للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَلَّكْتُك حَيْثُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ لَوْ وَكَّلَهُ بِالْقِيَامِ عَلَى دَارِهِ وَإِجَارَتِهَا وَقَبْضِ غَلَّتِهَا وَالْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ وَلَا أَنْ يَرُمَّ مِنْهَا شَيْئًا وَلَيْسَ وَكِيلًا فِي خُصُومَتِهَا وَلَوْ هَدَمَ رَجُلٌ مِنْهَا شَيْئًا كَانَ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا فِي يَدَيْهِ وَكَذَا لَوْ أَجَرَهَا مِنْ رَجُلٍ فَجَحَدَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْإِجَارَةَ كَانَ خَصْمًا فِيهَا حَتَّى يُثْبِتَهَا وَكَذَا إذَا سَكَنَهَا وَجَحَدَ الْآجِرُ اهـ.

وَقَالَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالدَّيْنِ لَوْ وَكَّلَهُ بِتَقَاضِي كُلِّ دَيْنٍ لَهُ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ دَيْنٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ وَكِيلٌ فِي قَبْضِهِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ غَلَّةِ أَرْضِهِ وَثَمَرَتِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ كُلَّ سَنَةٍ اهـ.

وَقَالَ فِي بَابِ قَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ عَبْدٍ عِنْدَ رَجُلٍ فَقُتِلَ الْعَبْدُ خَطَأً كَانَ لِلْمُودَعِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ الْقِيمَةَ لِأَنَّهَا كَالثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ قَبَضَ الْعَبْدَ فَقُتِلَ عِنْدَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ وَهُوَ الْآنَ بِمَنْزِلَةِ الْأَوَّلِ وَلَوْ جَنَى عَلَى الْعَبْدِ جِنَايَةً قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْوَكِيلُ فَأَخَذَ الْمُسْتَوْدَعُ أَرْشَهَا فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ الْعَبْدَ دُونَ الْأَرْشِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ آجَرَهُ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ لَمْ يَأْخُذْ الْوَكِيلُ أَجْرَهُ وَكَذَا مَهْرُ الْأَمَةِ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ أَمَةٍ أَوْ شَاةٍ فَوَلَدَتْ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ قَبْلَ أَنْ يُوَكِّلَهُ بِقَبْضِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الْوَلَدَ وَكَذَلِكَ ثَمَرَةُ الْبُسْتَانِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا رُكْنُ التَّوْكِيلِ فَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَالْإِيجَابُ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَنْ يَقُولَ: وَكَّلْتُك بِكَذَا أَوْ افْعَلْ كَذَا أَوْ أَذِنْت لَك أَنْ تَفْعَلَ كَذَا وَنَحْوَهُ وَالْقَبُولُ مِنْ الْوَكِيلِ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْت وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ فَمَا لَمْ يُوجَدْ لَمْ يَتِمَّ وَلِهَذَا لَوْ وَكَّلَ إنْسَانًا بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَأَبَى أَنْ يَقْبِضَ ثُمَّ ذَهَبَ فَقَبَضَ لَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ لِأَنَّهُ ارْتَدَّ بِالرَّدِّ ثُمَّ الرُّكْنُ قَدْ يَكُونُ مُطْلَقًا وَقَدْ يَكُونُ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ نَحْوُ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْت وَكِيلِي فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ وَقَدْ يَكُونُ مُضَافًا إلَى وَقْتٍ بِأَنْ يُوَكِّلَهُ فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ غَدًا وَيَصِيرُ وَكِيلًا فِي الْغَدِ وَمَا بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ اهـ.

فَإِنْ قُلْتُ: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَالْإِرْسَالِ فَإِنَّ الْإِذْنَ وَالْأَمْرَ تَوْكِيلٌ كَمَا عَلِمْت قُلْتُ: الرَّسُولُ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَرْسَلْتُك أَوْ كُنْ رَسُولًا عَنِّي فِي كَذَا وَقَدْ جَعَلَ مِنْهَا الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَمَرْتُك بِقَبْضِهِ وَصَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ فِيهِ مَعْزِيًّا إلَى الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ مِنْ التَّوْكِيلِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ افْعَلْ كَذَا وَأَمَرْتُك بِكَذَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ أَمْرٍ يُفِيدُ التَّوْكِيلَ فِيمَا أُمِرَ بِهِ فَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ دَفَعَ لَهُ أَلْفًا وَقَالَ: اشْتَرِ لِي بِهَا أَوْ بِعْ أَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهَا أَوْ بِعْ وَلَمْ يَقُلْ لِي كَانَ تَوْكِيلًا وَكَذَا اشْتَرِ بِهَذَا الْأَلْفِ جَارِيَةً وَأَشَارَ إلَى مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَتْ مَشُورَةً وَمَا اشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ فَهُوَ لَهُ دُونَ الْآمِرِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ هَذَا بِأَلْفٍ إلَّا إذَا زَادَ عَلَى أَنْ أُعْطِيَك لِأَجْلِ شِرَائِك دِرْهَمًا لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْأَجْرِ لَهُ يَدُلُّ عَلَى الْإِنَابَةِ اهـ.

وَفِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ الْوَكِيلُ مَنْ يُبَاشِرُ الْعَقْدَ وَالرَّسُولُ مَنْ يُبَلِّغُ الْمُبَاشَرَةَ وَالسِّلْعَةُ أَمَانَةٌ فِي أَيْدِيهِمَا اهـ.

وَإِنَّمَا قُلْتُ فِي الْقَبُولِ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ السُّكُوتُ.

الرَّابِعُ فِي شَرَائِطِهَا وَهِيَ أَنْوَاعٌ مَا يَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَمَا يَرْجِعُ إلَى الْوَكِيلِ وَمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ بِهِ فَمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ كَوْنُهُ مِمَّنْ يَمْلِكُ فِعْلَ مَا وَكَّلَ بِهِ بِنَفْسِهِ وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ عِنْدَ شَرْحِ الْكِتَابِ وَمَا يَرْجِعُ إلَى الْوَكِيلِ فَالْعَقْلُ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ لَا الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَعَدَمُ الرِّدَّةِ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُرْتَدِّ وَلَا يَتَوَقَّفُ لِأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ مِلْكُهُ وَالْعِلْمُ لِلْوَكِيلِ بِالتَّوْكِيلِ فَلَوْ وَكَّلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ فَتَصَرَّفَ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ بَعْدَ عِلْمِهِ وَحَكَى فِي الْبَدَائِعِ فِيهِ اخْتِلَافًا فَفِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ شَرْطٌ وَفِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَيَثْبُتُ الْعِلْمُ إمَّا بِالْمُشَافَهَةِ أَوْ الْكِتَابِ إلَيْهِ أَوْ الرَّسُولِ إلَيْهِ أَوْ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ فُضُولِيَّيْنِ أَوْ وَاحِدٍ عَدْلٍ أَوْ غَيْرِ عَدْلٍ وَصَدَّقَهُ الْوَكِيلُ وَإِلَّا فَعِنْدَهُ لَا وَعِنْدَهُمَا نَعَمْ وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ بِهِ فَأَنْ لَا يَكُونَ بِإِثْبَاتِ حَدٍّ أَوْ اسْتِيفَائِهِ إلَّا حَدَّ السَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ وَعَمَّمَ أَبُو يُوسُفَ الْحَدَّ وَالْقِصَاصَ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ جَهَالَةٌ مُتَفَاحِشَةٌ كَمَا سَيَأْتِي.

الْخَامِسُ فِي حُكْمِهَا فَمِنْهُ ثُبُوتُ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ التَّوْكِيلُ وَمِنْهُ أَنْ لَا يُوَكِّلَ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ تَعْمِيمٍ -

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَصَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ إلَخْ) أَقُولُ: الَّذِي تَقَدَّمَ فِي بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ نَقْلًا عَنْ الْفَوَائِدِ جَعْلُ الْأَمْرِ مِنْ أَلْفَاظِ الرِّسَالَةِ لَا مِنْ أَلْفَاظِ التَّوْكِيلِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَوْكِيلٍ (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ أَمْرٍ يُفِيدُ التَّوْكِيلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَمْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ يَفْعَلُ أَمْرًا لِلْآمِرِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَفِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ إلَخْ) حَاصِلُهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ حَيْثُ قَالَ وَفِي الْمِعْرَاجِ قَبْلَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَكِيلِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُضِيفُ الْعَقْدَ إلَى الْمُوَكِّلِ وَالرَّسُولَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمُرْسِلِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} [المائدة: ٦٧] وَقَوْلِهِ {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام: ١٠٧] نَفَى الْوَكَالَةَ وَأَثْبَتَ الرِّسَالَةَ اهـ.

[شَرَائِطِ الْوَكَالَةُ]

(قَوْلُهُ لَا الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: أَيْ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ وَالْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ وَالِاسْتِعَارَةُ وَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةُ وَكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ بِهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَمِنْهُ التَّوْكِيلُ الْعَامُّ وَقَدْ صَنَّفَ صَاحِبُ هَذَا الْكِتَابِ فِيهِ رِسَالَةً فَسَمَّاهَا الْمَسْأَلَةُ الْخَاصَّةُ فِي الْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْوَكِيلَ وَكَالَةً عَامَّةً يَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَتَمَامُهُ فِيهَا اهـ.

قُلْت: وَتَقَدَّمَ صُورَةُ الْعَامَّةِ أَوَّلَ هَذَا السِّوَادَةِ وَسَيَأْتِي أَيْضًا أَوَّلَ الْمَقُولَةِ الْآتِيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>