للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُلُثَا الضَّمَانِ وَعَلَى الْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَى الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَانِ الْجَامِعُ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى شَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ فَقُضِيَ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَأَحَدُ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِمَا ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْحَقِّ ثَمَنَانِ عَلَى الْأَوَّلِ وَثَمَنٌ عَلَى الْآخَرِ وَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ ضَمِنَ الرُّبُعَ وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ هَذَا الْفَرِيقُ الْآخَرُ كُلُّهُمْ ضَمِنَا رُبُعًا آخَرَ وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ فَرِيقٍ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَرَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ هَذَا وَوَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَا ثَمَنَيْنِ وَنِصْفًا وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ النِّصْفَ وَعَنْ الْكَرْخِيِّ يَضْمَنَانِ الرُّبُعَ وَعَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ الثُّلُثَ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمَبْسُوطِ جَوَابُ الْقِيَاسِ وَالْمَذْكُورَ فِي الْجَامِعِ جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَا شُهُودُ الْأَصْلِ بِلَمْ نُشْهِدْ الْفُرُوعَ عَلَى شَهَادَتِنَا أَوْ أَشْهَدْنَاهُمْ وَغَلِطْنَا) أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيهِمَا أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا السَّبَبَ وَهُوَ الْإِشْهَادُ فَلَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مُحْتَمَلٌ فَصَارَ كَرُجُوعِ الشَّاهِدِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقَضَاءِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ قَوْلُهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَضْمَنُونَ لِأَنَّ الْفُرُوعَ نَقَلُوا شَهَادَةَ الْأُصُولِ فَصَارَ كَأَنَّهُمْ حَضَرُوا وَلَهُمَا أَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِمَا يُعَايِنُ مِنْ الْحُجَّةِ وَهِيَ شَهَادَتُهُمْ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الِاخْتِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الشَّهَادَةِ إنَابَةٌ وَتَوْكِيلٌ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ تَحْمِيلٌ وَقَوْلُهُ غَلِطْنَا اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ قَالُوا: رَجَعْنَا عَنْهَا فَلَا ضَمَانَ أَيْضًا عِنْدَهُمَا وَلَوْ قَالَ بِرُجُوعِهِمْ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلِيُفْهَمَ إنْكَارُ الْإِشْهَادِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَوْ رَجَعَ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ ضَمِنَ الْفُرُوعُ فَقَطْ) أَيْ لَا الْأُصُولُ عِنْدَهُمَا لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ بِشَهَادَتِهِمْ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأُصُولَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْفُرُوعَ (قَوْلُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْفُرُوعِ كَذَبَ الْأُصُولُ أَوْ غَلِطُوا) لِأَنَّ مَا أُمْضِيَ مِنْ الْقَضَاءِ لَا يُنْتَقَضُ بِقَوْلِهِمْ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ مَا رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ إنَّمَا شَهِدُوا عَلَى غَيْرِهِمْ بِالرُّجُوعِ.

(قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْمُزَكُّونَ بِالرُّجُوعِ) أَيْ عَنْ التَّزْكِيَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يَضْمَنُونَ لِأَنَّهُمْ أَثْنَوْا عَلَى الشُّهُودِ فَصَارُوا كَشُهُودِ الْإِحْصَانِ وَلَهُ أَنَّ التَّزْكِيَةَ إعْمَالُ الشَّهَادَةِ إذْ الْقَاضِي لَا يَعْمَلُ بِهَا إلَّا بِالتَّزْكِيَةِ فَصَارَتْ فِي مَعْنَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ بِخِلَافِ شُهُودِ الْإِحْصَانِ لِأَنَّهُمْ شَرْطٌ مَحْضٌ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا أَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ عَبِيدٌ وَمَعَ ذَلِكَ زَكَّيْنَاهُمْ أَمَّا إذَا قَالَ الْمُزَكِّي: أَخْطَأْت فِيهَا فَلَا ضَمَانَ إجْمَاعًا وَقِيلَ: الْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَخْبَرَ الْمُزَكُّونَ بِالْحُرِّيَّةِ بِأَنْ قَالُوا هُمْ أَحْرَارٌ أَمَّا إذَا قَالُوا هُمْ عُدُولٌ فَبَانُوا عَبِيدًا لَا يَضْمَنُونَ إجْمَاعًا لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا وَأَطْلَقَ فِي ضَمَانِهِمْ فَشَمِلَ الدِّيَةَ لَوْ زَكُّوا شُهُودَ الزِّنَا فَرُجِمَ فَإِذَا الشُّهُودُ عَبِيدٌ أَوْ مَجُوسٌ فَالدِّيَةُ عَلَى الْمُزَكِّينَ عِنْدَهُ وَمَعْنَاهُ إذَا رَجَعُوا عَنْهَا بِأَنْ قَالُوا: عَلِمْنَا أَنَّهُمْ عَبِيدٌ وَمَعَ ذَلِكَ زَكَّيْنَاهُمْ أَمَّا إذَا ثَبَتُوا عَلَيْهَا وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ وَلَا تُحَدُّ الشُّهُودُ حَدَّ الْقَذْفِ لِأَنَّهُمْ قَدْ قَذَفُوا حَيًّا وَقَدْ مَاتَ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ وَقَالَا: الدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

(قَوْلُهُ وَشُهُودُ الْيَمِينِ) أَيْ وَضَمِنَ شُهُودُ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُمْ شُهُودُ الْعِلَّةِ إذْ التَّلَفُ يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ أَوْ التَّطْلِيقُ وَهُمْ أَثْبَتُوهُ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقَ فَيَضْمَنُونَ فِي الْأَوَّلِ الْقِيمَةَ وَفِي الثَّانِي نِصْفَ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي شَهِدَ أَنَّهُ أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَآخَرَانِ أَنَّهَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا السَّبَبَ وَالتَّعْوِيضُ شَرْطُ كَوْنِهِ سَبَبًا وَعَلَى هَذَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ جَعَلَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِيَدِ فُلَانٍ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ ثُمَّ رَجَعُوا وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالتَّعْلِيقِ وَآخَرَانِ أَنَّ الْمَأْمُورَ عَلَّقَ وَآخَرَانِ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ ثُمَّ رَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ التَّعْلِيقِ اهـ.

[شُهُودُ الْإِحْصَانِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ]

(قَوْلُهُ لَا شُهُودُ الْإِحْصَانِ) أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ حَقِيقَةً ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الشَّرْطَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوُجُودُ وَلَيْسَ بِمُؤَثِّرٍ فِي الْحُكْمِ وَلَا مُفْضٍ إلَيْهِ وَالْعِلَّةُ الْمُؤَثِّرَةُ فِي الْحُكْمِ وَالسَّبَبِ هُوَ الْمُفْضِي إلَى الْحُكْمِ بِلَا تَأْثِيرٍ وَالْعَلَامَةُ مَا دَلَّ عَلَى الْحُكْمِ وَلَيْسَ الْوُجُودُ مُتَوَقِّفًا عَلَيْهِ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْإِحْصَانَ شَرْطٌ كَمَا

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>