهَا فَيَضْمَنَانِ النُّقْصَانَ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ وَضَمِنَا بَقِيَّةَ قِيمَتِهَا لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ فَرَجَعَا فِي حَيَاتِهِ ضَمِنَا قِيمَةَ الْوَلَدِ مَعَ ضَمَانِ نُقْصَانِهَا فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْوَلَدِ شَرِيكٌ فِي الْمِيرَاثِ لَمْ يَضْمَنَا لَهُ شَيْئًا وَرَجَعَا عَلَى الْوَلَدِ بِمَا قَبَضَ الْأَبُ مِنْهُمَا مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَخٌ ضَمِنَا لَهُ نِصْفَ الْبَقِيَّةِ مِنْ قِيمَتِهَا وَيَرْجِعَانِ عَلَى الْوَلَدِ بِمَا أَخَذَ الْأَبُ مِنْهُمَا لَا بِمَا قَبَضَ الْأَخُ وَلَا يَضْمَنَانِ لِلْأَخِ مَا أَخَذَهُ الْوَلَدُ مِنْ الْمِيرَاثِ فَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ وَفَاةِ الْمَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْوَلَدِ شَرِيكٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا وَإِلَّا ضَمِنَا لِلْأَخِ نِصْفَ الْبَقِيَّةِ مِنْ قِيمَتِهِمَا وَنِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لَا مِيرَاثَهُ وَلَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْوَلَدِ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى بِأَنْ تَرَكَ وَلَدًا وَعَبْدًا وَأَمَةً وَتَرِكَةً فَشَهِدَا أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ وَلَدَتْهُ هَذِهِ الْأَمَةُ مِنْ الْمَيِّتِ وَصَدَّقَهُمَا الْوَلَدُ وَالْأَمَةُ لَا الِابْنُ وَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَةَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَنِصْفَ الْمِيرَاثِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْقِصَاصِ الدِّيَةُ وَلَمْ يُقْتَصَّا) أَيْ ضَمِنَ شَاهِدًا الْقِصَاصِ بِرُجُوعِهِمَا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ دِيَةَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقْتَصُّ مِنْهُمَا لِوُجُودِ الْقَتْلِ تَسَبُّبًا فَأَشْبَهَ الْمُكْرَهَ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُعَانُ وَالْمُكْرَهُ يَمْنَعُ وَلَنَا أَنَّ الْقَتْلَ مُبَاشَرَةٌ لَمْ يُوجَدْ وَكَذَا تَسَبُّبًا لِأَنَّ السَّبَبَ مَا يُفْضِي إلَيْهِ غَالِبًا وَلَا يُفْضِي لِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ لِأَنَّهُ يُؤْثِرُ حَيَاتَهُ ظَاهِرًا وَلِأَنَّ الْفِعْلَ الِاخْتِيَارِيَّ مِمَّا يَقْطَعُ النِّسْبَةَ ثُمَّ لَا أَقَلَّ مِنْ الشُّبْهَةِ وَهِيَ دَارِئَةٌ لِلْقِصَاصِ بِخِلَافِ الْمَالِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ أَطْلَقَهُ فَيَشْمَلُ مَا إذَا رَجَعَ الْوَلِيُّ مَعَهُمَا أَوْ لَمْ يَرْجِعْ لَكِنْ إنْ رَجَعَ مَعَهُمَا خُيِّرَ الْوَلِيُّ بَيْنَ تَضْمِينِ الْوَلِيِّ الدِّيَةَ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ كَمَا لَوْ جَاءَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا عَامِلَانِ لَهُ وَاتَّفَقُوا عَلَى رُجُوعِهِمَا عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ وَبَيَانُ الْحُجَّةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الشَّرْحِ لِلزَّيْلَعِيِّ وَشَمَلَ مَا إذَا شَهِدُوا بِهِ فِي النَّفْسِ أَوْ مَا دُونَهُ وَقَيَّدَ بِالْقِصَاصِ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ صَالَحَهُ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى أَلْفٍ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا أَيُّهُمَا كَانَ الْمُنْكِرُ لِلصُّلْحِ وَقِيلَ: إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مُنْكِرًا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ لَهُ الْأَلْفَ وَالصَّحِيحُ جَوَابُ الْكِتَابِ وَتَمَامُهُ فِي الْمُحِيطِ وَفِيهِ شَهِدَا أَنَّهُ صَالَحَهُ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفًا وَالْقَاتِلُ يَجْحَدُ فَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا الْفَضْلَ عَلَى الدِّيَةِ وَقِيلَ: الصَّحِيحُ أَنْ يَضْمَنَا جَمِيعَ الْمَالِ قَالَ الطَّالِبُ: صَالَحْتُك عَلَى أَلْفٍ وَقَالَ الْخَصْمُ: لَا بَلْ عَنْ خَمْسِمِائَةٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ فَإِنْ بَرْهَنَ الطَّالِبُ وَقَضَى ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا الْخَمْسَمِائَةِ الْوَاجِبَةَ بِشَهَادَتِهِمَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَوَابَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى سَهْوٌ حَيْثُ أَجَابُوا بِعَدَمِ الضَّمَانِ شَهِدَا عَلَى الْعَفْوِ عَنْ دَمٍ فِيهِ مَالٌ أَوْ جُرْحُ عَمْدٍ فِيهِ مَالٌ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا الدِّيَةَ وَأَرْشَ الْجِرَاحَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ سَنَةٍ اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ شَهِدَا بِالْقَتْلِ خَطَأً ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا الدِّيَةَ فِي مَالِهِمَا وَكَذَا إذَا شَهِدَا بِقَطْعِ يَدٍ خَطَأً ضَمِنَا نِصْفَهَا وَكَذَا إذَا شَهِدَا بِسَرِقَةٍ فَقُطِعَ ثُمَّ رَجَعَا اهـ.

وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّ الدِّيَةَ الَّتِي عَلَى الشَّاهِدَيْنِ تَكُونُ فِي مَالِهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا وَلَا يُحْرَمَانِ الْمِيرَاثَ بِأَنْ كَانَا وَلَدَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُمَا يَرِثَانِهِ اهـ.

[شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ وَآخَرَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعُوا]

(قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْفَرْعِ ضَمِنُوا) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ صَدَرَتْ مِنْهُمْ فَكَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَيْهِمْ وَفِي الْمُحِيطِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ وَآخَرَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعُوا فَعَلَى شَاهِدَيْ الْأَرْبَعَةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَرَجَعَا عَلَى الْوَلَدِ بِمَا قَبَضَ الْأَبُ مِنْهُمَا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ لِاعْتِرَافِ الْوَلَدِ بِاشْتِغَالِ التَّرِكَةِ بِمَا أَخَذَ وَالِدُهُ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ أَخَذَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُمَا ظُلْمًا فَرَجَعَا فِي التَّرِكَةِ فَتَأَمَّلْ وَأَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ مِنْ مُسْتَحِقِّي هَذَا الْوَقْفِ فَقَضَى الْقَاضِي بِهِ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا لَا يَضْمَنَانِ شَيْئًا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْغَلَّةِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَاهَا عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ وُجُودِهَا وَقْتَئِذٍ حَتَّى لَوْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ الْغَلَّةِ مَوْجُودًا وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَحُكِمَ بِهِ يَضْمَنَانِ بِالرُّجُوعِ مَا أَخَذَهُ الشُّهُودُ لَهُ أَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمْ غَلَّةَ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ وَحُكِمَ عَلَيْهِمْ لَهُ بِهَا فَكَذَلِكَ يَضْمَنَانِهَا لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمْ بِشَهَادَتِهِمَا كَمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى هُنَا وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَقَدْ سُئِلْت عَنْهُ فَاسْتَخْرَجْت الْجَوَابَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْبَدَائِعِ الْمَذْكُورَةِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>